حوار: سمر رضوان

في انهيار وصف بـ “التاريخي”، تراجعت أسعار النفط الأمريكي بطريقة غير مسبوقة بعد حرب أشعار ما بين روسيا والسعودية بمباركة أمريكية، لتعود الأمور وتنقلب على الداخل الأمريكي بشكل دراماتيكي لا سيما مع تدهور الأسعار العالمية بسبب الزيادة في الإنتاج، وكلفة إستخراج النفظ الصخري، ناهيك عن جائحة “كورونا” التي شلت الإقتصاد العالمي، بشكل عام، والأمريكي، بشكل خاص. فما هو تفسير هذا التدهور غير المسبوق بسوق النفط؟

عن هذا الموضوع وتأثيراته على الداخل الأمريكي والخارج وسط جائحة تنذر بحلول كوارث كبيرة على الصعيد الاقتصادي، سأل مركز “سيتا“، الدكتورة ليلى نقولا، أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية، حول هذا الموضوع.

حرب نفطية

بشكل عام، يؤثر انهيار أسعار النفط الأميركي على الاقتصاد الداخلي ككل، خاصة وإن أي انخفاض في سعر النفط العالمي يؤثر بشدة على النفط الصخري الأميركي لأن كلفة استخراجه عالية جداً. وبالفعل وللمرة الأولى في التاريخ، سجل سعر برميل النفط الأميركي الخام سعراً سلبياً، ما دون الصفر، وذلك لسببين؛ السبب الأول، الإقفال التام الذي فرضه فيروس “كورونا”. والسبب الثاني، الحرب النفطية التي بدأها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، مع الروس والتي قرر بموجبها زيادة إنتاج النفط إلى الحد الأقصى.

من المفيد هنا أن نشير إلى أن الحرب النفطية بين السعوديين والروس أتت في خضم تراجع الطلب على الطاقة، وفي عز انتشار الوباء في كل من الصين وأوروبا. فلقد قام ولي العهد السعودي، وعلى أثر فشل المفاوضات بين منظمة “أوبك” وروسيا حول تخفيض إنتاج النفط، بإجراء مكالمة هاتفية مع الرئيس فلاديمير بوتين انتهت بإعلان حرب نفط أفضت إلى نتائج كارثية بين البلدين، وألقت بثقلها على أسعار النفط العالمي.

إفلاس ودعم

هكذا وبسبب إقفال الأسواق وتراجع الطلب الى أقصى حد منذ عقود وبعد إعلان الدول المصدرة للنفط زيادة انتاجها وذلك بتأثير حرب النفط الروسية – السعودية، لم يعد حاملو عقود النفط قادرين على بيعها، ولا حتى قادرين على استلام الحمولات من النفط التي اشتروها في وقت سابق بعدما إستنفذت أماكن التخزين سعتها، فإنهارت الأسعار.

هنا، من الطبيعي أن تؤدي هذه المعطيات إلى إفلاس العديد من شركات النفط الصخري الأميركي وتسريح العمال، ما يعني زيادة في نسبة العاطلين عن العمل. لكن الإدارة الأمريكية واستدراكاً لما قد يعانيه الإقتصاد الأمريكي من جراء أزمة “كورونا”، قررت صرف مساعدات عاجلة لهذه الشركات لمنعها لإفلاسها، كما قدمت المساعدات للعديد من الشركات الكبرى والمتوسطة والمؤسسات الصغيرة، وإلى الأفراد أيضاً.

إتفاق جديد

بعد أن استعرت حرب النفط وأدت إلى إنهيار كارثي بأسعار النفط عالمياً، تم توقيع اتفاق “أوبك بلاس” لخفض إنتاج النفط بمقدار 9.7 مليون برميل يومياً، يبدأ في شهر مايو/أيار 2020. وبالرغم من إيجابياته، من الصعب أن يؤدي هذا الاتفاق إلى إنهاء أزمة النفط العالمي، فالإقفال الذي تفرضه جائحة “كورونا” يجعل من المتعذر استهلاك النفط الذي يتم استخراجه، لذلك أفق الأزمة سيطول لعدة أشهر.

وعليه، إذا استمر سعر النفط منخفضاً بفعل العرض والطلب، فإن الشركات الأميركية ستكون أمام مأزق حقيقي لأن الكلفة العالية لإستخراج النفط الصخري الأميركي ستؤدي الى إفلاس بعض الشركات الأميركية حتى لو تراوح السعر بين 20 و30 دولاراً للبرميل. فكيف بالحال إذا أصبح أقل من ذلك؟

لا شك، أن استمرار أسعار النفط على ما هي عليه، ستدفع العديد من الشركات الأميركية لإشهار إفلاسها وتسريح عمالها خلال سنتي 2020 – 2021.

“فخ النفط”

بشكل عام، تتأثر اقتصاديات الدول المصدرة للنفط بإنهيار الأسعار بشكل متفاوت. فالدول التي يعتمد اقتصادها كلياً على مبيعات النفط ستكون أمام كارثة اقتصادية حقيقية، بينما الدول التي لم تدخل في “فخ” الإعتماد كلياً على النفط وتعتمد اقتصاداً متنوعاً، ستواجه بعض الصعوبات المالية ولكن يمكن تخطيها.

المشكلة اليوم في أن هذا الإنهيار بأسعار النفط يترافق مع كوارث اقتصادية وتوقعات بالركود بسبب الإقفال التام وعدم القدرة على إعادة تحفيز الإستهلاك بسبب “كورونا”؛ وبالتالي، من المتوقع أن تشهد العديد من الدول اضطرابات داخلية كنتيجة للأزمات الإقتصادية والإجتماعية بعد انتهاء موجة الوباء.

بعد انتهاء الوباء، من غير المتوقع أن يعود سعر النفط الى سابق عهده بسرعة، بل أنه سيحتاج إلى وقت طويل نوعاً ما وذلك لتصريف الإنتاج المكدس وعودة السوق إلى سابق عهده، إذ من الممكن أن يبقى الإنكماش الإقتصادي لفترة طويلة بسبب إنعدام أو ضعف القدرة الشرائية لدى السكان.

مصدر الصور: عربي بوست.

موضوع ذا صلة: الرياشي: تنازلات روسية جدية بعد “حرب النفط”