حوار: سمر رضوان
فرض الإتحاد الأوروبي عقوبات على وزارة الأمن وجهاز الإستخبارات الإيراني، بحجة اغتيال معارضين للنظام في أوروبا بغية الضغط على طهران لتحصيل مكاسب جديدة على الصعيدين الإقتصادي والسياسي، وتحويل الملف النووي إلى قضية دولية تكون محل تداول في مجلس الأمن الدولي، بحسب ما يتم تداوله من معلومات.
عن هذا الموضوع وتداعياته بما يتعلق في العقوبات الأوروبية وتأثيراتها على الإقتصاد الإيراني، وموقف الحكومة في طهران منها، سأل مركز “سيتا” الدكتور احمد مهدي، الأكاديمي والمحلل السياسي الإيراني، عن خلفيات هذه الأزمة.
الإستعانة بـ “مجاهدي خلق”
فرض الإتحاد الأوروبي حظراً وعقوبات على بعض المسؤولين في وزارة الأمن وجهاز الإستخبارات بحجة التخطيط لإغتيال معارضين، كما أعلنت الحكومة الدانماركية؛ فمن خلال هؤلاء المعارضين، تحاول بعض الدول الغربية وضعهم في الخط الأمامي وإبراز شخصياتهم على أن لهم الصدارة على صعيد صفوف المعارضة، وهذه مسألة غير صحيحة.
غير أن الإتحاد الأوروبي، وبحكم علاقاته الوطيدة مع الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي وكذلك حركة “مجاهدي خلق” الإرهابية المسماة بزمرة “المنافقين”، يخطط لقطع الطريق أمام إيران للإستفادة من مزايا الإتفاق النووي، وهذا هو الهدف؛ يأتي ذلك كله بعدما أن كان الإتحاد يحاول إبقاء إيران في الإتفاق وتنفيذ بنوده، ناهيك عن المساعدة في فتح قنوات مالية معها لتسهيل تعاملاتها المصرفية بعد فرض العقوبات الأمريكية عليها.
هناك محاولة أمريكية – إسرائيلية، وبإستخدام هذه الزمرة الإرهابية، لقطع التواصل والعلاقات بين الإتحاد الأوروبي وإيران وهذا الأمر يصب في محاولات التحريض والإستفزاز من أجل الضغط على طهران للخروج من الإتفاق، وحينئذٍ تكون الذريعة والحجة سائغة للولايات المتحدة، وبعض البلدان الغربية، لفرض المزيد من العقوبات الجديدة وإعادة الملف النووي إلى المربع الأول.
أبعاد العقوبات
إن لهذه الخطوة عواقب، على المديين القريب والبعيد، بالنسبة للعلاقات بين أوروبا وإيران. لكنني لا أتصور أن تصل العلاقات إلى “مأزق جاد” بحيث تؤدي إلى نشوء قطيعة على المستويات والصعد الإقتصادية والسياسية، وإنما تدخل في نطاق تكثيف الجهود من أجل الحصول على امتيازات من طهران والضغط عليها لوقف المطالبة بحقوقها المشروعة التي يضمنها لها الإتفاق.
إذاً، على المستوى القريب هناك بعض الضغوط التي يمارسها الجانب الأوروبي من أجل فرض حالة من الإبتزاز والضغوط عليها بهدف إعاقة مطالبها المشروعة في المجال الإقتصادي ضمن الإتفاق. أما على المستوى البعيد، فهناك تخطيط غربي بشكل عام، وأمريكي بشكل خاص تؤيده فرنسا، من أجل فرض شروط على إيران بما يخص ترسانتها الدفاعية، لا سيما القوة الصاروخية، وإعاقة امتلاكها لقوة ردعية تستطيع من خلالها ممارسة حقها المشروع في الدفاع عن النفس ضد أي اعتداء على حدودها البرية أو الجوية أو البحرية.
تدخل هذه الضغوط ضمن سياق التخطيط الإسرائيلي أيضا لقطع “أذرع” طهران في المنطقة، ولكي تكون الساحة مواتية للكيان الإسرائيلي في فرض شروطه وتغلغله في بلدان المنطقة وإعاقة جبهة المقاومة عن الوصول أو نيل أهدافها من خلال المواجهة لإحباط مخططاته التي ترمي إلى زعزعة الإستقرار.
ثبات إيراني
ما زالت طهران، ومن خلال تصريحات مسؤوليها، متمسكة ببنود الإتفاق ولا تفكر بالإنسحاب منه على الرغم من بعض المحاولات لدفعها في هذا الإتجاه. فهي على ما يبدو أدركت “اللعبة” وتكشفت لها العديد من الحقائق أبرزها محاولة الولايات المتحدة دفع أوروبا إلى “نصب فخ” لها من أجل الانسحاب من الإتفاق، وبالتالي يشكل ذلك حجة للدول الغربية وذريعة للعودة من جديد بهدف فرض عقوبات إضافية أخرى وإضفاء الصفة الدولية عليها من جديد. هذا الأمر بطبيعة الحال بات مكشوفاً، فطهران لن تقع فيها بهذه البساطة.
في المقابل، أعلنت إيران توصلها إلى نتيجة مفادها تغيير الإتفاق إذا لم يثمر عن أية نتيجة؛ فحينئذٍ، قد تفكر بطريقة أخرى من أجل نيل حقوقها وفق أساليب وخطط تقول إنها أعدتها مسبقاً لمواجهة جميع الظروف الطارئة.
إختلاف في السياسات
بالنسبة إلى أوروبا، لا يمكننا القول بأن توازي في سياساتها، مع إيران، السياسات الأمريكية بشكل كامل تماماً، بل إنها تدخل ضمنها في بعض الجوانب وتعارضها في جوانب أخرى كون الطرف الأوروبي، بشكل عام، يحاول انتهاج سياسة مستقلة عن تلك الأمريكية فيما يخص العلاقات مع إيران بالتحديد لأن المصالح المشتركة بين الفريقين على قدر من الأهمية.
بل أكثر من ذلك، فهناك تناقضات واضحة بين المصالح الأوروبية والسياسات الأمريكية، حيث يمكن متابعة ذلك من خلال الأزمات الإقتصادية التي تعاني منها دول الإتحاد، فهي ليست على “وئام” مع واشنطن التي تحاول استخدام بعض دوله كـ “لقمة سائغة” في سبيل نيل المزيد من المكاسب الإقتصادية وهو ما يبدو جلياً مع بريطانيا التي تواجه أزمة “البريكست”.
مصدر الصور: وكالة انباء فارس + focus.de.