شارك الخبر

عبد العزيز بدر القطان*

إن اللعبة الديمقراطية الحديثة، في بعض البلدان المتقدمة، لم تكتفِ بحصر صلاحية البرلمان بوضع التشريعات الضامنة لحرية الإنتخاب وحرية إنشاء الأحزاب السياسية وتعددها، بل فرضت أن يكون البرلمان ممثلاً للشعب في تعددية إتجاهاته السياسية. ولهذا، فإنه يتمتع بدور كبير في البلدان الديمقراطية لجهة ضمان حقوق الإنسان عن طريق سن القوانين، وحتى بما يتعلق في ميزانيات تلك الدول.

ليس هذا فحسب، بل إن بعض البلدان الديمقراطية أنشأت رقابة إدارية حديثة عن طريق البرلمان، ومنها على سبيل المثال، ما أوجدته نيوزيلندا والبلاد الإسكندنافية ما يسمى “الأمبودسمان”، الذي يراقب أخطاء الإدارة بسلاسة ويخفض إلى أدنى حد إحتمالات سوء الإدارة.

كما دعت بعض المؤتمرات الدولية للحقوقيين إلى أنه يجدر بالبرلمان أن يعين لمدة محدودة موظفاً كبيراً، يكون مستقلاً كلياً عن السلطة التنفيذية، وألا يكلف بذلك إلا البرلمان، وله أن يعمل من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أصحاب الشأن، كما يجب أن توضع تحت تصرفه جميع المستندات والملفات والمحفوظات في جميع المصالح، ومن بين صلاحياته إستدعاء الشهود وسماعهم بالطرق القضائية، ومن ثم عليه أن يقدم تقريراً للبرلمان، مرة واحدة في العام على الأقل، مع نشر هذا التقرير على أوسع نطاق.

هذا النموذج، أعجب العديد من البلدان الذين قلدوه منذ أكثر من ثلاثين سنة، لكن جاء بتسميات مختلفة. ففي الإتحاد السوفييتي السابق، أنشئ ما يسمى بـ “البروكوراتورا”، الموجهة من قبل النائب العام للإتحاد السوفييتي، وهي تمارس رقابة شاملة على الإدارة والأعمال الإدارية وتعمل على إحترام مبدأ تسلسلية الأعمال.

أما في ألمانيا وبريطانيا، فقد أنشأتا نموذجاً مشابهاً للإتحاد السوفييتي السابق، وفي فرنسا تم سن قانون يحدد من قبل الحكومة، ومدته ست سنوات لكل شخص بإستثناء الموظفين، لأي شخص التقدم بشكوى عند وجود حالة ما ومن ثم يتم التحقيق عن سوء الإدارة الحاصلة، مع تيسيرات حكومية من سلطة واسعة للتحقيق والتقصي والنُصح والتوجيه بما في ذلك إقتراحات الإصلاح.

أخيراً، مما لا شك فيه أن لمثل هذه الأجهزة دورها البناء في التوصل إلى فرض جزاء ضمن الأصول المحددة عند الإخلال بالقواعد المتعلقة بحقوق الإنسان، وهذا الجزاء قد يتدرج من إصدار توصيات علنية أو تقديم تقارير أو إقامة دعاوى تأديبية، حتى تحريك دعاوى عامة.

*مستشار قانوني – الكويت.

مصدر الصورة: موقع Monet Pl.

موضوع ذا صلة: حقوق الإنسان الإقتصادية والإجتماعية


شارك الخبر
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  • 1
  •