الشيخ كامل العريضي*
يعد التبرع، عامة، من الأعمال القائمة في سبيل الخير، لأنه من قبيل العطاء من دون مقابل وتفضيل الغير على النفس، فيغدو من أجمل الأفعال التي يقوم بها الإنسان في سبيل الخير. ومشروعية التبرع مستمدة أساساً من تعاليم الديانات السماوية ومبادئها، إذ شرع الله سبحانه التبرع لما فيه من تأليف بين القلوب، وتوثيق عرى المحبة بين الناس، حيث تدعو جميع الكتب السماوية إلى المحبة والعطاء. ونظراً لخطورة التبرع وأهميته، وضعت القواعد المنظمة له.
تعريف وهب الأعضاء
هو عملية نقل عضو أو أكثر من متبرع حي أو ميت إلى مستقبل ليقوم مقام العضو الذي يعاني قصوراً يعوق وظيفته.
ومن خلال لمحة تاريخيّة عالمية، أول متبرع بالأعضاء الحية في عملية زراع ناجحة كان رونالد لي هيريك (1931- 2010) الذي تبرع بكليته لأخيه التوأم المتطابق في العام 1954. أما أصغر المتبرعين فكان طفل مصاب بانعدام الدماغ، ولد في العام 2015، وعاش لمدة 100 دقيقة فقط، وتم التبرع بكليتيه لشخص بالغ مصاب بفشل كلوي.
أما أقدم متبرع بالأعضاء المعروفة كانت امرأة اسكتلندية تبلغ من العمر 107 سنوات، تم التبرع بقرنيتيها بعد وفاتها في العام 2016، و كان أقدم شخص معروف بالتبرع، في الجهاز الداخلي، رجل في ولاية تكساس يبلغ من العمر 92 عاماً، اختارت عائلته التبرع بكبده بعد وفاته بسبب نزيف في الدماغ. أيضاً، كان أقدم متبرع بالأعضاء المعيشية الإيثارية امرأة تبلغ من العمر 85 عاماً في بريطانيا، تبرعت بكليتها إلى شخص غريب، في العام 2014، بعد أن سمعت عن عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى عملية زرع كبد.
ماذا عن لبنان؟
يذكر أن لبنان شهد أول عمليّة زرع أعضاء، في العام 1972، بمستشفى البربير؛ وبعد أحد عشر عاماً صدر المرسوم الإشتراعي رقم 109، وتلاه في العام 1984 مرسوم آخر يحمل الرقم 1442 اللذان نظما عمليات وهب الأعضاء وزرعها، إضافة الى تحديد المراكز المؤهلة لهذه العمليّات.
في العام 1985، افتتح أول مركز لزرع الأعضاء في لبنان بمستشفى رزق، وتوالت من بعده المراكز المشابهة في المستشفيات الأخرى. وتمت أول عملية زرع كلية من شخص متوفٍ، العام 1990، نفس المستشفى رزق، فيما كانت أول عملية زرع قلب بمستشفى حمود، العام 1998، وأول عملية زرع كبد كانت في العام 1997 بمستشفى أوتيل ديو.
التشريعات اللبنانية
وضع المشترع اللبناني القواعد القانونية التي تنظم عملية وهب الأعضاء البشرية. فقد أشارت الفقرة الثانية من المادة 192 من قانون الموجبات والعقود، إلى الحالة التي يمكن أن يجاز فيها التعاقد حول مواد ممنوع التداول بها أصلاً، كأعضاء جسم الإنسان، حيث نصت على قاعدة عدم جواز وقوع موضوع العقد على أموال غير قابلة للإتجار، ذات معنى نسبي. فبعض الأموال مثلاً لا يصح أن تكون موضوع بعض المعاملات مع أنها تصح كل الصحة أن تدخل في معاملات أخرى.
إلى ذلك، سمحت أحكام المرسوم الإشتراعي رقم 109، تاريخ 16 سبتمبر/أيلول 1983، في المادة الأولى منه بوهب الأنسجة والأعضاء البشرية من جسم أحد الأحياء لمعالجة مرض شخص آخر أو جروحه، وفقاً للشروط الآتية:
أولاً: أن يكون الواهب قد أتم الثامنة عشرة من عمره.
ثانياً: أن يعاين من قبل الطبيب المكلف بإجراء العملية والذي ينبهه إلى النتائج العملية وأخطارها ومحاذيرها ويتأكد من فهمه لكلّ ذلك.
ثالثاً: أن يوافق الواهب خطياً وبملء حريته على إجراء العملية.
رابعاً: أن يكون إعطاء الأنسجة أو الأعضاء على سبيل الهبة المجانية غير المشروطة. ولا يجوز إجراء العملية لمن لا تسمح حالته الصحية بذلك، أو في حال احتمال تهديد صحته بخطر جدي من جرائها.
أيضا، يمكن أخذ الأنسجة والأعضاء البشرية من جسد شخص ميت أو نقل ميتاً إلى مستشفى أو مركز طبي، لمعالجة مرض شخص آخر أو جروحه أو لغاية علمية، وذلك عند توفر أحد الشّروط الآتية:
أولاً: أن يكون المتوفى قد أوصى بذلك، بموجب وصية منظمة حسب الأصول أو بأية وثيقة خطية أخرى ثابتة.
ثانياً: أن تكون عائلة المتوفى قد وافقت على ذلك. وتتم الموافقة بإسم العائلة حسب الأولويّات التالية: الزوج أو الزوجة، وبحال عدم وجودهما الولد الأكبر سناً، وبحال غيابه الأصغر فالأصغر، وبحال عدم وجود الأولاد تؤخذ الموافقة من الأب، أو من الأم بحال عدم وجود الأب. أما في حال عدم وجود أي شخص من الأشخاص المذكورين آنفًا، فيجوز للطبيب، رئيس القسم في المستشفى، أن يعطي الموافقة. ولا تؤخذ معارضة الأقارب من غير المذكورين أعلاه بعين الاعتبار.
ويُشترط في عمليّات نقل الأنسجة أو الأعضاء وزرعها وجود موافقة مسبقة وخطية من المستفيد من العملية. ويجوز فتح جثة المتوفى لغاية علمية، كما يجوز في أثناء عملية فتح الجثة أخذ الأنسجة والأعضاء البشرية من جسد الميت شرط وجود الموافقة اللازمة المشار إليها أعلاه. أما إذا كانت جثة المتوفى موضوع تحقيق قضائي، فلا يجوز أن تؤخذ منها أنسجة، وأعضاء بشرية إلا بموافقة القضاء.
إستكمالاً لما سبق وفي العام 1984، صدر المرسوم التطبيقي رقم 1442 الذي ينظم أصول أخذ الأنسجة والأعضاء البشرية لحاجات طبية وعلمية. ويعد ميتاً، بموجب هذا المرسوم، الإنسان الذي توقفت فيه بشكل أكيد، وظائف الجهاز الدموي أو وظائف كامل الدماغ بما فيه جسر المخيخ والنخاع المستطيل. ويثبت الموت الدماغي طبيبان، على أن يكون أحدهما اختصاصياً بالأمراض العصبية، بعد أن يتأكدا من توفر شروط الموت كافة. كما لا يسمح بإجراء عمليات نقل الأنسجة والأعضاء وزرعها إلا في المستشفيات أو المراكز الطبية المصنفة من الفئة الأولى بموجب قرار يصدر عن وزير الصحة بناء على اقتراح المدير العام، وبعد الحصول على الترخيص القانوني اللازم.
موقف الأديان السماوية
أولا: اليهودية
حسب رأي غالبية الحاخامات، فإن التبرع بالأعضاء حين يتم حسب قوانين الشريعة اليهودية، يمنح المتوفى المتبرع وأبناء عائلته الفضل الكبير في الآخرة والدنيا على حد سواء. التبرع بالأعضاء يطوي في ثناياه فريضة عليا وهي إنقاذ الحياة أسوة بصنيع المعروف، أي “العمل الصالح”.
إن أكثرية الفتاوى تجيز التبرع بالأعضاء، وحتى ترى بها فريضة، لكنها تضع قيداً واحداً وهو التبرع بالأعضاء مسموح فقط إذا تم وفقاً لقوانين الشريعة اليهودية. في صدارة القضية الشرعية يقف موضوع تحديد وفاة شخص، وذلك يجب أن يتماشى مع قوانين الشريعة اليهودية.
في شهر سبتمبر/أيلول العام 2009، صادقت الحاخامية الرئيسة على أن قانون الموت الدماغي التنفسي يتماشى والشريعة اليهودية. ومن هنا، يمكن الآن ومن دون أي قيد تطبيق قرار الحاخامية، من العام 1986، الذي يجيز التبرع بالأعضاء شريطة أن يكون الموت قد تقرر حسب الشريعة ذاتها.
ثانيا: المسيحية
تحمل الكنيسة ثقافة الحياة على مثال حاميها وراعيها، إذ قال السيد المسيح(ع) “أنا جئت لتكون لهم الحياة وتكون لهم بوفرة”، فالإنسان القادر على وهب الحياة هو إنسان عظيم في نظر الرب. من هنا، إن الكنيسة تشجع وهب الحياة انطلاقاً من تعاليم يسوع المسيح(ع)، ومرتكزات ذلك تعود إلى الإنجيل الذي يقول لنا إن الله محبة والإنسان كريم، ويقول أيضاً “ليس أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه لمن يحب”. وهو دعانا ليس فقط لمحبة بعصنا بعضا، وإنما لمحبة أعدائنا أيضاً.
هذا بالإضافة إلى ما قاله يسوع المسيح(ع) لتلامذته في العشاء الأخير “خذوا فكلوا هذا هو جسدي الذي يقهر لأجلكم في الحياة الأبدية”، وهذا يعني أنه وهبنا جسده عطية مجانية، فحري بنا أن نهب جسدنا الزائل والعائد إلى التراب للمتألمين لنمنحهم حياة جديدة.
بالتالي، إن عملية نقل الأعضاء تكون متوافقة والشريعة الأخلاقية طالما كانت الأخطار والمجازفات الطبيعية والنفسية الحاصلة للمعطي تتناسب والخير المطلوب للمستفيد. وإعطاء الأعضاء بعد الموت عمل نبيل جدير بالثواب ويجب تشجيعه على أنه علامة تضامنٍ سخي، ولكن سيكون غير مقبول أخلاقياً إذا كان المعطي، أو من يتولون أمره من أقربائه، لم يرضوا به رضى صريحاً. ولا يمكن القبول، من الدرجة الأخلاقية، بالتسبب المباشر بالتشويه المولد العجز، أو بالموت للكائن البشري، حتى في سبيل تأخير موت أشخاص آخرين.
ولم يفت الكنيسة أن تشير إلى عدم جواز إزدراع بعض الأعضاء، إذ قد صدر عن ميثاق الموظفين العاملين في القطاع الصحي وبتشجيع من المجلس البابوي من أجل العمل الرعوي في خدمة الصحة ما نصه “ليست الأعضاء كلها على الصعيد الأخلاقي قابلة للزرع. فينبغي لنا استبعاد زرع الدماغ والغدد التي تحافظ على هوية الشخص ووحدة الإنجاب. ذلك أن الأمر يتعلق بالأعضاء التي تملك طابعاً خاصاً بالشخص لا يمكن استبداله.”
ثالثاً: الإسلامية
خلق الله تعالى الإنسان وكرمه وفضله على سائر المخلوقات وارتضاه وحده لأن يكون خليفة في الأرض، قال تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا). لذلك، حرص الإسلام كل الحرص على حياة الإنسان والمحافظة عليها وعدم الإضرار بها جزئياً أو كلياً، حيث أمرت الشريعة الإسلامية الإنسان بإتخاذ كل الوسائل التي تحافظ على ذاته وحياته وصحته وتمنع عنه الأذى والضرر، فأمرته بالبعد عن المحرمات والمفسدات والمهلكات، وأوجبت عليه عند المرض اتخاذ كل سبل العلاج والشفاء، إذ قال الله تعالى (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾، وقال تعالى ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾، وقال أيضاً ﴿ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً﴾.
هذا من حيث النصوص القرآنية، أما من حيث الأحكام الشرعية فهي كالتالي:
أولاً: يجوز نقل العضو من مكان من جسم الإنسان إلى مكان آخر من جسمه، مع مراعاة التأكد من أن النفع المتوقع من هذه العملية أرجح من الضرر المترتب عليها، وبشرط أن يكون ذلك لإيجاد عضو مفقود، أو لإعادة شكله أو وظيفته المعهودة، له، أو لإصلاح عيب، أو إزالة دمامة تسبب للشخص أذى نفسياً أو عضوياً.
ثانياً: يجوز نقل العضو من جسم إنسان إلى جسم إنسان آخر إن كان هذا العضو يتجدد تلقائياً، كالدم والجلد، ويراعى في ذلك اشتراط كون الباذل كامل الأهلية، وتحقّق الشروط الشرعية المعتبرة.
ثالثاً: تجوز الإستفادة من جزء من العضو الذي استؤصل من الجسم لعلة مرضية لشخص آخر، كأخذ قرنية العين لإنسان ما عند استئصال العين لعلة مرضية.
رابعاً: يحرم نقل عضو تتوقف عليه الحياة كالقلب من إنسان حي إلى إنسان آخر.
خامساً: يحرم نقل عضو من إنسان حي يعطل زواله وظيفة أساسية في حياته وإن لم تتوقف سلامة أصل الحياة عليها، كنقل قرنية العينين كلتيهما، أما إن كان النقل يعطل جزءاً من وظيفة أساسية، فهو محل بحث ونظر.
سادساً: يجوز نقل عضو من ميت إلى حي تتوقف حياته على ذلك العضو، أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك، بشرط أن يأذن الميت قبل موته أو ورثته بعد موته، أو بشرط موافقة ولي أمر المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية أو لا ورثة له.
ضوابط التبرع
لا يحق للإنسان الحي أن يتبرع بقلبه، أو بإحدى يديه، أو رجليه، أو بقرنية عينه الوحيدة، أو بكليته الوحيدة، لأن من شأن ذلك أن يهدد حياته بالخطر والموت وهو ما لا يقبل به الدين، ولا المنطق، ولا العقل، ولا العدل، ويشوه الصورة التي أعطاه إياها الخالق وطبعه عليها. كما أنه لا يجوز للإنسان الحي الذي يملك كلية سليمة، وأخرى معطوبة وغير صالحة، أن يتبرع بكليته المعافاة، لأن التخلي عنها ينذره بمفارقة الحياة.
ويختلف التوصيف عند الإنسان الميت إذا كانت خلايا دماغه قد ماتت، ولكن قلبه مستمر في الخفقان بشكل عادي، في ظل المحافظة الإصطناعية على الدورة الدموية حيث يمكنه أن يهب الأعضاء التالية: القلب، والقرنيتين، والعينين، والكليتين، والرئتين، والكبد، والصمامات، والبنكرياس، والأوعية الدموية، والنخاع العظمي، والأمعاء، والعظام، والجلد بحسب إجماع الأطباء المختصين. أما بعد سكوت القلب وتوقف نبضاته نهائياً وموت النفس، فيقتصر الوهب على العينين، والقرنيتين، والصمامات، والأوعية الدموية، والأمعاء، والجلد، والعظام على ما يقول الأطباء.
آراء معارضة
ينقسم رأي المعارضين الى قسمين:
معارضة كلية: هناك عدد من رجال الدين، في الأديان كافة، يعارضون وهب الأعضاء ويعدونه إساءة لكرامة الجسد الذي خلقه الله على أحسن صورة؛ فأية عملية إزالة لأي عضو يعد بمثابة إساءة للخالق سبحانه. أضف الى ذلك، هم يعتقدون أيضاً أن أي مرض لأي جسد هو بمشيئة الله، وبالتالي هو أراد هذا الإختبار لهذا الإنسان ولو كانت إرادته الشفاء لما قدر له الوقوع في أية مشكلة صحية في أي عضو من أعضاء جسده. ويعللون رأيهم هذا أن هناك العديد من الحالات التي شفيت من أمراض كثيرة من دون أية عملية زرع.
معارضة جزئية: يقوم هذا الرأي على نقطة وسطية ،فهم لا يؤيدون الموافقة الكلية لوهب الأعضاء ولا يرفضونها بالمطلق، بل لديهم عدد من الضوابط إضافة الى تلك المتفق عليها. فهم يؤيدون عملية الزرع في حال تم معرفة الواهب والمتلقي. ويعللون رأيهم هذا إن وهب الأعضاء بالمطلق قد يصل إلى حد المتاجرة بها وهناك وقائع حصلت في العديد من الدول تشير الى ذلك على الرغم من التطمينات الكثيرة للواهب، والتي سنأتي على ذكرها بإختصار في آخر الدراسة.
أما من الناحية الشرعية، فهم يذهبون بعيدا في محاسبة النفس. والمقصود بذلك أن الواهب، من دون تحديد المتلقي، قد يصل عضو من أعضائه إلى شخص متلق ولكن هذا الشخص قد يرتكب جريمة ساعده فيها هذا العضو، من الواهب، بشكل أساسي للقيام بها، مثل وهب العين أو اليد أو الرجل. والسؤال هنا: هل يعد الواهب شريكاً في جريمة المتلقي أم لا؟ هم يرونه شريكاً في الجريمة، وسيلحقه الإثم ولو بعد وفاته.
هذا بالإضافة إلى ما سبق، يشترط أن يكون الموصى إليه بشيء من الأعضاء صالحاً مستحقاً لها، لا يظن فيه أن يستعملها في معصية الله عز وجل، لئلا يطال الإثم الواهب أيضاً. فمن باب الحرص والبقاء في دائرة الأمان، يوافقون على عملية الزرع شرط معرفة الواهب والمتلقي وينظرون إلى من يقوم بذلك بأن له أجرا عظيماً عند الله تعالى.
سوق الأعضاء
على الرغم من تجريمها في كل دول العالم، أصبحت عملية الإتجار بالأعضاء البشرية رائجة في ظل ازدياد بؤر النزاعات والحروب، إلى جانب ارتفاع معدلات الفقر، إذ لم يقتصر الأمر فيها على الأموات، بل على الأحياء أيضاً.
ولم تعد تجارة الأعضاء البشرية تقتصر على صفقات تجري في مناطق نائية من دول العالم الفقير، بل تحولت إلى إمبراطورية عملاقة تديرها شبكات من المافيات، تضم أطباء وأساتذة جامعات وحتى سياسيين وعسكريين في حكومات دول متقدمة، لتخرج عن نطاقها المحدود إلى العالمية، إذ تجري سنوياً عشرات الآلاف من عمليات بيع الأعضاء البشرية، في السوق السوداء تحديداً، مدرة أرباحاً سنوية تصل إلى ما يربو على الـ 8 مليارات دولار، ولا ينال أصحاب الأعضاء المباعة منها سوى الفتات.
فعلى الرغم من تحريم بيع الأعضاء، تحريماً كلياً في الأديان كافة، والتشريعات القانونية بالإضافة إلى العديد من البروتوكولات العالمية من الأمم المتحدة التي تجرم فيها عملية بيع الأعضاء وتحث الحكومات على مكافحتها بشدة، إلا أنها ما زالت منتشرة وآخذة بالتوسع والإزدياد بسبب شهوة المال.
أيها القارئ الكريم.. بعد هذه المطالعة حول وهب الأعضاء والمحاولة الجادة لعرض كل الآراء حولها من مؤيد ومعارض، ومن كرامة الجسد، إلى إنقاذ حياة إنسان، أو إلى متاجرة مربحة لا تعرف معنى الإنسانية وقيمها، نترك الحكم والقرار لك في كل ما سبق.
*مدير ثانوية “الإشراق” فرع المتن – لبنان
المراجع:
1. الكتب السماوية المقدسة ( القرآن – الإنجيل)
2. فضيلة الشيخ هادي العريضي. رأي رئيس اللجنة الدينية في المجلس المذهبي استنادا إلى قرار مشيخة العقل؛ ما حكم وهب الأعضاء؟ وما شروطه؟
3. فضيلة القاضي الشيخ غاندي مكارم. الموقف الشرعي المعتمد في موضوع وهب الأعضاء. مشيخة العقل طائفة الموحدين الدروز الموقع الرسمي.
4. نادر شافي. الإطار القانوني لوهب الاعضاء والأنسجة البشرية؛ العدد: 225. مارس/آذار 2004. الموقع الرسمي للجيش اللبناني.
5. هيثم زعيتر. 11 عاماً على رحيل المفتي جلال الدين : بارك “وهب الأعضاء” بعد الممات فأنقذ حياة كثيرين. جريدة اللواء. أبريل/نيسان 2018.
6. روجيه أصفر. وهب وإزدراع الأعضاء مقاربة علمية وأخلاقيّة – كنسية. فبراير/شباط 2010. zenith العالم من روما.
7. علي الموسوي. الأديان والقوانين تبيح وهب الأعضاء البشرية ضمن ضوابط. مايو/أيار 2015. green area.
8. الشيخ محمد صالح المنجد. الإسلام وسؤال وجواب. حكم التبرع بالأعضاء. 2008.
9. لجنة أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية. يجوز نقل الأعضاء البشرية لكن بشروط. أكتوبر/تشرين الأول 2014.
10. مركز سيتا. الإتجار بالأعضاء: سوق تجاري عماده الحرب والفقر. سبتمبر/ايلول 2019.
11. الامم المتحدة؛ بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، تشرين الثاني 2000.
12. الأمم المتحدة؛ مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية؛ تشرين الاول 2011.
13. جوزف معلوف؛ المسألة الأخلاقيّة في العلوم الطبّيّة؛ ص:135.
14. التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية. رقم: 2296. ص: 652 – 653.
15. _ Wikipedia _ Batty, David (December, 2010). “World’s first organ donor dies aged 79”. The Guardian. ISSN 0261-3077. Retrieved August 6, 2016.
16. Wikipedia _ Weaver, Matthew ( April 2015). “Parents of UK’s youngest organ donor hope others will be inspired”. The Guardian. London. Retrieved April 24, 2015.
17. _ Wikipedia _ Wilson, Caroline (July, 2016). “107-year-old becomes Scotland’s oldest organ donor”. Evening Times (Glasgow, Scotland). Retrieved August 6, 2016.
18. رحاب ابو الحسن؛ وهب الأعضاء…حين يصبح للموت معنى اسمى؛ تشرين الأول 2012؛ الوكالة الوطنية للإعلام.
19. نور القعسماني؛ وهب الأعضاء جريدة النهار؛ ملحق الشباب؛ العدد 577.
مصدر الصور: جريدة النهار – لبنان 24.
موضوع ذا صلة: الإتجار بالأعضاء: سوق تجاري عماده الحرب والفقر