إعداد: مركز سيتا

عقد قادة دول مجموعة العشرين G20 قمة طارئة عبر تقنية الفيديو، بإشراف المملكة العربية السعودية التي تتولى الرئاسة الدورية للمجموعة، لتنسيق جهود التصدي لوباء فيروس “كورونا” المستجد، “كوفيد -19” الذي أودى بحياة أكثر من 21 ألف شخص، وأجبر أكثر من ثلاثة مليارات إنسان، عبر العالم، على ملازمة بيوتهم.

أتت هذه القمة في وقت تتزايد فيه المخاوف بشأن إجراءات الحماية الإقتصادية، التي يجري بحثها أو تبنيها، في حين تجاهد الدول للتصدي لتفشي الفيروس. ولقد شاركت بالقمة دول طالها الوباء، مثل إسبانيا والأردن وسنغافورة وسويسرا، وبالإضافة إلى رؤساء منظمات دولية كبرى.

تقديم الدعم

تركزت المحادثات حول كيفية حماية أهم اقتصادات العالم من تبعات الإجراءات المتخذة لمنع انتشار الفيروس، بينما يلوح في الأفق شبح ركود اقتصادي وسط توقعات نشرتها مؤسسة “موديز” للتصنيف الائتماني من إنكماش إجمالي الناتج المحلي في دول العشرين مجتمعة بنسبة 0.5%، فيما يظن أن الإنكماش في إقتصاد الولايات المتحدة ستكون نسبة 2%، والإقتصاد الأوروبي بنسبة 2.2%.

في هذا الوقت، حثت منظمة الصحة العالمية دول مجموعة العشرين على تقديم الدعم “للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل”، بدورها قالت مصادر رئاسية فرنسية إن الإجتماع الافتراضي ركز على “التنسيق على المستوى الصحي”، وكذلك إرسال “إشارة قوية” إلى الأسواق المالية بشأن الجهود المبذولة لتحقيق الإستقرار الاقتصادي”.

هدنة مؤقتة

ذكرت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست”، نقلاً عن مصادر دبلوماسية، أن كلاً من الصين والولايات المتحدة اتفقتا، خلال المحادثات التحضيرية، على وقف تبادل الإتهامات بشأن الفيروس مؤقتاً، على الرغم من أن المحادثات بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي تعطلت بسبب إصرار واشنطن على تضمين البيان أن الصين هي منشأ الفيروس.

عقدت القمة في وضع كانت وما تزال فيه العلاقات المتبادلة متوترة حيث وصلت إلى حد تراشق التصريحات بين الجانبين، الصيني والأمريكي، حيث هاجم وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الصين قائلاً “إن كبار الدبلوماسيين في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى اتفقوا معه على أن بكين تشن حملة تضليل بشأن الوباء”، مضيفاً “إن الحزب الشيوعي الصيني يمثل تهديداً كبيراً لصحتنا ولأسلوب حياتا كما أظهر الوباء بشكل واضح.”

حرب النفط

شارك الرئيسان الأميركي، دونالد ترامب، والروسي، فلاديمير بوتين، في القمة الافتراضية التي ترأسها الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، في خضم ضغوط على المملكة لإنهاء حرب أسعار النفط مع موسكو والتي دفعت أسعار الخام لأدنى مستوياتها في 20 عاماً، في وقت قوض فيه الوباء المستجد الطلب العالمي على هذه المادة.

سابقاً، كان من المعروف أن السعودية لطالما أبقت النفط خارج المعادلة السياسية على إعتبار أنه “سلعة إستراتيجية”، ولإدراكها هشاشة الإقتصاد العالمي الآن مع تعاظم ما يواجهه من عدم استقرار سياسي، وحرب نفوذ بين الولايات المتحدة والصين، ويضاف إلى ذلك الشلل المتعاظم نتيجة انتشار فايروس “كورونا”. من هنا، جاءت الرغبة السعودية في وضع تصور يخدم استقرار الأسعار وفي نفس الوقت يخفف من آثار الوباء على المنتجين، إلا أن انشغال كل من الروس والأميركيين بأمر إعادة التموضع في سوق الإنتاج كان الأولوية بدل دعم الإستقرار وتحميل “العربي الجشع” نتائج ذلك.

وعلى ما يبدو، هذا ما دفع الرياض إلى إتخاذ قرار رفع الإنتاج اليومي لحدوده القصوى من أبريل/نيسان المقبل (2020)، بواقع 13 مليون برميل يومياً، مع إعطاء خصومات لزبائنها الكبار والجدد. لكن على المقلب الآخر، تواجه الرياض ضغوطاً من واشنطن للتراجع عن قرارها برفع الإنتاج وعرض أكبر تخفيضات للأسعار في عقدين، رداً على رفض روسيا تمديد اتفاق لخفض الإنتاج، إذ حث الوزير بومبيو ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في وقت سابق على “الإرتقاء إلى مستوى الحدث” و”طمأنة أسواق الطاقة والأسواق المالية العالمية”.

البيان الختامي

أكد البيان الختامي المشترك لقمة العشرين “الإفتراضية” على أن دول المجموعة تعد بإتخاذ إجراءات جماعية لدعم الإقتصاد العالمي، واستخدام جميع الأدوات السياسية المتاحة للحد من الأضرار الإقتصادية والإجتماعية الناجمة عن جائحة فيروس “كورونا” المستجد عبر استخدام جميع الأدوات السياسية المتاحة، وبذل كل ما في الإمكان من جهود، واستعادة النمو العالمي، والحفاظ على استقرار السوق وتعزيز القدرة على الإنتعاش.

أيضاً، تقديم دعم مالي قوي وواسع النطاق إذ أن من شأن العمل الجماعي، الذي تقوم به مجموعة العشرين، أن يعزز من تأثيرها وأن يضمن التماسك والمساعدة المتبادلة. إن قوة وحجم هذه الإستجابات من شأنها أن تضع الإقتصاد العالمي على قدميه مجدداً، حيث أنه ومن المتوقع أن يتبنى القادة وثيقة تحدد خطة العمل لمكافحة الفيروس.

أخيراً وفي ظل انقسام قادة العالم، يتناقض الإجتماع مع مؤتمرات قمة مجموعة العشرين التي تلت الأزمة المالية لعام 2008، عندما تحولت المجموعة إلى خلية عمل لتعبئة المساعدة للبلدان الضعيفة. في هذا الشأن، قال إيان بريمر، رئيس ومؤسس مجموعة “أوراسيا” الإستشارية، إن “مجموعة العشرين تبدو غائبة اليوم على عكس العام 2008″، وما يعزز هذا التباعد هو السياسة الإنعزالية التي يتبعها الرئيس ترامب.

يبقى السؤال هنا: فهل تنجح قمة، أقيمت عن بُعد، في التوفيق للحد من هذه الجائحة التي تجتاح العالم وسط خصومات سياسية وعداوات تجارية؟!

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصور: فرانس 24 – الميادين.

موضوع ذو صلة: “قمة العشرين”: مواجهات بين التكتلات الإقتصادية العالمية