حوار: سمر رضوان

التقى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بنظيره البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، في منتجع سوتشي لعقد مباحثات حول تعزيز التكامل بين البلدين بشكل أكبر خصوصاً وأن بيلاروسيا كانت إحدى جمهوريات الإتحاد السوفياتي السابق، حيث يعتبر هذا اللقاء هو الثالث بين الرئيسين في أقل من شهرين.

حول هذا اللقاء، ودور تعزيز التكامل بين روسيا وبيلاروسيا، سأل مركز “سيتا” الأستاذ كيفورك ماكس خاجيريان، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط – موسكو، عن أهمية هذا الموضوع.

إتفاقيات إستراتيجية

بدأ مشروع التكامل بين روسيا وبيلاروسيا بالتوقيع على اتفاقية ثنائية، في 21 فبراير/شباط العام 1995، في مدينة مينسك حيث نصت على تشكيل سوق اقتصادي موحد بين البلدين، بالإضافة إلى علاقات الصداقة وحسن الجوار. وبعد مرور عام على الاتفاقية، وقع البلدان، في 2 إبريل/نيسان العام 1996، اتفاقية أخرى لفتح الحدود والجمارك.

وفي 8 ديسمبر/كانون الأول العام 1999، وقع رئيس روسيا آنذاك، بوريس يلتسن، والرئيس لوكاشينكو على معاهدة إنشاء الدولة الإتحادية، حيث دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 26 يناير/كانون الثاني العام 2000، بعد موافقة البرلمان للبلدين.

بإختصار، إن هذا التكامل بين البلدين هو صيغة تشبه الإتحاد الأوروبي، حيث يتم تأسيس برلمان مشترك ومجلس قيادي مشترك للدولة الإتحادية، لكن دون المساس بسيادة أي من الدولتين، كما وقعت أيضاً روسيا وبيلاروسيا مع كل من أرمينيا وكازاخستان وقيرغيزستان إتفاقية “سوق الطاقة”، التي سيدخل حيز التنفيذ في 2025.

إيجابيات بالجملة

إن إيجابيات التكامل كبيرة جداً وتحديداً لدولة بيلاروسيا؛ فمنذ توقيع الإتفاقية، أصبح معظم مواطني بيلاروسيا يتمتعون بحرية التنقل في أراضي الإتحاد الروسي، والعمل فيه، هذه ميزة يطمح إليها الكثير من أعضاء رابطة الدول المستقلة.

أيضاً، هناك إيجابية أخرى تتمثل في أن للدولتين تاريخ شعبي مشترك لكونهم ينحدرون جميعهم من العرق السلافي، إضافة إلى أن موسكو تسعى دائماً لعدم خسارة مينسك بسبب قربها الجغرافي منها ومن بحر البلطيق، فهي بحاجة إليها من أجل السيطرة على حدودها لحمايتها من تقدم الناتو. لكن من الملاحظ أن بيلاروسيا حافظت على وضعها كقوة حفظ سلام في نزاع إقليم الدونباس وهذه نقطة إيجابية كبيرة تحسب لها، إضافة إلى أنها صوتت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم.

المشاكل والعقبات

يواجه التكامل العديد من المشاكل؛ المشكلة الأولة العملة، حيث لم يتوصل رئيس البلدين إلى رأي مشترك حول عملة دولة الإتحاد. المشكلة الثانية، أسعار الغاز حيث صرح الرئيس لوكاشينكو بالقول “عن أي تكامل قادم يمكن أن نتحدث، إذا لم يكن لدينا اليوم إتفاق على توريد الغاز الطبيعي على الرغم من أننا اتفقنا على هذا منذ وقت طويل، وفشلت حكوماتنا في هذه الإتفاقيات، هذا ليس خطأ حكومة بيلاروسيا.” لذلك، يمكن القول بأن بيلاروسيا تسعى للحصول على الغاز الروسي بسعر التكلفة، غير أن روسيا، الدولة مصدرة للغاز والتي يعتمد إقتصادها عليه بشكل كبير، لن تسمح لبيلاروسيا بإستغلالها مقابل الإتحاد.

في المقابل وعلى صعيد الأمن القومي الروسي، نرى أن بيلاروسيا رفضت استضافة قاعدة عسكرية روسية على أراضيها كي لا تغضب الغرب مضحية بمصالح موسكو وأمنها.

طعن الحلفاء

بإعتقادي، إن هذا الإتحاد يصب في مصلحة بيلاروسيا، في حين أن روسيا، الدولة القوية، تعودت على تلقي الطعنات من قبل حلفائها وأكبر مثال على ذلك ما حدث في أوكرانيا. فبالرغم من سياسة كييف العنصرية، ما يزال الإتحاد الروسي يعامل الموطنين الأوكرانيين دون تميز إيماناً منه بأنهم من أبناء الإتحاد السوفيتي السابق.

إن روسيا لا تحاول الإنتقاص من سيادة بيلاروسيا أو المساس بإستقلالها أو الإنتقاص من سيادة دولة أخرى، ضمن الاتحاد السوفيتي السابق، كما يصور الغرب. لكن السؤال الأهم يبقى: لماذا الدول المستقلة لا تريد الإتحاد مع روسيا مع أن معظم سكنها لا زالوا يعملون في موسكو ويطمحون للحصول على جنسيتها؟

ختاماً، على الرئيس لوكاشينكو أن يفكر بمصلحة شعبه وبلاده وجارتها، إذ يكفيه 20 عاماً من الحكم وأن لا يكون أداة بيد الإتحاد الأوروبي، الذي وصفه سابقاً بأنه آخر ديكتاتور في أوروبا.

مصدر الصورة: موسكو تايمز.

موضوع ذو صلة: الانتخابات في روسيا.. والدومباس (1/2)