كاليسترات أتودوري**
الوضع الروماني من العام 1989 حتى اليوم
رومانيا هي دولة شيوعية سابقة، ضمن حقبة امتدت إلى 15 عاماً، وهي اليوم مدرجة ضمن الإندماج الأورو – أطلسي. من أجل التعبير عن الواقع الروماني اليوم، أود أولاً أن ألقي نظرة مقارنة سريعة بين الوقائع الحالية ومثيلاتها قبل قيام ما سمي بـ “الثورة”، التي جلبت لنا التحرير والخصخصة والتقدمية والتوجه العام نحو العولمة. في جوهرها، أعتقد أنه يمكن للمرء أن يقول إننا في هذه السنوات الثلاثين انتقلنا من مرحلة القمع الشيوعي، ولكن على الأقل كنا لا نزال نمتلك موارد البلاد واقتصادها، إلى حالة سيئة من الإستعمار، بحيث أصبحنا اليوم دون أية سيادة، ولا صناعة ولا ملكية موارد ولا ثقافة وطنية.
دعنا ندخل إلى بعض التفاصيل. فيما يتعلق بالوضع الإقتصادي الروماني قبل العام 1989، قيل لنا حالياً أنه لا توجد بيانات رسمية حقيقية لأنها، وخلال زمن الشيوعية، كانت مزيفة؛ وبالتالي، فإن البيانات التي قدمتها حكومة تشاوشيسكو كانت مسيسة ومبالغ فيها. وعلى الرغم من أن هذه البيانات كانت تهدف على ما يبدو إلى تصوير “عظمة” الشيوعية و”الحاكم الحبيب” للشعب، إلا أن واقع النظام الإقتصادي كان معيباً وغير فعَّال. هل صحيح أن دعاية “جنون العظمة” كانت حقيقية تماماً؟ إن فكرة عدم وجود بيانات وأن النظام يعاني من خلل وظيفي يبدو أنها باتت شكلاً جديداً من أشكال التلاعب بالشعب.
بداية، دعونا لا ننسى أن رومانيا كانت واحدة من الدول القليلة جداً في العالم التي تمكنت، في ربيع العام 1989، من سداد ديونها بالكامل لصندوق النقد الدولي (21 مليار دولار). من ثم، يعرف كل من عاش تلك الأوقات، على سبيل المثال، أنه كان في كل مدينة، حتى الصغيرة منها، مشروعاً واحداً كبيراً على الأقل يضم المئات أو الآلاف من الموظفين. على وجه العموم، كان هناك حوالي 1200 مصنع وشركة كبرى في البلاد لديها إنتاج ضخم في العديد من القطاعات الأساسية، كالآلات والسيارات الكبيرة والصغيرة والصناعات الإستخراجية والملابس والصناعات الغذائية وغيرها، والتي كانت تصدر إلى الخارج. ووفقاً لبيانات نشرتها بعض وسائل الإعلام المركزية لوزير خارجية سابق ومن ثم مدير معهد الإقتصاد بالأكاديمية الرومانية، كونستانتين سيوتاكو – Constantin Ciutacu، كانت رومانيا، في الثمانينات، تعد من بين أكبر عشر دول صناعية قوية في أوروبا مع أسرع نمو إقتصادي.
في الوقت الحاضر، تسيطر الشركات غير الوطنية على أكثر من 90% من رأس المال المستخدم في اقتصاد البلاد؛ وفي تقرير صادر عن مجلس الشيوخ نشر للعموم مؤخراً، تبيَّن إن أكثر من نصف الشركات متعددة الجنسيات، التي تستغل مواردنا لمدة تزيد عن الـ 20 عاماً، لم تدفع أياً من الرسوم التي يتوجب عليها دفعها وفقاً للعقود المبرمة. اليوم، رومانيا تحتل المرتبة الثانية على لائحة الدول الفقيرة في الإتحاد الأوروبي، وأعلى نسبة تضخم في القارة.
نتيجة لذلك، خلال السنوات العشر الماضية هاجر أكثر من أربعة ملايين مواطن من السكان النشطين، من بين أفضل المدربين والمتعلمين، الذين يمثلون أكثر من 20% من سكان البلاد. هذا الأمر يجعلنا في المرتبة الخامسة ضمن قائمة الهجرة السكانية العالمية بنسبة أعلى بكثير من البلدان المجاورة.
العلاقة الرومانية – المولدوفية
لذلك، نرى ما يسمى بـ “فوائد” الدمج في الهيكل الأورو – أطلسي. أيضاً، بغض النظر عن مدى إنتقاد النظام السياسي الجديد للشيوعية، والذي لست من مؤيديها، يبدو أن الوضع الحالي أسوأ بكثير. على هذه الخلفية، أود التأكيد على اتجاه المفاوضات التي جرت من أجل تحقيق نهج “أوروبي” بين رومانيا وجمهورية مولدوفا. أنا أعتبر أن هذين البلدين هما شقيقين من نفس النوع، فلدينا نفس الدم (في الأصل) ونتحدث اللغة نفسها، ونحن متحدون بشكل أساسي على مستوى الروح والوعي. لكن التقلبات التاريخية ومصالح القوى العظمى وحدها هي التي وضعت، في العام 1940، رسَّمت خطاً مصطنعاً بيننا. أما إعتبار رومانيا بأنها محتلة من قبل الإمبراطورية العالمية، من الضروري القول هنا وبشفافية بأنه وفي هذ اللحظة بالذات يقوم التحالف الأورو – أطلسي بدعم إستئناف التقارب فيما بيننا كوسيلة بديلة عن الدخول بعلاقات عميقة مع روسيا. هذا هو هدفه الحقيقي.
ما تمثله روسيا اليوم
تُزعج روسيا الإمبراطورية العالمية من خلال معارضة خططها بفعالية. إلى جانب الصين، يقوم الإتحاد الروسي بتشكيل قطب واحد قوي يختلف عن نظام القطبية الأحادية الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة وأولئك الذين يحكمونها بالفعل، حتى إنهم لم يحاولوا إخفاء ما يريدون. حالياً، تعد روسيا القطب المسيحي الرئيسي في العالم، قطب المحافظين بالنسبة إلى كل ما يتعلق بالتقاليد الأخلاقية والروحية المسيحية التي كانت تشكل أساساً للثقافة الأوروبية بأكملها. ومع ذلك، فقد تم إقتلاع هذه القيم بالكامل تقريباً، في الغرب، من خلال الإعتداء على ما يسمى بالمعايير “التقدمية” والنظم “السياسية الصحيحة”.
من وجهة نظر عسكرية، من المهم الملاحظة بأن الإتحاد الروسي إستطاع إيقاف التوسع الإمبريالي الأمريكي الذي بدأ بعد العام 2001. إن العمل على إطاحة النظام في سوريا، بين العامين 2017 – 2018، سار على نفس منوال تغير الأنظمة السابق الذي تم فرضه على الدول، كالعراق وليبيا ودول الشرق الأوسط الأخرى، التي كانت، ومنذ فترة طويلة، على لائحة الدول التي تسعى الولايات المتحدة للسيطرة عليها. في كل هذه البلدان، هاجم الناتو، بقيادة أمريكية، تلك الدول بحجة “التدخلات الإنسانية” التي لم تجلب سوى الكوارث على جميع المستويات، كثمن للهيمنة الأمريكية. أيضاً، بسبب تدخل روسيا الحاسم، وبدعم من الصين، تم منع الإنقلاب في فنزويلا مؤخراً والذي تبعه عمل غير قانوني بالكامل تمثل بالإعتراف بـ “رئيس جديد”، والذي يعتبر دمية تحركها المخابرات المركزية – CIA. لا يزال الإتحاد الروسي عاملاً أساسياً في الحفاظ على السلام في الشرق الأوسط، وهنا أشير تحديداً إلى الإصرار الحقيقي للتحالف الأطلسي، بقيادة واشنطن، على مهاجمة إيران.
الموقف الدقيق لبلدان المنطقة العازلة بين روسيا والقطاع الأورو – أطلسي
بالنظر إلى هذا السياق الدولي المتوتر، أرى أنه من المفيد الإشارة إلى ضرورة قيام كل من رومانيا ومولدوفا، كما كل الدول الواقعة على الحزام الذي يربط البحرين الأسود والبلطيق، بإختيار تحالفاتهم بعناية. إن مثل هذا القرار يعد مهماً للغاية حيث تؤكد النظريات الجيو – سياسية أن هذه الدول تعد ممراً حيوياً للسيطرة على أوراسيا، الأرض القارية الرئيسية أي “قلب العالم”. إن هذه الدول تمتلك “مفاتيح” المواجهة بين التحالف العظيم (الأطلسي – القاري)، ولهذا السبب يبدو من الصعب على بلدان تلك المنطقة إتخاذ موقف حيادي أو إستقلالي ناجح.
برأيي، هناك شيء مهم آخر يجب التأكيد عليه وهو أن روسيا اليوم لم تعد الإتحاد السوفياتي السابق. بهذا المعنى، من المأمول النظر إلى الحقائق وليس الدعاية. إن أولئك الذين يهدفون إلى تشويه سمعة روسيا، يسعون إلى إدخال سلوكها الحالي ضمن الممارسات القديمة للإتحاد السوفياتي، لكن الفرق بات واضحاً لأي محلل موضوعي من وجهات النظر العسكرية أو السياسية أو الأيديولوجية أو الإقتصادية. في الوقت نفسه، يتم تصوير الولايات المتحدة، التي تدير التحالف الأورو – أطلسي، من قبل مؤيديها على أنها “ضامن” الديمقراطية والحرية في العالم. للتوضيح، يكفي النظر إلى سلوك كل من الإتحاد الروسي والولايات المتحدة وحلف الناتو على مدى السنوات العشرين الماضية. يهاجم حلف الناتو – أمريكا عدداً متزايداً من البلدان حتى بعد الحرب الباردة، والتي أدت إلى مقتل مئات آلاف الأشخاص وخلَّفت الفوضى فيها.
كيف تعمل العولمة؟
بناء على الملاحظات المستنتجة بمرور الوقت، يمكن للمرء أن يحدد بإيجاز كيف تعمل العولمة من أجل الإستيلاء على السلطة، والسيطرة على بلدان العالم. فيما يتعلق بالخط الإقتصادي الذي أوجد نظام “البترو دولار”، ما الذي يجعل من العملة الأمريكية عملة احتياطية عالمية؟ إن نظام البنوك الوطنية بات مركزياً وتحت سيطرة الكارتل الغربي العابر للوطن. يتم تشجيع الدول على الإقتراض إلى أن تصبح مديونة، ومن ثم تزيد الديون عليها بشكل كبير لتصبح أضعافاً مضاعفة. فزيادة الديون تجلب معها فقدان السيطرة على السيادة والموارد الطبيعية. أما الدول التي تميل إلى الخروج من النظام، فتخضع لعقوبات اقتصادية تؤثر عليها بشدة وذلك لأن الرافعة الأساسية للنظام تخضع لسيطرة النخبة العالمية. في الآونة الأخيرة، لم يكن هناك الكثير من البدائل. لكن الوضع تغير منذ أن بدأت المزيد والمزيد من الدول بفهم أن السبيل الوحيد للخروج من هيمنة الإحتكار العالمي هو التحالف مع الدول الأخرى من أجل إحياء نظام التعددية القطبية. في هذا الصدد، يمكن ملاحظة أن هناك عملية جدية لـ “إزالة الدولار” قد بدأت بالفعل.
على المستويين العسكري وشبه العسكري، رأينا كيف تعمل الإمبراطورية العالمية في حالة ما يسمى “الدول المارقة” بحيث تعمل على دعم وتمويل وحتى تنظيم “احتجاجات المعارضة”، مما يؤدي إلى قيام “الثورات الملونة” والتي تؤدي في نهاية المطاف إلى تغيير الأنظمة. أما إذا لم تكن هذه الأساليب كافية، يتم التحجج بـ “التدخل الإنساني”، وهنا يأتي دور الناتو بقيادة الولايات المتحدة.
على المستويين الإجتماعي والأيديولوجي، تم إضعاف هياكل الدعم المجتمعي، والتسلسلات الهرمية، والطبقات الإجتماعية: فئة المثقفين الأحرار ورجال الدين، ثم طبقة التجار الصغار المستقلين وبشكل عام الطبقة الوسطى بأكملها. تقسِّم العولمة المجتمع إلى قسمين؛ “النخبة” التي تتألف من قلة قليلة، وهم الأغنياء الذين يتمتعون بالسلطة؛ وعلى الجانب الآخر، توجد الكتلة العظمى من الناس الغارقين في الجهل والفقر، بحيث يتم التلاعب بأصواتهم وبمهارة من قِبل وسائل الإعلام التي تمتلكها تلك النخبة. لقد أصبحت الديمقراطية أداة لتفتيت المجتمع بدوافع المساواة وحقوق الإنسان. على سبيل المثال، في البلدان الحرة لم يعد يُسمح لك بالتعبير عن القيم الدينية المسيحية بشكل علني كي لا تسيء للآخرين، وبشكل أكثر دقة للمهاجرين. لهذا السبب، يجب عزل الدين المسيحي، في نظر المشرعين العالميين، وتهميشه وممارسة طقوسه بخصوصية تامة. أيضاً، يريد التقدميون عدم جعل الأسرة التقليدية نموذجاً أساسياً؛ يجادلون بأن زواج المثليين قد يكون عملاً جيداً، أو أن حقوق الفرد هي أكثر أهمية من حقوق المجتمع، وأن فكرة وجود “الأمم” قد باتت مسألة قديمة العهد.
إن الحقيقة تكمن في وحدة الإرادة العالمية والذاتية؛ فالعالمية يجب أن تكون موجودة ضمن الدولة، في قوانينها، وترتيباتها العالمية والعقلانية.
فيما يتعلق بمفهوم الأمة، أذكر على سبيل المثال أن الفيلسوف الألماني هيغل – Hegel قال بأن “الأمة” هي تعبير عن النظام الإلهي المسجد على الأرض: “إن وحدة الإرادة العالمية والذاتية وجدت، من وجهة نظر نموذجية، في الدولة وقوانينها، وترتيباتها العالمية والعقلانية”. على نفس المنوال، يعرِّف أحد أعظم المؤرخين والسياسيين الرومانيين، نيكولاي إيورجا – Nicolae Iorga، الأمة على أنها شراكة الضمير والروح بين أفراد تلك الأمة: “نحن لسنا معاً لأننا نمتلك نفس العادات النظامية، نفس الإدارة، نفس الظروف اليومية، ولكن لأن الروح نفسها تحفزنا جميعاً”.
ومع ذلك، نرى أن التقدميين وأصحاب “الفكر السياسي الصحيح” للمجتمع الأورو – أطلسي يميلان اليوم إلى توحيد وتصنيف هذا الملجأ العميق على مستوى الوعي والروح القومية. وبهذه الطريقة، ينتج تكتل مسطح غير متبلور بدون أي بُعدٍ رأسي: الجذور في التقاليد والطموح الجماعي، وفقاً للنموذج الإلهي.
الإتصال بالمصدر (الله) هو الوسيلة الأقوى
الفكرة الأخيرة التي أود تسليط الضوء عليها هي أن البديل الحقيقي للنظام العالمي لا يمكن أن ينجح إلا في حالة حدوث طفرة على المستوى السكاني العام. ومهما كانت الأفكار التي نمتلكها جيدة وإذا لم يتم استيعابها ومن ثم دعمها من قبل الناس، فإن النظام سيظل عرضة للإنقلابات والفساد والتلاعب. إن أهم تحول هو الإعتراف بـ “البُعد الرأسي” الذي قد أشيرت إليه سابقاً، وخاصة إعادة الإتصال بالمصدر الإلهي. الله هو الحليف الذي لا يقهر. هذا هو بالضبط ما يجعل البعض يحاول جعلنا غير مدركين أو متناسيين.
*ألقيت في “منتدى شيشيناو” الثالث بعنوان: المؤتمر الدولي “بعيداً عن لحظة الأحادية القطبية – توجهات متعلقة بعالم ناشئ متعدد الأقطاب” الذي عقد في سبتمبر/أيلول 2019.
**باحث في الفلسفة والعلوم الإنسانية – رومانيا.
المراجع:
- Ion LonginPopescu, Prof. dr. Constantin Ciutacu: „Clasa politică apare ca un veritabil detaşament al legiunii străine”, Cotidianul, 13 noiembrie 2014, https://www.cotidianul.ro/prof-dr-constantin-ciutacu-clasa-politica-apare-ca-un-veritabil-detasament-al-legiunii-straine/
- Constantin Cojocaru, Centenarul unui stat în captivitate, Justițțiarul, 8 noiembrie 2018, http://www.justitiarul.ro/centenarul-unui-stat-in-captivitate/; vezi și Ilie Şerbănescu, Colonialismul actual şi colonia sa România, Editura Mica Valahie, 2018, pp. 219-220
- Andrei Nicolae, Senatorul PNL Daniel Zamfir face acuzații GRAVE: Peste jumătate din firmele străine care exploatează resursele naturale ale României NU au plătit niciun leu din redevențele datorate statului român. Agenția Națională a Resurselor Minerale, COMPLICE, ActiveNews, 7 decembrie 2017, https://www.activenews.ro/economie/Senatorul-PNL-Daniel-Zamfir-face-acuzatii-GRAVE-Peste-jumatate-din-firmele-straine-care-exploateaza-resursele-naturale-ale-Romaniei-NU-au-platit-niciun-leu-din-redeventele-datorate-statului-roman.-Agentia-Nationala-a-Resurselor-Minerale-COMPLICE-147969
- Involuția sărăciei: România și Bulgaria sunt departe de restul țărilor UE, Perol.ro, 19 august 2019, https://perol.ro/involutia-saraciei-romania-si-bulgaria-sunt-departe-de-restul-tarilor-ue/
- Laura Albu, România, cea mai mare rată anuală a inflaţiei din UE, Mediafax, 19 august 2019, https://www.mediafax.ro/economic/romania-are-cea-mai-mare-rata-anuala-a-inflatiei-din-uniunea-europeana-18294393
- Raport OCDE:România ocupă locul 5 în topul ţărilor cu cei mai mulți emigranţi. Află ce statistici deține diaspora românească, perol.ro, 16 iulie 2019, https://perol.ro/raport-ocde-romania-ocupa-locul-5-in-topul-tarilor-cu-cei-mai-multi-emigranti-afla-ce-statistici-detine-diaspora-romaneasca/; Raportul original la https://read.oecd-ilibrary.org/employment/talent-abroad-a-review-of-romanian-emigrants_bac53150-en#page3
- G.W.F. Hegel, Philosophy of Law, in Jacob Loewenberg (ed.), Hegel: Selections (New York: C. Scribner’s Sons, 1929), § 331
- Discurs din anul 1906 al lui Nicolae Iorga, citat în „Discursuri ale marilor români, valabile și astăzi”, Matricea românească, 16 martie 2017, https://matricea.ro/discursuri-ale-marilor-romani-valabile-si-astazi-iv-nicolae-iorga-numai-pe-vorbirea-limbii-nationale-se-poate-intemeia-sentimentul-de-solidaritate-nationala
مصدر الصورة: منظمو المؤتمر.