حوار: سمر رضوان
بعد انتهاء مؤتمر “سوتشي” أو ما عُرف بـ “مؤتمر الحوار الوطني السوري”، تعددت الآراء حوله وحول مدى نجاحه من عدمه، كونه بعض المعارضات الخارجية لم تحضره أم غادرت قبل افتتاحه.
حول هذا الموضوع، استطلع مركز “سيتا” حيثيات المؤتمر من الدكتور شاهر الشاهر، أستاذ العلاقات الدولية ومدير المركز الوطني للبحوث والدراسات بدمشق وعضو وفد الجمهورية العربية السورية إلى سوتشي.
أبعاد “سوتشي”
يقول الدكتور الشاهر: “يمكن النظر إلى مؤتمر الحوار في سوتشي من ثلاث زوايا. أولاً من حيث الموضوع، يعد المؤتمر خطوة من أجل تحقيق السلام في سورية، ثانياً من حيث المكان، فمجرد انعقاد المؤتمر في روسيا الحليف والصديق للشعب السوري وقبول المعارضة بالمجيء إلى روسيا هذا له مدلول كبير بأنهم أتوا صاغرين بسبب موقفهم من التدخل العسكري الروسي في سورية. أما النقطة الثالثة والأخيرة فهي من حيث المشاركين، حيث كان الحوار سوري_ سوري دون تدخل مباشر من الأطراف الدولية أو المبعوث الدولي.”
ويرى الباحث الشاهر بأنه “نحن في سورية نعوّل على هذا المؤتمر من منطلق حرصنا على تحقيق السلام لبلدنا، ومن ثقتنا بحليفنا المستضيف لهذا المؤتمر ومن صوابية الموقف السوري الرسمي الذي كان يرى بأن مسار جنيف أصبح يعاني الكثير من العقبات. لكنني لا أعتقد أن سوتشي سيشكل مساراً بديلاً بل هو محطة هامة ربما لتصحيح مسار جنيف، فلو كان سوتشي مساراً مستقلاً لكان هناك لجنة متابعة وهذه وجهة نظري الشخصية.”
مخرجات المؤتمر
حول البيان الختامي الذي تم تسريبه قبل انعقاد المؤتمر وتضمنه لستّ لجان وهو ما تناقض مع مخرجات المؤتمر، يقول الدكتور الشاهر “أولاً التسريبات الصحفية عادةً ما تكون إما غير دقيقة وغير معلومة المصدر، أو تكون تسريبات مقصودة يكون الهدف منها “بالون” اختبار لمعرفة مواقف وآراء مختلف الأطراف.”
بالعودة للحديث عن مؤتمر سوتشي ولجانه، يرى الباحث الشاهر انه “من معرفتي بأنه لم يكن هناك أي طرح لفكرة اللجان الست، كم أنه ليس صحيحاً أن المؤتمر خرج بلجنة واحدة فقط. واقع الحال أنه قد انبثق عن المؤتمر ثلاث لجان؛ وهي اللجنة التنظيمية والتي عقدت اجتماعها الخاص وقدمت تقريرها إلى المؤتمر، وهذه اللجنة كما هو متعارف في كل المؤتمرات ينتهي عملها بإنتهاء أعمال المؤتمر. وكان هنالك لجنة للانتخاب والطعون، لكن هذه اللجنة لم تجتمع بسبب عدم الحاجة لذلك وبذلك يكون قد انتهى عملها أيضاً. أما اللجنة الثالثة، والأهم من وجهة نظري والتي تشكل جوهر المؤتمر وهدفه، هي لجنة النظر في الدستور الحالي (دستور عام 2012). وهنا أود التأكيد على أهمية التدقيق بالمصطلحات وألا تمر علينا العبارات التي تطلقها الأطراف الأخرى التي تحاول تمرير تسمية اللجنة بأنها لجنة صياغة دستور، فصياغة الدستور تحتاج إلى جمعية تأسيسية كما هو معروف أو لجنة لكتابة الدستور تسمى بمرسوم من رئيس الجمهورية وتفويض من مجلس الشعب، أما هذه اللجنة فقد شكلت لإعادة النظر في الدستور الحالي وتقديم مقترحات حوله. وهذه اللجنة تم الاتفاق عليها كما أراد وفد الجمهورية العربية السورية لتكون مؤلفة من 150 عضواً، 100 للحكومة السورية و 50 توزع لأطراف المعارضة. على أن تقوم الحكومة السورية بتسمية ممثليها في هذه اللجنة. ووجهة نظري أن هذه اللجنة لجنة فنية تخصصية يجب أن تضم رجال قانون وسياسة، وربما من الخطأ اعتبارها لجنة تمثيلية تضم ممثلين عن فئات الشعب السوري.”
اللجنة الدستورية ومجلس الشعب
وعن مطالب بعض القوى في المؤتمر بضرورة اختصاص مجلس الشعب في أي تعديل يصدر وذلك بناء على القانون السوري وهو ما قد يخلق نوعاً من العرقلة، يقول الدكتور الشاهر “من بديهيات القول أن هذه اللجنة تعمل وفق الطرق القانونية وفي ظل دستور عام 2012 والاحترام الكامل لأحكامه، وفي حال كان هنالك أي تعديل فيجب أن يمر ضمن الطرق القانونية المتعارف عليها في النظم السياسية كافة. أما عن قبول المعارضة بذلك، فأعتقد أن البيان يعكس موافقة ضمنية للمعارضة من حيث قبولها بأن عمل هذه اللجنة سينحصر في إعادة النظر في الدستور الحالي لا كتابة دستور جديد، أما بعض التصريحات المتشددة من قبل بعض أطراف المعارضة فهي تندرج ضمن “البروبوغاندا” السياسية والاستثمار الأمثل للأزمة السورية، ومحاولة ارضاء الدول التي تدعمهم. أنا أثق أن المعارضة في أسوأ مراحلها وأننا في سورية نحقق الانتصار الحقيقي الذي يسطره أبطال جيشنا العربي السوري.”
عفرين مقابل إدلب؟!
عن الدور التركي ومدى اعتباره عاملاً مساعداً للعامل الروسي واذا ما كان هناك أي اتفاق سري حول “غض النظر” عن عفرين مقابلة “رأس” النصرة في ادلب، يرى الدكتور الشاهر “جميع الدول تعمل وفقاً لمصلحتها الوطنية بالدرجة الأولى، أما الحديث عن رغبة تركية في انجاح المؤتمر فربما لان تركيا تشعر بالخذلان وخيبة الأمل من الحليف الأمريكي وتسعى لأن يكون لها نصيب من “الكعكة السورية” وأن لا تفقد أطراف المعارضة التي تدعمها تركية مقعدها في العملية السياسية القادمة. كما أن تركيا اليوم تجد نفسها أقرب إلى السياسة الروسية منه إلى السياسة الأمريكية التي أصبحت تدعم وبشكل علني إقامة إقليم كردي يهدد الأمن القومي لأنقرة دون أي اعتبار لمصلحة تركيا، لذا نجد أن تركيا اتجهت نحو روسيا بشرائها السلاح الروسي وخاصة صواريخ اس 400 رغم الاعتراض الأوروبي والأمريكي، وهي سابقة خطيرة لدولة عضو في حلف الأطلسي، وباعتقادي أن هذا سينعكس إيجاباً على الموقف التركي من الحرب في سورية. أما موضوع عفرين فلا اعتقد أن روسيا تساوم على وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية وهذا ما تعلنه صراحة، وأرى أن روسيا وسوريا يخططان لعملية عسكرية كبيرة في إدلب سوف تؤدي إلى القضاء على جبهة النصرة فيها وهناك معلومات عن قيام تركيا بسحب المقاتلين الأجانب (تركمان وايغور وأوزبك) من إدلب تمهيداً لإعادتهم إلى بلادهم. أما عن مستقبل التوغل التركي في الشمال السوري فإني على يقين بأنه لا مستقبل لهذا التدخل، هذا ما تعلمناه من دروس التاريخ لان هذا التدخل هو احتلال ولا مستقبل لاحتلال على مدى التاريخ.”
مصدر الصور: دي دبليو