د. أحمد أديب أحمد*

إن هذا الهياج الأخير لسعر الصرف وإنخفاض قيمة العملة السورية إلى أدنى مستوياتها أمام الدولار وبشكل غير مسبوق وغير مبرر كشفه مؤخراً المبعوث الأميركي لسورية، جيمس جيفري، عندما قال “انهيار قيمة العملة السورية يرجع إلى الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة”.

يتبين من خلال تصريحاته أن إشعال أزمة المصارف اللبنانية لم يكن هدفه لبنان بل المستهدف الأساسي هو سورية، وهو معنى كلامه أن سورية “لم تعد قادرة على تبييض الأموال في المصارف اللبنانية التي تعاني هي أيضا من أزمة”. أيضاً، كشف في تصريحاته أمس أن بلاده قدمت للرئيس السوري، بشار الأسد، “عرضاً” للخروج من هذه الأزمة، وإن الرئيس إذا كان مهتماً بشعبه فسيقبل العرض، وأن واشنطن تريد أن ترى عملية سياسية ومن الممكن ألا تقود إلى تغيير الحكم. فما هو العرض يا ترى؟!

تطالب واشنطن بتغيير سلوك الرئيس الأسد، وعدم توفيره مأوى لما سماه التنظيمات الإرهابية، قاصداً المقاومة اللبنانية، وعدم تأمينه قاعدة لإيران هدفها بسط هيمنتها على المنطقة، ويقصد إخراج إيران من سورية كلياً؛ وإن لم يوافق الرئيس الأسد على هذه الطلبات، فالعقوبات المشمولة بقانون “سيزر” ستطال أي نشاط اقتصادي بشكل تلقائي.

من هنا أقول، أننا في سورية ما زلنا ندفع الثمن عن حلفائنا، فالمؤامرة تطال البلاد بشكل أكبر بكثير مما تطال الحلفاء المتفرجين اقتصادياً على حالنا. فلو أن الرئيس الأسد طلب من إيران الخروج من سورية وأوقف دعم المقاومة، لتغير التعامل الأمريكي وتم إيقاف مفعول قانون “سيزر”، سيما وأن مطالب الإدارة الأمريكية، في العام 2003، عادت لتتجدد اليوم. في المقابل، إن الرئيس الأسد هو صاحب مبدأ ثابت لا يتغير مهما كانت ضغوط الأعداء كبيرة.

من هنا، إن على الحلفاء، عموماً، وإيران، خصوصاً، أن تقدر هذا الموقف السوري النبيل والتضحية في سبيل المبدأ؛ بالتالي، عليهم أن يقوموا بتحرك سريع لدعم الليرة السورية في مواجهة هذا الإنهيار الذي تقوم أمريكا بالعمل عليه، علماً أن الحكومة لن تستطيع المواجهة وحدها لأن الأمور أكبر من طاقتها، وهذا الكلام من مبدأ الإنصاف لا التبرير لها. على حلفائنا أن يعرفوا أن الأمور لا تتجزأ، فالحرب الآن اقتصادية، وليست عسكرية فقط، وعليهم أن يأخذوا دورهم ويتحركوا بسرعة قبل فوات الأوان.

ختاماً، نحن بإنتظار خطوات جدية وفعالة من الحليفين، الروسي والإيراني، لدعم العملة السورية، وكسر الحصار الخانق عن الشعب السوري الذي يدافع عنهما كما يدافع عن سورية.

*أستاذ الإقتصاد في جامعة تشرين – سوريا.

مصدر الصورة: موقع الحل نت.

موضوع ذا صلة: إجراءات ضرورية في مواجهة قانون سيزر