خاص سيتا
يان فان زيبروك*
قانون إعادة الاندماج الذي ينبغي على الأوكرانيين الخوف منه
بالنسبة للسلطات الأوكرانية، هل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حقاً هو “الشخص الأليف الغاضب”؟ من سيكون المرشح في الانتخابات الروسية الذي يمكن أن يرضي السلطات الأوكرانية؟ هنا، يجب الأخذ بعين الاعتبار أنه ثلاثة أرباع اعضاء مجلس النواب الاوكراني “الرادا” ممن يحصلون على المناصب هم من المعادين لروسيا (وبالتالي فالموضوع لا يشمل الحزب الديموقراطي الليبرالي الروسي أو الحزب الشيوعي، اللذان وقفا دائماً مع منطقة الدونباس)، فهم يرفعون شعار “أن الروسي الجيد هو الروسي الميت”.
إن أي تدخل لاوكرانيا في الانتخابات الروسية لا يمكن أن يتم إلا عن طريق أعمال التخريب، في شبه جزيرة القرم على سبيل المثال(1)، أو عبر إرسال عناصر متطرفة للمشاركة في المظاهرات داخل روسيا.
بالنسبة للانتخابات في روسيا، فإن الصحافة الغربية تسلط الاضواء على مرشحين بارزين. الاول، هو اليكسي نافالني الذي يستفيد من مساعدة جميع وسائل الإعلام الغربية، والمقابلات، وتشرع له الابواب في جميع القنوات الأمريكية الرئيسية مثل الـ “سي.ان.ان”، بحيث تروج له هذه الوسائل بأنه “مُرعش الكرملين”.
جهد ضائع؛ سواء بالنسبة له ولأنصاره في الغرب. إن هيئة الانتخابات الروسية لم توافق على ترشحه للانتخابات، خصوصاً بعد إدانته بالجسن لمدة ثلاثة سنوات ونصف بسبب تهمة الاحتيال في الشركة الفرنسية لمستحضرات التجميل “إيف روك”، بحيث يبدو الامر غريباً بأن يكون هذا الشخص مرشحاً لـ “محاربة الفساد” في روسيا.
اما الشخصية المعارضة الأخرى والمرشحة للانتخابات فهي كسينيا سوبتشاك، المرأة التي جنت ثروتها على انقاض الاتحاد السوفياتي. وفي مقابلة لها مع مجلة “فوربس”، قالت سوبتشاك “نعم، لقد شاركت في نهب روسيا. كيف يمكن أن أقاوم. أنا جنيت المال كأي شخص آخر النظر في الوقت المناسب.”
“باريس هلتون روسيا”، كما يطلق عليها، من عشاق الطائرات النفاثة، وهي تواظب على حضور حفلات اغنياء العالم كي تتصدر اخبار الصحف والمجلات، كما اعلنت انها ستقوم بالتصوير لصالح مجلة “بلاي بوي” الاباحية.
في العام 2000، دخلت الى المعترك السياسي من دون ان يكون لها أدنى تأثير على المشهد الروسي. غير انها وفي مقابلة لها ضمن برنامج “برنامج 60” الذي يعرض على قناة “روسيا 24″، قالت “روسيا هي البلد الذي يزعزع استقرار العالم كله وأن العالم يكره روسيا بسبب ذلك”، واشارت الى ان عودة شبه جزيرة القرم إلى روسيا هي عملية “غزو”، بحيث اعتبر العديد من المراقبين بأن هذه التصريحات افقدتها المصداقية.(راجع الهامشان 2 و3)
النتائج المتوقعة
بالاستناد إلى أحدث المقالات الصادرة في صحف جميع أنحاء العالم، فمن الممكن جداً أن يفوز بوتين في الانتخابات المقبلة. فبالرغم من ان “الثورات الملونة” لم تعد تشكل خطراً على الكرملين، فلقد حصنت روسيا نفسها من هذه الهجمات من خلال سياسة “المحاربة عن بعد”، اذ شكل الرئيس بوتين جماعات من المواطنين الروس الشباب اهمها “ناتشي” (بالعربية: “لنا”) الهدف منها اقامة نوع من التوازن مع “الثورات الملونة”. يستند هذا البرنامج أساساً على عمل الكسندر لوكاشينكو، رئيس بيلاروسيا، الذي وقع أيضاً ضحية لهذه الثورات، حيث قام بتنظيم أول هجوم مضاد انتهى بالإنتصار على هذه المنظمات غير الحكومية الغربية، ثم عادت روسيا تبنت السياسة ذاتها للمواجهة.
من هنا، امنت روسيا “ترسانة” حقيقية لمقاومة المنظمات غير الحكومية الغربية (والتي ستظل أداة يقظة للغاية) من اجل عرقلة جميع التدخلات في الشؤون الداخلية، ومنها الزام المنظمات غير الحكومية غير الروسية بإعلان نفسها كوكالات من الخارج تخضع للمساءلة(4 – 5)، ومنع الأحزاب السياسية من الحصول على أموال من الخارج. هذا القانون هو مصدر إلهام من “المكارثية” في الولايات المتحدة.
ان ما تجدر الإشارة إليه هنا أن منظمة معاهدة الأمن الجماعي في روسيا وبيلاروس وأرمينيا وكازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان وطاجيكستان(6) تعتبر “الثورات الملونة” تهديداً دائماً مباشراً لها.
من يهدد من؟
اذا ما فتحنا قوساً صغيراً ونظرنا إلى تاريخ تنظيم المحاولات الرامية إلى زعزعة الاستقرار في كل مكان من هذا العالم، يمكن ان نختصرها بثلاث مراحل. المرحلة الاولى، التسلل من المظاهرات السلمية التي تهدف الى دعوة الحكومة إلى الاستقالة. المرحلة الثانية، “الثورات الملونة” التي تسببت في “الهيجان” الحقيقي عبر الاعتداءات على رجال الشرطة واستخدام القناصة لقتل المتظاهرين. المرحلة الثالثة والاخيرة، جعل الحكومات كـ “الدمى” في يد حكومات الغرب، واذا ما تعذر ذلك يستعان بالارهاب لـ “إستجرار” الحرب.
بعد فشل أحداث الميدان في عام 2014 في أوكرانيا وضم روسيا لشبه جزيرة القرم، ترى روسيا على حدودها جيوش حلف شمال الأطلسي، لا سيما دول البلطيق التي هي بلدان معادية جداً لروسيا، مثل رومانيا وبولندا والسويد تحديداً التي أعلنت للتو التعبئة العامة في حالة “العدوان” الروسي.(7) إن الدول الاعضاء في الناتو تعزز قدراتها العسكرية على الحدود الروسية، وتنشر وسائل قتال متطورة مما يجعل هذه البلدان أهدافاً محتملة حال وقعت الحرب. هذه التوترات المتطرفة يمكن أن تجر العالم إلى حرب عالمية ثالثة، فنحن في فترة أكثر خطورة بكثير من “حقبة الصواريخ” السوفياتية في كوبا.
الغرب يريد الحرب وهو يبحث عن جديد “هتلر”، واذ يعتبر بأن بوتين تلميذه. من هنا، يحاول الرئيس بوتين من خلال المنتديات الدولية إحباط خططهم الحربية، ووضعهم أمام تناقضاتهم الخاصة.
*باحث في مركز “سيتا”
الهوامش:
(1) http://bit.ly/2F42aHE
(2) http://bit.ly/2DZi47d
(3) http://bit.ly/2DpiSBc
(4) http://bit.ly/2F23Z88
(5) http://bit.ly/2DXqkEH
(6) http://bit.ly/2mWhf6S
(7) http://bit.ly/2mFNbMR
مصدر الصور: سبوتنيك – روسيا اليوم.