حوار: سمر رضوان
تكتسب إتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية أهمية كبيرة نظراً لما تمثله من علامة فارقة في مسيرة التكامل الإقتصادي للقارة السمراء، ما يمهد الطريق إلى اندماج القارة، ودولها، في مؤسسات وآليات الإقتصاد العالمي بشكل فاعل ومؤثر.
حول قمة الإتحاد الإفريقي والتوقيع على إتفاقية التجارة الحرة بين دول القارة ومكاسبها ومعوقاتها وموقف الغرب منها، سأل مركز “سيتا” الأستاذ محمد السيد حمادة، نائب مدير تحرير جريدة الأهرام والخبير الإقتصادي المصري، عن هذا الموضوع.
سوق قاري كبير
بدأت مفاوضات التجارة الحرة القارية خلال الاجتماع الـ 18 لقمة الإتحاد الإفريقي الذي عقد في أديس أبابا، حيث تم التوقيع على أهمية المضي نحو تحقيق التكامل الإقليمي بين دول الإتحاد، وتم تحديد العام 2019 للوصول إلى الإتحاد الجمركي في القارة الإفريقية مروراً بمنطقة التجارة الحرة القارية وذلك بهدف وضع آلية لتحقيق منطقة التجارة الحرة القارية وعن طريق توقيعها من قِبل دول الإتحاد الـ 54.
وتهدف الإتفاقية إلى إزالة القيود الجمركية أمام حركة التجارة البينية؛ وبالتالي، خلق سوق قاري لكافة السلع والخدمات داخل القارة، التي تضم أكثر من مليار نسمة ويفوق حجم الناتج المحلي الإجمالي لهذه المنطقة نحو 3 ترليون دولار، مما يؤدي إلى إنشاء إتحاد جمركي إفريقي وتطبيق التعرفة الجمركية الموحدة تجاه واردات القارة الإفريقية من الخارج. وبالإضافة إلى هذا الإتفاق، تم التوقيع أيضاً على ثلاثة بروتوكولات إلى جانب هذا الإتفاق.
في هذا الشأن، كلنا يعلم مقررات البيان الختامي لقمة الإتحاد التي إستضافتها العاصمة الرواندية – كيغالي، خلال مارس/آذار العام 2018، التي أكد فيها المجتمعون رغبة الدول الأعضاء بتعميق التكامل التجاري بين الدول الإفريقية من خلال منطقة التجارة الحرة القارية، والتي سيتم العمل بالإتفاقية المخصصة لذلك إبتداء من 1 يوليو/تموز العام 2020.
جذب للإستثمارات
هناك رغبة حقيقية من قبل الدول الإفريقية في تحقيق التنمية داخل أفريقيا، مع الإقرار بوجود ظروف مختلفة لكل دولة من دول الإتحاد، مثل وجود بعض الدول التي يتحكم فيها بعض الساسة من خلال إستخدام القوة، وفرض الأمر الواقع على بعض الدول الأخرى. ولكن بالنتيجة، هناك رغبة حقيقية من قبل العديد من الدول الإفريقية لتفعيل هذا الإتفاق، خاصة بعد التصديق من قبل 22 دولة عليه وبدء سريانه، الذي سوف يساهم في تعزيز التبادل التجاري ما بين دول القارة.
إضافة إلى إزالة الحواجز التجارية أيضاً، نعلم أن التجارة البينية الآن بين الأفارقة تبلغ حوالي 20% ومن الممكن خلال الفترة المقبلة أن تزيد هذه النسبة بشكل كبير خاصة أن هناك إتجاه إلى تقليل الضرائب على السلع وإزالة الرسوم الجمركية لـ 90% من السلع خلال 5 سنوات.
بالإضافة إلى أن منطقة التجارة الحرة ستساهم أيضاً في جذب الإستثمارات الأجنبية للنفاذ إلى أسواق هذه المنطقة، وإلى تحسين السلع كي تستطيع أن تواجه السوق المفتوح في القارة السمراء.
معوقات التنفيذ
هناك العديد من العوائق التي ستواجه هذه الإتفاقية، خاصة أن السوق الإفريقية سوق كبيرة للمنتجات الأوروبية والأمريكية، إلا أن القارة السمراء من الممكن أن تستفيد من خلال دعم الصين وبعض القوى التجارية الناشئة الكبيرة التي لديها استثمارات كبيرة مع الإتحاد الإفريقي خاصة وأن معدل الصادرات الصينية إلى أفريقيا تقدر بنحو 195 مليار دولار في العام. من هنا، يمكن القول بأن الصين هي المرشح الأبرز للوقوف إلى جانب الإتحاد بهدف زيادة صادراتها للسوق الإفريقية لتعويض خسائرها جراء العقوبات الأمريكية على العديد من السلع الصينية.
وبالتالي، تراهن الصين على السوق الإفريقية وعلى منطقة التجارة القارية خاصة وأنها منطقة واعدة نظراً إلى حجمها، على صعيد السكان أو المساحة أو حجم التجارة البينية. كل هذه الأمور، قد تساعد في تحقيق نجاح لمثل هذه الخطوة.
رهان ومبادرات حل
ومما لا شك فيه أن الإتحاد الأوروبي سوف يتضرر من هذه الإتفاقية؛ بالتالي، من الممكن أن يُحدث بعض العقبات لتنفيذ بنود الإتفاق، والأمر ذاته بالنسبة إلى الولايات المتحدة التي تراهن على وجود بعض الدول الأفريقية غير المستقرة سياسياً وأمنياً ما يساهم في عرقلة تطبيق هذا الإتفاق.
من هنا، توجد مبادرات يقودها الإتحاد الأفريقي لوقف النزاعات والجلوس إلى طاولة المفاوضات من اجل حل الخلافات البينية بين المتصارعين من اجل تحقيق التنمية للقارة السمراء. فعندما يتحقق الإستقرار، تولد فرصة تحقيق التنمية الإقتصادية التي يحلم بها الشعب الإفريقي. من هنا، علينا إنتظار التنفيذ في 1 يوليو/تموز 2020.
مصدر الصور: نون بوست.