إعداد: مركز سيتا

كما كان مخططاً منذ يونيو/حزيران العام 2012 وبجهود حثيثة، وعلى الرغم من كافة التحديات الداخلية والخارجية والتوترات الإقليمية، تم إفتتاح مشروع “تاناب” للغاز والذي يعتبر رمزاً للصداقة المتجذرة بين البلدان المشاركة فيه، وهو أهم أجزاء ممرات الطاقة الممتد من أذربيجان وصولاً إلى أوروبا.

مشروع للسلام

يساهم مشروع “تاناب” في بناء جسور التعاون وتوفير فرص العمل وإبرام إتفاقيات طويلة الأمد بين البلدان المشاركة فيه، كما أنه يشكل جزءاً من مشروع ممر الغاز الجنوبي، الذي يعتبر أساساً مشروع تعاون بين 7 دول. ففي القمة الخامسة لمنتدى الدول المصدرة للغاز، ذكرت وزارة الطاقة الأذربيجانية أهمية توجهاتها في السوق العالمية للغاز ومشاريع تصديره بتنفيذ من الحكومة، التي تلعب دوراً هاماً في المشروع الجنوبي حيث يعتبر أحد أولويات الإتحاد الأوروبي كونه سينقل بحدود 10 مليارات متر مكعب من الغاز الأذربيجاني من منطقة قزوين عبر جورجيا ومروراً بتركيا وصولاً إلى أوروبا.

من هنا، وصف الرئيس الأذري، إلهام علييف، تشغيل هذا الخط وربطه مع خط الأنابيب العابر للبحر الأدرياتيكي “تاب” بأنه “يوم تاريخي”، آملا في أن يكون عملاً مديداً ويحمل الفائدة لكل من تركيا وأذربيجان والشعوب المجاورة، مشيراً إلى أن مشروع “تاناب” تحقق بفضل الإرادة السياسية للدولتين، وأنه سيلعب دور الجسر الواصل بين الدول، ويمهد الطريق لعقد إتفاقيات كبيرة، مشدداً على أن “تركيا اليوم بلد منفتح على الإستثمارات الأجنبية، وهي مكان مناسب لذلك جداً، كما أنها باتت مركز قوة دولي.” يأتي ذلك في وقت يرى العديد من المراقبين بأن هذا الخط سيعزز مكانة تركيا الإستراتيجية في المنطقة.

وخلال حفل الإفتتاح، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في كلمة “نشهد لحظة تاريخية بالنسبة لبلادنا ومنطقتنا، أود التأكيد بصورة خاصة على أن تاناب هو مشروع إقليمي ومشروع للسلام”، مضيفاً أنه “جزء مهم من ممر الطاقة الممتد من أذربيجان إلى أوروبا بطول 3 آلاف و500 كيلومتر”، مؤكداً على أن “العقلية التي ترى قطرة النفط أثمن من دم الإنسان وحياته لم تجلب السلام والأمن للعالم.”

خط متكامل

ويتكون المشروع، الذي يعتبر “طريق الحرير” للطاقة، من ثلاثة أقسام:

القسم الأول، هو القسم الرابط بين أذربيجان وتركيا، ويسمى خط جنوب القوقاز.

القسم الثاني، هو القسم المار عبر تركيا، ويسمى خط أنابيب الغاز العابر للأناضول “تاناب”، الذي يمتد بطول 1850 كم من الحدود التركية الجورجية في الشرق إلى الحدود التركية اليونانية في الغرب ماراً من 20 ولاية تركية.

القسم الثالث، هو القسم الرابط بين تركيا واليونان، ويُسمى خط الأنابيب العابر للأدرياتيكي “تاب”.

لتفصيلٍ أكثر، يقع القسم الأكبر منه داخل الأراضي التركية ويبلغ 1850 كلم، وذلك من إجمالي طول المشروع البالغ 3500 كلم، إذ يبدأ الخط الكامل للمشروع من حدود جمهورية أذربيجان مع جمهورية جورجيا، وينتهي عبر الحدود مع اليونان، وستكون المرة الأولى التي يتم فيها ربط إمدادات الغاز من منطقة بحر قزوين إلى الأسواق الأوروبية، سيدخل المشروع مرحلة التشغيل التجاري، في العام 2020، بإستثمار قدره 8 مليار دولار.

كما يهدف المشروع إلى نقل 16 مليار متر مكعب من الغاز الأذربيجاني، منها 10 مليارات إلى السوق الأوروبية، فيما سيتم بيع 6 مليارات أخرى للسوق التركية حيث يتوقع أن يغطي ما يقارب من 12% من إحتياجات أنقرة من الغاز ما قد يقلل من إعتماد الدول الأوروبية على الغاز القادم من روسيا.

وفقاً للخطة المقررة، ستتم زيادة حجم الغاز الأذري إلى 23 مليار متر مكعب مع حلول البعام 2023، وإلى 31 مليار متر مكعب في العام 2026. ولقد بلغت تكلفته بحدود الـ 9.2 مليارات دولار، كما يصل إجمالي طوله إلى ألف و850 كلم، حيث تملك شركة النفط الحكومية الأذربيجانية حصة بنسبة 58% منه، وشركة “بوتاش” الحكومية التركية نسبة 30%، إلى جانب شركة “بي.بي” البريطانية بنسبة 12%.

بين “تاناب” و”تاب”

ومن المقرر أن ينقل الخط نحو 16 مليار متر مكعب من الغاز الأذري في المرحلة الأولى (10 مليارات متر مكعب إلى أوروبا، و6 مليارات متر مكعب إلى تركيا)، ويعد من أهم خطوط الغاز الإستراتيجية التي تشرف عليها تركيا.

في المقابل، يمتد خط “تاب” على مسافة 870 كيلومتراً من حقل “شاه دينيز – 2″، الأذري الضخم، عبر الأناضول إلى تركيا ودول الإتحاد الأوروبي، وسيتصل مع خط “تاناب” قرب الحدود التركية – اليونانية في منطقة كيبوي.

أخيراً، إن مشروع “تاناب” يؤكد إتجاه الرئيس التركي بـ “إستمالة” دول القوقاز، الخاصرة الرخوة للإتحاد الروسي، في دور إمتداد العقلية الطورانية، إذ أن العلاقات التركية – الأذرية متجذرة، حيث جاء المشروع كترجمة حقيقية لـ “تطويع” أوروبا أولاً، وروسيا ثانياً. بالتالي، يعتبر “تاناب” مشروعاً حيوياً تركياً تعمل عليه أنقرة بقوة وعقلية عابرة للقارات ما يجعلها ثقلاً إقليمياً ولاعباً يحسب له حساب في المستقبل.

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصور: ترك برس.

موضوع ذو صلةهل يعيد “المجلس التركي” إحياء “الطورانية الجديدة”؟