ياقوت دندشي*

لعل من الخطأ إستهداف الحكومة الجديدة بتهمة أنها من لون واحد، لأنه منذ “إتفاق الدوحة” تعاقبت على حكم لبنان حكومات توافقية تضم جميع الأطراف والأحزاب الوازنة سياسياً، نتج عنها سياسة “إسترونا نستركم – إفضحونا نفضحكم”، ما عكس أحد أبرز أسباب غياب المحاسبة في لبنان حتى من الأخصام أنفسهم.

في الواقع، يعتبر دليل عافية وجود فئة موالية تحكم، وفئة معارضة تحاسب.. والجانبان يتبادلان الأدوار في الدول الطبيعية عندما يحاسب الشعبُ حكامه.

لقد كان الأجدى بالتصويب على حكومة الرئيس المكلف، حسان دياب، من جانب الثوار أن يكون على قاعدة أنها لا تعكس طموحاتهم التي نزلوا لأجلها، منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، فوزراؤها غير مستقلين، وتشكيلها خضع لمحاصصات الأحزاب ذاتها التي حكمت البلد منذ انتهاء الحرب الأهلية، ولم تأخذ بعين الإعتبار مطلبَ حكومة إنقاذية مصغرة، بل تعثر إعلان ولادتها بسبب الخلاف الداخلي بين أبناء “الحلف الواحد” لأجل وزارة من هنا ووزارة من هناك. هذا الواقع، فضح “موتاً سريرياً” تأخر إعلانه بالنسبة لما يسمى “قوى 8 آذار”، أسوة بإنتهاء حقبة “قوى 14 آذار” التي ترسخ إندثارها منذ زمن.

أما السؤال الجدي المطروح: كيف ستحاسب الأحزاب نفسها عبر حكومة حزبية مشكلة من أتباعها؟ هل يظن الدكتور حسان دياب أن أحداً قد يصدق أن حكومته ستحاسب الفاسدين وتسترد الأموال المنهوبة، وفق ما ذكر ضمن خطاب التأليف؟!

هذا “الإستغباء” للبنانيين مرفوض.. فالإنتفاضة انطلقت ضد الطبقة السياسية الحاكمة بكل أطيافها، التي سعت للتأسيس لتغيير جذري وصولاً للإنتقال إلى الجمهورية الثالثة ودولة المواطنة العادلة لكن هذا الأمر لم يحدث. وبتصرفاتهم المنفصلة عن الواقع، ربما يريد حكامنا منا كشعب متعب ومرهق، بعد نحو 100 يوم من الثورة ووقف الحال سبقها تدهور حاد وسريع في الوضع الاقتصادي، أن نشعر بالذنب ونعطي حكومة دياب فرصة للعمل سعياً لـ “حماية” لبنان، مع التأكيد بأن علينا أن نرضى بما تيسر، بعدما “تعلمنا الدرس” بأن لا وزن للشارع غير الحزبي في الحياة السياسية اللبنانية، أقلّه ليس في الزمن القريب.

وتبقى مسألة الغطاء العربي والدولي مثار تساؤل. فهل هناك أسباب تجعل هذه الحكومة قادرة على الفوز بثقة خارجية؟ أم أننا سنشهد تفاقم الأزمات في لبنان إذغ ما إعتبرت “حكومة مواجهة” كما سبق وأطلق منذ اليوم الأول؟!

*إعلامية لبنانية

مصدر الصورة: قناة العربية.

موضوع ذا صلةالإنقضاض المذهبي على الثورة