كيفورك ماكس خاجيريان*

يبدو أن “الحكم الدكتاتوري” ليس سمة مختصة بالعرب كما يحاول الغرب تسميتها. فمنذ أيام، سمعنا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يرفض التنازل عن السلطة بالرغم من وجوده فيها لعقدين، ما يعتب تدمير الدعاية الإسرائيلية التي تدعي الديمقراطية ويضع كيانه أمام وضع مناقض لذلك.

إن اتهامات الرشوة والإحتيال وانتهاك الثقة التي يقدمها المدعي العام، أفيخاي ماندلبليت، جعلت نتنياهو أول رئيس وزراء إسرائيلي يواجه اتهامات جنائية؛ فبعد فشله لمرتين في تشكيل حكومة، يبدو أن لوائح الإتهام ضده ستتركه مصاباً بجروح قاتلة في ساحة المعركة السياسية. ففي حملتين إنتخابيتين سابقتين، تفوق نتنياهو، ضمن إستطلاعات الرأي، على الذين توقعوا له الهزيمة. وعلى مدى السنوات العشر الماضية من الحكم المتقطع كرئيس للوزراء، تمكن بحكمته صد منافسيه، من اليسار واليمين والوسط. رغم ذلك، ظهرت بعض الشقوق في حزب الليكود وهو ما سيشكل تهديداً له خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة.

ففي أكتوبر/تشرين الأول 2019، قال جدعون سار، وزير التعليم السابق، إنه يريد الترشح ضد نتنياهو في الإنتخابات التمهيدية للحزب في حالة إجراء انتخابات جديدة، إذا جمع عدداً كافياً من أصوات الليكود خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، ما قد يعني ترك نتنياهو لـ “مصيره” لجهة تجنب أي تصويت جديد خصوصاً وأن العديد من إستطلاعات الرأي تفيد بأن أن 60% من الإسرائيليين يعارضونه.

إلى ذلك، قال جوناثان رينهولد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بار إيلان الإسرائيلية، أنه “إذا حدث ذلك، فستكون لدينا حكومة بسرعة كبيرة، إذا شعر برلمانيون الليكود بأن الحزب سيعاقب في صندوق الإقتراع لكونه تسبب في إجراء إنتخابات برلمانية ثالثة”، وإحتمال التخلي عن رئيس الوزراء قد يصبح أكثر إغراء.

يوسي فيرتر، المعلق السياسي في صحيفة هآرتس الليبرالية، علق قائلاً إن نتنياهو “سيقاتل مثل الأسد الجريح.. لقد تم ترك تسعة عشر يوماً لأعضاء الكنيست ليجدوا مخرجاً قبل أن ننجر إلى حملة انتخابية ثالثة. لقد تم وضع المعضلة الرئيسية أمام الـ 31 من الليكود (أعضاء الكنيست).. الأمر متروك لهم لتقرير ما إذا كانوا سيظلون موالين لرئيس الوزراء وهو يدفع إسرائيل إلى حافة الهاوية.”

قبل أن يتمكن نتنياهو من بدء حملته الإنتخابية الجديدة، يجب عليه تسيير “عقارب “ساعة الكنيست المنتخب، 17 سبتمبر/أيلول 2019، المتعثرة، حيث أنه قد فشل، في أكتوبر/تشرين الأول، بتشكيل حكومة. وقبل يوم واحد فقط من إتهام ماندلبليت، أقر بيني غانتز، منافسه السياسي وقائد الجيش السابق ورئيس حزب “أزرق أبيض” الوسطي، بأنه قد فشل بدوره في تشكيل حكومة ائتلافية.

خلال هاتين الجولتين من المحادثات، “رقص” نتنياهو وغانتز على طاولة المباحثات لتشكيل حكومة وحدة يتقاسمان السلطة فيها، لكنهما لم يتفقا على رئاستها ليعلن الأخير بأنه لن ينضم إلى حكومة يتهم فيها رئيسها بلائحة إتهام جزائية.

‎الآن، وجد الكنيست لنفسه فترة عمل إضافية بعد الإنتخابات، خصوصاً وأن أمام البرلمانيين الإسرائيليين أقل بقليل من ثلاثة أسابيع للعثور على أغلبية من 61 عضواً لإختيار نائب واحد ليشكل حكومة إئتلاف. فهذان الشهران من الجمود، لم يرد مثلهما في تاريخ إسرائيل.

يأتي ذلك في وقت طالب فيه غانتس المدعي العام بدعوة نتنياهو إلى الإستقالة على الفور. وعلى الرغم من أن القانون الإسرائيلي لا يشترط على رئيس الوزراء الإستقالة لمواجهة التهم الجنائية، فإن وضع نتنياهو مختلف لكونه أكثر هشاشة، فهو يشغل المنصب مؤقتاً منذ أن حل البرلمان.

ختاماً، يبدو وعلى الأرجح أن تثير قضية تقرر هوية رئيس الوزراء، على غرار حكم المحكمة العليا في الولايات المتحدة بعد إنتخابات العام 2000، أزمة دستورية قد لا تحل قريباً.

*كاتب متخصص في دراسات الشرق الأوسط – مترجم في وكالة “رياليست” الروسية

مصدر الصور: جريدة النهار.

موضوع ذو صلةنتنياهو: خيار إجباري؟