يرى المؤرخ الروسي، بوريس ياكيمنكو، أن “هناك إعتقاد في روسيا فحواه أن الرئيس، مثل القيصر عند ولادته، ينبغي أن يتمتع بمكانة خاصة عند الله.”
يبدأ الكاتب مقاله بسؤال هام: من أين تأتي الديمقراطية في الغرب؟ الجواب يكمن في أن الأخير تعلم الديمقراطية من المذهب البروتستانتي – المسيحي الذي يشجع على التحاور مع الله، والحوار مع الأصدقاء حيث بنيت معظم تعاليم هذا المذهب على إستنتاجات لحوارات لا متناهية. من هنا، يجب عدم نسيان الفترة الرومانية التي بنت أُسسها على الحوار في الساحات والميادين العامة المفتوحة، وهو ما أدى الى نشأة قواعد علم التفاوض بين الناس والدولة أو السلطة.
ولإظهار الفكرة في الشكل الديني، يشير ياكيمنكو إلى مسألة طقوس الصلاة لا سيما في الكنائس الشرقية، والتي تختلف عن الغربية، إذ تقام في معبد مفتوح، وظهر الكاهن موجه نحو الناس، وأصوات الترانيم تعلو في أرجاء المكان بحيث ينعدم الحوار والتواصل؛ كل ما عليك فعله، هو إتباع رجل الدين (أبونا) وتتبع خطواته ليس إلا. إنك لا تستطيع أن ترى سوى ظهره وهو يقف لوحده مع الله والدولة؛ أما نحن، فعلينا الإلتزام بالصمت والموافقة على كل ما يقوله لنا.
الإنتخابات والإيمان
فيما يخص مسألة القيادة، يجيب الكاتب على سؤال هام وهو: هل من الممكن أن يصبح أي شخص رئيساً في روسيا؟ الجواب لا بالطبع فالرئيس، كالقيصر، يجب ان يولد مباركاً من الله وله مكانة وقدسية خاصة عنده بحيث لا يمكن اختراقه.
لهذا السبب، لا يؤمن الشعب الروسي بالإنتخابات، إذ لا يمكن لهذا الشعب معرفة نتيجة خياره للرئيس، إن كان صحيحاً أم خاطئاً وإن كان الأخير قد قام بواجبات الحكم أم لا، إلا بعد إنتهاء الولاية الرئاسية.
مراحل تاريخية
لقد سيطر كل من القوة الصارمة والرعب على الأراضي الواسعة لروسيا في الفترات التاريخية الماضية. هذا الأمر، دفع المؤرخ ياكيمنكو لطرح عدد من التساؤلات أبرزها: هل كان الحوار سينفع مع إيفان الرهيب؟ هل كان من الممكن أن تكون الديمقراطية هي الحل، خلال فترة حكمه، في وقت كان يسيطر فيه على 10 مناطق مختلفة من خلال منطق وحيد ألا هو “منطق القوة”؟
لا يقتصر الأمر على روسيا القديمة فقط، بل على روسيا في فترة التسعينات أيضاً. وأكبر مثال حي على ذلك هو الرئيس الروسي الراحل، بوريس يلتسن، الذي رفض التخلي عن السطلة ما أدى إلى نتائج كارثية. لكن الكاتب يضيف بأن الرئيس يلتسن لم يقوم بزج أقربائه في الكرملين والسلطة، ولهذا السبب هاجروا من روسيا إلى أوروبا حيث يتمتعون بالرفاهية والحياة العادلة.
في تلك الفترة، وبحسب الكاتب، لم يفهم الناس أن الديمقراطية كانت غير مناسبة من حيث أن مشاركة عدد كبير من الأشخاص في السلطة سيكون أفضل، بل على العكس من ذلك. إن الإكثار من الأشخاص ممارسي السلطة يعني زيادة في الأخطاء؛ وبالتالي، كان من الممكن للرئيس حينها الإختباء خلف أخطاء الآخرين وإلقاء اللوم عليهم.
أهمية القانون الكنسي
في مقاله، يذكر الكاتب القراء بقانون الكاتدرائية الروسية الذي كتب في القرن السابع عشر، وتحديداً في العام 1649، والذي إستمر العمل به حتى نهاية القرن التاسع عشر. اليوم في روسيا وعلى الرغم من وجود 450 نائباً، الا أنهم لا يفعلون شيئاً واحداً جيداً للشعب، فهم لا يريدون أن يخسروا مزاياهم ورواتبهم العالية.
*حق النشر باللغة العربية تم بإذن من المصدر: وكالة “رياليست” الروسية
مصدر الصور: سبوتنيك.
موضوع ذو صلة: تساتوريان: روسيا مسؤولة عن حماية العِرق والدين