نبيل المقدم*
هل أصبح النظام الطائفي في لبنان في الطور الأخير من النزاع بفعل التغيرات التي حدثت مؤخراً والتي جلبها وباء “كورونا” على العالم أجمع أم أن هذا النظام مازال قوياً وقادراً على نهش البنية الإجتماعية والإقتصادية والسياسية للبنان وجعلها آيلة للتفكك والإنفجار في أي وقت؟ هل ما زال ما سمي بـ “الوفاق الوطني” زوراً وبهتاناً هو القشة التي يتمسك بها الجميع خوفاً من أن تفلت العشائر والطوائف على بعضها بعضاً في حرب مدمرة تفني فيها نفسها والمجتمع؟
إن الأزمة الإقتصادية الجارفة التي يعيشها لبنان حالياً، والتي زادها وباء “كورونا” حدة، مرشحة للتصاعد بشكل كبير حتى الوصول إلى مرحلة التعافي من هذا الوباء، لتزيد أزماتنا الإقتصادية والإجتماعية تفاقماً، ولتقول أن شيئاً كبيراً سيحدث وهو أن زعماء الطوائف سيفقدون القدرة على ضبط رعاياهم مستقبلاً وتطويعهم تحت قيادة “رأس” العشيرة والطائفة؛ فعندما يدق الفقر الأبواب ويصبح الجوع سيد الموقف وتتزايد أعداد العاطلين عن العمل، لا يعود بإمكان رأس العشيرة هذا ضبط عشيرته، وتصبح الأمور خارج السيطرة وربما يصبح زعماء الطوائف هم الضحية الأولى.
هنلك عدد آخر من الأسئلة التي يجب طرحها في هذا المضمار: هل تريد الدول الراعية للنظام الطائفي في لبنان أن يفلت هذا النظام من يدها وهي التي عملت لتعزيزه ضمن فترة طويلة من الزمن واستثمرت فيه لتعزيز حضورها وقوتها في المنطقة؟ هل أن هذه الدول ما زالت قادرة على تعزيز حضورها في بنية هذا النظام في ظل الإنكماش الاقتصادي الذي تعاني منه حالياً وفي ظل فقدان القدرة على ضخ أموال خليجية جديده في لبنان مما سيدفع أعداداً كبيرة من أبنائه للعودة مطالبين ببناء دولة منتجة تقيهم من الفقر والعوز؟
إن هذه الدولة المنشودة لا يمكن أن تكون نتاج نظام طائفي؛ وبالتالي، إن النظام الطائفي لن يكون قادراً على فرض سيطرته العليا بفعل هذه التغيرات. فما نشهده اليوم، هو عملية خلط كاملة للأوراق، خصوصاً في ظل “إنهيار” أميركي سيجعله غير قادر على البقاء كحامٍ لحلفائه في المنطقة، وهذا بالتأكيد سيؤدي إلى ضعف المنظومة الطائفية وعدم تمكنها من البقاء كحاكمة للبنان، حيث ستجد نفسها عاجزة عن حسم الأمور لمصلحتها.
*كاتب وصحفي لبناني.
مصدر الصورة: جريدة اللواء.
موضوع ذا صلة: بدوي: “حلان” خارجيان للأزمة اللبنانية