إعداد: مركز سيتا

شهدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في 21 فبراير/شباط 2020، انتخابات نيابية جديدة، جرت في ظل أزمة اقتصادية خانقة بسبب العقوبات الإقتصادية الأمريكية المفروضة على البلاد، وبعد أشهر قليلة من اندلاع احتجاجات كبيرة ضد رفع أسعار الوقود، والتوتر المتزايد مع الولايات المتحدة بسبب إغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، في العراق أوائل العام 2020. كما أنها تأتي في ظل بروز مزيد من الإحتجاجات الشعبية، التي بدأت منذ عامين.

فنسبة المشاركة فيها تعتبر مرآة لمدى شعبية الحكم في الشارع الإيراني، وهو ما قد إنعكس على الرئيس حسن روحاني الذي قد يواجه مجلساً يسيطر عليه المحافظون، ما يعني أنه سيواجه المزيد من الضغوط والانتقادات.
فلقد أسفرت نتائج الانتخابات البرلمانية الإيرانية، عن سيطرة المحافظين على مقاعد البرلمان من خلال الحصول على «221» مقعداً من أصل «290»، منها «20» مقعداً للإصلاحيين، وما تبقى للمستقلين.

إنتخابات وأزمات

تغير المشهد السياسي في إيران إلى حد بعيد منذ الانتخابات البرلمانية السابقة، التي جرت في العام 2016، حيث فاز تحالف يضم الإصلاحيين والمعتدلين المؤيدين للرئيس روحاني بعد إلحاق الهزيمة بالمحافظين، الذين كانوا سيطروا على المجلس منذ العام 2004. ومن الجدير ذكره هنا أن دخول الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية حيز التطبيق، مع بداية عام 2016، مثَّل نقطة تحول مهمة، إذ انتعشت الآمال بتطبيع علاقات إيران مع المجتمع الدولي، ورفع العقوبات التي كانت مفروضة عليها؛ وبالتالي، سينعكس الأمر إيجاباً على تحسن الإقتصاد. وقد ساعدت تلك الأجواء كثيراً أنصار الرئيس روحاني في كسب المزيد من الأصوات في الإنتخابات بحيث حصد نسبة كبيرة من مقاعد المجلس.

لكن وصول الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بدد أي أمل في تحسين الوضع الإقتصادي، إذ سرعان ما انسحبت واشنطن، في مايو/ أيار العام 2018، من الإتفاق وأعادت فرض عقوبات اقتصادية جديدة أوسع وأشد بطريقة شلت اقتصادها. ما هو مهم في هذه الإنتخابات أنها الأولى بعد تجديد الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية القاسية على إيران بسبب برنامجها النووي.

“حصة الأسد”

يشكل المحافظون والمتشددون العدد الأكبر من المرشحين، الأمر الذي قد يؤدي في النهاية إلى إضعاف سياسي للرئيس روحاني، المعتدل نسبياً، حيث تنافس عليها أكثر من 7000 مرشح على 290 مقعداً في مجلس الشورى. هذا المجلس يعتبر جزءاً من النظام الإيراني الذي يشكل مزيجاً من الحكم ذي الطابع الديني والديمقراطي معاً حيث يمتلك المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، فيه القرار النهائي لا سيما بأهم القضايا.

يأتي ذلك في وقت وصف فيه السيد خامنئي التصويت الإنتخابات بأنها “واجب ديني”، فهو يحاول أن يظهر صموداً في وجه جهود الولايات المتحدة، التي تريد عزل البلاد والضغط عليها من أجل التغيير.

مطبات وعقبات

أعلن وزير الداخلية، عبد الرضا رحماني فضلي، أن نسبة المشاركة في الإنتخابات النيابية بلغت 42.6%، وهي تشكل أضعف نسبة إقبال، منذ قيام الجمهورية الإسلامية في العام 1979، وقال فضلي “أجرينا هذه الإنتخابات، في ظروف شهدت فيها البلاد العديد من الحوادث من بينها سوء الأحوال الجوية، وانتشار فيروس كورونا، وتحطم الطائرة الأوكرانية”، مضيفاً “أنه وبالنظر إلى هذه الظروف فإن المشاركة تعتبر مقبولة”. من خلال تلك النسبة، يبدو بأن “سطوة” السلطة الدينية باتت في تراجع إلى حد ما، بغض النظر عن فوز المحافظين من عدمه. فنسبة المشاركة الضئيلة بعد دعوة المرشد الشرعية، تعتبر مؤشراً على تغير ما في مزاجية المواطنين الإيرانية إلى حد ما.

بالنسبة إلى النتائج، أشارت وكالة فارس للأنباء أن المحافظين فازوا 191 مقعداً من أصل 290 مقعداً في البرلمان، بينما لم يحصل الإصلاحيين إلا على 16 مقعداً، في حين فاز المستقلون بـ 43 مقعداً.

مع فوز المحافظين المناهضين للغرب بأغلبية كاسحة في الإنتخابات البرلمانية، يبدو أيضاً أنهم الأوفر حظا لإقتناص مقعد الرئاسة العام المقبل (2021)، لكن الأزمة الاقتصادية قد تجبرهم على التواصل مع الولايات المتحدة رغم إحكام قبضتهم على السلطة. إلا أن المؤكد، حتى الآن، هو إستبعاد طهران لإجراء أية محادثات مع واشنطن ما يتم رفع العقوبات الصارمة عليها.

لذلك، يتزايد الإستياء من الصعوبات الاقتصادية، والتي أدت إلى إحجام الكثير من الإيرانيين عن المشاركة في التصويت، ما قد يجبر المسؤولين الإيرانيين على اللجوء للدبلوماسية بدلاً من المواجهة، والتي كادت تؤدي إلى نشوب حرب شاملة بين الطرفين، في يناير/كانون الثاني 2020.

أخيراً، لا يترك الوضع الهش للإقتصاد الإيراني الكثير من الخيارات أمام السلطات الحاكمة خاصة بعد أن أضعفته حملة “الضغوط القصوى” التي تنتهجها الولايات المتحدة، والتي أدت إلى خنق صادرات النفط الحيوية، هذا من ناحية. من ناحية أخرى، يمكن القول بأنها تشكل فرصة لتحقيق آمال ومطالب الكثير من الإيرانيين المؤيدين للإصلاح بالحصول على حريات اجتماعية وسياسية أكثر.

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصور: الميادين – مصر العربية.

موضوع ذا صلة: الموسوي: الثورة الإيرانية وضعت خطة الأربعينية القادمة