حوار: سمر رضوان
يعد مصطفى الكاظمي ثالث شخصية تكلف بتشكيل الحكومة، يعد عدنان الزرفي ومحمد توفيق علاوي المنسحب مطلع مارس/آذار 2020، من قبل الرئيس العراقي، برهام صالح، في 12 أبريل/ نيسان 2020، بعد إعتذار الزرفي عن المهمة لأسباب داخلية وخارجية لم يفصح عنها.
حول المعوقات والتحديات التي تعترض رئيس الوزراء المكلف والأزمات العديدة التي يواجهها الخارجية والداخلية، سأل مركز “سيتا” الدكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي في بغداد، عن الموضوع.
توافق للمصالح
يبدو أن طبيعة الإجماع على التكليف، يبين بأن الكاظمي يحظى بأغلبية داعمة، أولاً للترشيح أو لكونه رئيس وزراء قادم مما سيسهل عملية التوافق ما بين القوى السياسية من جهة وما بين الكاظمي من جهة أخرى. كما قد يسهل إلى حد متوسط إمكانية حل العُقد في قضية تشكيل الحكومة، حيث سيعتمد على مبدأ توازن المصالح الثلاثي القائم على توازن مصالح ما بين قوى سياسية، والحركة الإحتجاجية، ومصالحه كرئيس حكومة قادم بالنسبة إلى مسألة طبيعة تشكيل الحكومة من أجل أن يمضي بتطبيق برنامجه الحكومي قصير الأمد، الأمر الذي يفتح الباب لإنتخابات مبكرة.
تحديات ضاغطة
فيما يخص مسألة توزيع الحقائب الوزراية، سيكون هناك نوع من المصدات، لكن أتصور بأنه سيتجاوز هذه الأزمة فالأوضاع العامة ضاغطة على الجميع، كالأزمة الاقتصادية المالية وتفشي وباء “كورونا” والأزمة السياسية. كل ذلك سيشكل مفزات من أجل حلحلة عُقد تشكيل الحكومة.
من هنا، قال رئيس الحكومة السابق، عادل عبد المهدي، أن البقاء من دون حكومة وهو “أمر خطير”. بالتالي، إن وجود وجود حكومة غير مكتملة الصلاحيات قد يزيد بشكل كبير من تفاقم حدة الأوضاع الضاغطة، التي أشرنا إليها أعلاه، إلى جانب غيرها من ملفات الدولة. كل هذا يحتاج إلى قيام حكومة قوية تمتلك صلاحيات، ولديها القدرة على إتخاذ القرارات، بالإضافة إلى وجود إنسجام، وفق الثنائية التكاملية، ما بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية كي يكون هناك مواجهة للتحديات التي يمر بها العراق.
هذا الإختلاف ما بين البرلمان من جهة ووجود حكومة مستقيلة من جهة أخرى، مع عجز السيد عبد المهدي عن مواجهة التحديات بسبب نقص التوافق السياسي تجاهه بالإضافة إلى رفض الشارع له، يجعل حكومته عاجزة عن تقديم أية حلول تتوافق مع تطلعات الشارع في ظل التحديات التي يمر بها العراق. لذلك، سيكون الوضع خطير جداً وقد يكون مقدمة لأن يذهب العراق نحو الإنهيار، وهذا أمر وارد من وجهة نظري.
أحداث متسارعة
في رأيي الخاص، إن تطور الأحداث الميدانية، خارجياً وداخلياً، تؤثر في عملية التشكيل لكن ليس بشكل كبير جداً، فالجميع منشغل الآن. على سبيل المثال، واشنطن منشغلة بأزمة “كورونا”، وإيران منشغلة بمسألة العقوبات والوباء. بالتالي، هما يراقبان طبيعة التحرك السياسي، لكن فيما يبدو إن القرار السياسي سيكون متقدم كثيراً بحجم الضغوطات الخارجية، إضافة إلى أن هناك ترحيباً إيرانياً – أمريكياً بالرئيس المكلف ما قد يشكل محاولة للوصول إلى مساحة متوازنة للتعاطي مع الحكومة القادمة.
مع ذلك، قد تكون الفواعل الداخلية للأحداث الميدانية هي الأكثر تأثيراً على هذا التشكيل، أي مصالح القوى السياسية وإعادة بروز “داعش” الإرهابي والأزمة الاقتصادية والإحتجاجات الداخلية، وهذه الأخيرة مهمة جداً إذ أن هناك دعوات لتظاهرة مليونية ما بعد إنقضاء وباء “كورونا”. كل هذه التحديات ستكون ضمن برنامج عمل رئيس الوزراء القادم، وأيضاً قد تشكل نوعاً من الإعاقة لتتميم ولادة الحكومة.
تلافي الإنهيار
هناك أطراف لا تزال تعيد تموضعها على مستوى المصالح بشتى العناوين، رغم أن العراق وصل إلى درجة الإنهيار ودخل مرحلة الخطر. لكن من المؤسف أن هناك قوى سياسية لا تزال تعلو مصالحها على حساب المصلحة العليا للبلاد.
في النهاية، أتصور أن هناك قناعة لدى قوى سياسية بأن السيد الكاظمي سيكون منقذاً لهذه الطبقة السياسية، من وجهة نظري، لأن هذه الطبقة ستواجه الشارع في النهاية خاصة وأنه ناقم على أغلب تلك القوى، ومن ثم سيجيدون “فن التنازل”، إلى مستويات معينة بما يضمن مصالحهم، ومن ثم امرر التشكيلة الحكومية.
هنا أتصور أنه من الضروري بمكان ما أن تقوم هذه القوى السياسية بعملية تفكير أساسها مصلحة العراق، التي يجب أن تعلو على كل شيء. فإذا لم يفكروا بهذا الإتجاه، سيكون مستقبلهم السياسي على المحك.
مصدر الصورة: مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.