سامية أبورسلان*

فيما يطالب السجناء في لبنان بعفو عام وعدوا به مراراً وتكراراً، وخاصة في زمن الإنتخابات، وتزامنا مع الإضراب العام في سجن رومية وإعلان حالة “العصيان المدني” للمطالبة بالعفو العام، في ظل الظروف الإستثنائية التي أدى إليها إنتشار فيروس كورونا في لبنان والخوف من إنتقاله إلى داخل السجون، في ظل كل ما سبق أصدرت المحكمة العسكرية حكماً قضى بإطلاق سراح العميل الإسرائيلي، عامر الفاخوري، الملقب بـ “جزار الخيام”.

وقع خبر إطلاق سراح العميل كـ “الصاعقة” على آذان اللبنانيين، بشكل عام، والمساجين، بشكل خاص إذ لطالما كان هناك خلاف سياسي كبير بين الفرقاء السياسيين اللبنانيين حول العملاء وأحقية عودتهم من عدمها، لكن ومن المسلمات، أو حتى البديهيات التي لا يكاد يختلف عليها اثنان، أن الفاخوري هو عميل إسرائيلي ومجرم حرب مكانه الوحيد هو السجن.

أما السجناء، الذين لطالما وعدوا وطالبوا وأضربوا حتى وصل الأمر إلى عصيان مدني داخل السجون، عادت اليوم قضية العفو العام إلى الساحة السياسية من جديد وبقوة أكبر من ذي قبل. هذه المرة ليست في زمن الإنتخابات ولا الصفقات السياسية، التي لطالما تاجروا من خلالها بهذه القضية الإنسانية، بل في زمن الكورونا ذاك الوباء المتفشي في أصقاع الأرض كافة لا سيما في بلد صغير، كلبنان، يعجز عن تأمين أدنى مقومات الحياة لمواطنيه، بالدرجة الأولى، ولسجنائه، بالدرجة الثانية، وأن يقوم بحمايتهم من خطر تفشي الوباء داخل زنازينهم.

للعلم، فاقت طاقة سجن روميه الإستيعابية بالأصل من السجناء بما يفوق الضعف، كما أن هناك نسبة لا يستهان بها من السجناء اللذين يقبعون داخل السجون من دون المحاكمة بعد. فإكتظاظهم قاتل في زمن السلم، فما بالك في هذه الحرب الوبائية. والأسئلة كثيرة هنا وأبرزها: هل لدى الدولة اللبنانية القدرة على تأمين الكمامات والقفازات والمعقمات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية؟ هل لديها القدرة على إحتواء الوباء حال إنتشاره داخل السجون؟

لقد كان قانون العفو العام حاجة ملحة، إجتماعياً وإنسانياً، في الآونة الأخيرة قبيل إنتشار الوباء، وذلك لعدم توفر أدنى مقومات الحياة والنظافة والرعاية الطبية، والإفتقار إلى التنظيم والفصل بين السجناء الذين يصنف بعضهم على أنهم إرهابيين، والسجناء ذوي الجنح العادية، وهذا ما قد يشكل خطراً على سلامة الفئة الأخيرة منهم.

أما اليوم في ظل تفشي هذا الوباء العالمي، يبدو بأن الحاجة أصبحت ملحة أكثر بل ضرورية لإتخاذ خطوة جريئة تتمثل في إقرار قانون العفو العام. الإ أن هذا القانون لا يشمل كافة السجناء، فهو يستثني كل من قام بقتل مدنيين و/أو عسكريين، ومن بصنع و/أو بنقل مواد متفجرة، ومن درب أشخاصاً للقيام بأعمال إرهابية، ومن قام بالإعتداء على الأمن العام، بالإضافة إلى مرتكبي الجرائم المالية.

أخيراً، هناك إجراءات تصعيدية وعد بها السجناء من داخل سجونهم، يرافق ذلك مع تحرك أهاليهم في الخارج للمطالبة بتنفيذ العفو، فيما الدولة أعلنت التعبئة العامة خارج السجون وتركت السجون “قنبلة موقوتة” في وجه الوباء.

*كاتبة لبنانية

مصدر الصورة: الحرة.

موضوع ذا صلة: لبنان.. بين الإفلاس والكورونا