إعداد: مركز سيتا
أقرت اللجنة الثانية للجمعية العمومية للأمم المتحدة، في 14 أكتوبر/تشرين الثاني 2019، مسودة قرار بعنوان: “بقعة الزيت على الشواطئ اللبنانية”، والتي تطالب إسرائيل بتحمل المسؤولية وتعويض حكومتي كل من لبنان وسوريا، على الفور، عن تكاليف إصلاح الأضرار البيئية الناجمة عن قصف بيروت، في العام 2006، والذي قدمته فلسطين، بصفتها رئيسة مجموعة الـ 77، والصين.
إنصاف لبنان
أقرت اللجنة على المسودة بموافقة 158 صوتاً ومعاضة 9 أصوات، حيث صوتت لصالح القرار معظم دول مجموعة الـ 77 والصين ودول الإتحاد الأوروبي، وصوتت ضده 9 دول وامتنعت 6 دول عن التصويت. وقال ممثل لبنان لدى الأمم المتحدة في هذا السياق إن “موافقة المجتمع الدولي على القرار يؤكد رغبته في التمسك بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، معترفاً بأن الضرر البيئي يعوق تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.”
ومن خلال هذا القرار، وجهت اللجنة الثانية مجدداً لإسرائيل للرد بتعويض سريع ومناسب للبلدان المتضررة، يأتي ذلك في وقت يستمر لبنان في تعبئة الموارد والوسائل القانونية لضمان دفع هذا التعويض بالكامل. هذا القرار سترفعه اللجنة الثانية إلى الجمعية العامة ليتم التصويت عليه، أواخر شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل 2019، حيث تم تقدير التعويضات بقيمة 856.4 مليون دولار، العام 2014، ليحتفظ لبنان بحق الفائدة المتراكمة بعد هذا التاريخ.
في هذا الصدد، يقول الدكتور عمران زهوي، الكاتب والباحث السياسي اللبناني، لـ “سيتا” أنه “بإعتقادي لن تقوم حكومة الكيان الإسرائيلي بتنفيذ هذا القرار، فتاريخها ولغاية اليوم معروف بكيفية التعاطي مع كل القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، كالقرارين 425 و194. ستبقى الإمبريالية الصهيو- أمريكية كما هي تضرب بعرض الحائط كل القرارات التي تدين إسرائيل.”
ويضيف زهوي “من هنا، أعتقد أن القرار غير قابل للتنفيذ من قبلهم. وأما الصمت اللبناني حول هذا الموضوع، فيعود إلى الوضع الراهن والمأزوم الذي تعيشه البلد وخاصة أن الحكومة مستقيلة وهي ضمن فترة تصريف الأعمال لا أكثر.”
حل النزاع
من هنا، استحدث ميثاق الأمم المتحدة نظاماً للأمن الجماعي ضمنه الفصل السابع منه، وخاصة المادتين 39 و42، وهما اللتين أعطتا مجلس الأمن مهمة تطبيق الوقائع والأحداث وتحديد ما إذا كان من شأن إستمرار النزاع أن يهدد السلم والأمن الدوليين وإتخاذ التدابير المناسبة. ولكن السؤال المحوري هنا: هل من الممكن أن يتم إستخدام مثل هذه الإجراءات ضد إسرائيل مع وجود الفيتو الأمريكي، بالتحديد؟ من خلال السوابق التاريخية، بالجواب بالتأكيد لا.
إلى ذلك، يرى الأستاذ معن الأسعد، رئيس التيار الأسعدي اللبناني، بأن القرار “تاريخي نادر جداً حيث يلزم العدو الصهيوني بدفع تعويض للبنان جراء قصفه لمنشآت مدنية حيوية إبان عدوان 2006. هذا القرار يمثل اعترافاً واضحاً وصريحاً بإدانة الإنتهاكات الصهيونية من أعلى هيئة أممية، أي منظمة الأمم المتحدة، إضافة إلى أنه يشكل إنتصاراً للبنان ولمقاومته.”
لا مبالاة
على المقلب الآخر، رفضت الحكومة الإسرائيلية بشدة القرار إذ لفتت بعثتها الدائمة في الهيئة الأممية إلى أن “هذا هو النوع من قرارات الأمم المتحدة الذي اعتدنا عليه: الخلط بين التاريخ البديل والتسييس والتلاعب والمصلحة الذاتية ضيقة الأفق”، وأوضحت البعثة أن “الأمم المتحدة لم تتوقف أبداً عن التحقق من تكلفة الحرب على إسرائيل. وبصرف النظر عن التكلفة الكبيرة للخسائر البشرية، تسببت الحرب بأضرار بيئية هائلة في شمال البلاد. كل ذلك، من دون ذكر حتى أن الحرب كانت نتيجة لمنظمة حزب الله”، مشيرة الى أنه “حان الوقت كي تنظر الأمم المتحدة حولها وتلاحظ المصادر الحقيقية للتهديدات ضدها”.
موقف خجول
أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين أن “اللجنة الثانية التابعة للأمم المتحدة صوتت في 14 أكتوبر/تشرين الثاني 2019 على قرار البقعة النفطية على الشواطىء اللبنانية التي تسببت بها إسرائيل إبان عدوان تموز 2006، والذي قدمته فلسطين بصفتها رئيسة مجموعة الـ 77 والصين”، مشيرة إلى حق لبنان في المبلغ وفوائده منذ العام 2014 إلى اليوم.
إلى ذلك، أوضحت مندوبة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة، أمل مدللي، في تغريدة عبر “تويتر” أن “القرار ليس قراراً جديداً. وتم التصويت لأول مرة في العام 2006 من قبل الجمعية العامة بموجب القرار 61/194، ويتم التصويت عليه كل عام.”
أخيراً، يمكن القول بأن هذا القرار يندرج تحت بند الدفع المعنوي أكثر من المادي والذي لن يحصل، إذ لم تدفع إسرائيل أية تعويضات لأي بلد كان سبق وأن تسببت له بأضرار. وفي ظل تخوف من أن قبول التعويض سيشكل إعترافاً قانونياً بإسرائيل، يبقى هذا القرار، غير الملزم، حبراً على ورق أو ذراً للرماد في العيون. إلا أن اللافت في الأمر هو الصمت الرسمي اللبناني الحالي حوله، إذا ما تم إستبعاد بيان الخارجية اللبنانية شبه الروتيني؛ فهل يعود سبب ذلك لعدم وجود حكومة أصيلة؟ وهل ستقوم الحكومة الجديدة بملاحقة الموضوع بشكل جدي وفعَّال؟ تساؤلات مشروعة ستبينها الأيام القادمة خاصة لجهة عودة أزمة الحدود البحرية حول التنقيب عن الغاز والنفط بين لبنان وكيان الإحتلال بعد القرار الأخير.
مصدر الأخبار: سيتا+ وكالات.
مصدر الصور: Green Area – النهار.
موضوع ذو صلة: مجلس الأمن “يفشل” بتحقيق الطموح الإسرائيلي