إعداد: مركز سيتا
لم يكفِ الولايات المتحدة فيروس “كورونا الآسيوي” ليحل عليها غضب دبابيرها أيضاً. فلقد وصلت أعداد ضخمة من الدبابير القاتلة إليها لتتولد “جائحة” جديدة يجب مكافحتها خصوصاً وأنها أخطر من كوفيد – 19، في المضمون. فلقد ساد قلق واسع في بعض المناطق، خصوصاً واشنطن، عقب ظهور “دبابير قاتلة” قادمة من آسيا، لأول مرة، وسط تخوفات من لدغاتها المميتة، للبشر والنحل على حد سواء.
وما يجعل الأمر أكثر خطورة هو أن الناس لا تعرف أماكن تواجدها، فهذا النوع يعشش في الأرض، والأمر المقلق الآخر هو قدرتها على اللدغ عدة مرات ما قد يؤدي على الموت، لذلك تم إطلاق صفة “القاتلة” عليها.
قلق كبير
بعد رصده، يسود القلق من مسألة خروج هذه الدبابير من سباتها الشتوي؛ وبالتالي، البدء بهجماتها ليس على البشر فحسب بل على نحل العسل أيضاً، وهو ما يطلق عليه الباحثين عبارة “مرحلة الذبح” خصوصاً عندما يتم تدمير مستعمرات النحل بأكملها، حيث تقوم بالتغذي على صغارها. على سبيل المثال في واشنطن، شوهدت تلك الدبابير وهي تقوم بتدمير خلايا النحل.
وبحسب صحيفة “بيلينغهام هيرالد” الأمريكية، تلقت وتحققت وزارة الخارجية تلقت من 4 تقارير عن تواجد الدبابير الآسيوية العملاقة بالقرب من بلين وبيلينغهام شمال غرب الولايات المتحدة، ديسمبر/كانون الأول 2019. من هنا، يرى العديد من المختصين بأنه إذا لم يتم الإنهاء من تلك الحشرات في العامين المقبلين، فمن المحتمل أن يكون الأوان قد فات لوقف انتشارها في جميع أنحاء البلاد.
تحذير من التمدد
في مدينة نانيمو الكندية القريبة من الولاية وتحديداً أواخر العام 2019، تم العثور على خلية كاملة من الدبابير وتدميرها إلا لأن الإختبارات الجينية تشير إلى أن تلك الفصيلة المكتشفة، في الولايات المتحدة، هي من أصل منفصل، حيث تشكل هذه الدبابير مستعمرات تتألف من ملكة واحدة والعديد من العمال، ويمكن أن تطير لعدة أميال بحثا عن الطعام، وهي تأكل أنواعا كثيرة من الحشرات، لكنها تفضل التهام النحل.
ولكن بعد الإبلاغ عن فقدان الكثير من القفران في الأشهر الأخيرة، يسود قلق واسع في محيط تجار ومربي النحل من عدم القدرة على مواجهة تلك الحشرة خصوصاً أنها قوية وعدوانية وذات حجم قياسي، يصل إلى حدود الـ 5 سم. فهي تستطيع القضاء على مستعمرات النحل في وقت قصير جداً لا سيما وأن لها لسعات طويلة وقوية بما يكفي لثقب الخلايا.
ففي غضون 90 دقيقة فقط، يمكن لمجموعة صغيرة من الدبابير الآسيوية تلك تدمير مستعمرة نحل بأكملها ثم إحتلالها لأسبوع متغذية على اليرقات. وفيما لا يمتلك نحل العسل الأوروبي أي دفاع ضد هذه الدبابير، يقوم نحل العسل الياباني بالطيران حول الدبابير وضرب أجنحتها ورفع درجة حرارتها قبل أن يخنقها بثاني أوكسيد الكربون.
على المقلب الاخر، تشكل تلك الحشرات تهديداً للنحالين بشكل كبير؛ فبلسعاتها الطويلة والقوية، يمكن لها إختراق الملابس الواقية التي يرتديها عادة، كما يمكن أن تقتل الأشخاص اللذين لا يعانون من الحساسية بعد أن يسبب السم لهم تلفاً في الكلى.على سبيل المثال، تقتل هذه الدبابير ما يصل إلى 50 شخصاً سنوياً في اليابان، وفقاً لما نقلت قناة “فوكس” الأميركية، فلدغة هذا الدبور سامة جداً لدرجة انها تسبب نخراً موضعياً حول الجلد الملدوغ.
ويحذر العلماء الأميركيون من خطر “الدبابير القاتلة” تلك والتي قالوا إنها تهدد أعداد النحل الأميركي، المنخفضة أصلاً، وكذلك حياة البشر إذ يبقى الخوف من قدرة إنتشارها خارج واشنطن. لكن الغريب في الأمر، وبحسب مجلة “ناشيونال غرافيك”، هي أن لا أحداً يعرف كيف وصلت تلك الحشرات إلى الولايات المتحدة من مواطنها الأصلية في شرق آسيا واليابان.
في هذا الشأن، يعتقد كريس لوني، عالم الحشرات في وزارة الزراعة في ولاية واشنطن، إن هذه الحشرات يحتمل أن تكون نقلت بطريق الخطأ في حاويات الشحن من إحدى البلدان التي تعيش فيها.
خطر مزدوج
ذكرت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” أن “ذعر المواطنين أدى إلى قتل الدبابير والنحل دون تمييز ومن دون داع” إذ أن حملة المطاردة “طالت حتى الحشرات المفيدة”. هنا، قال كبير علماء قسم الحشرات في جامعة كاليفورنيا دوغ يانيغا “إن قتل النحل سيضر بالدورة الطبيعية للحشرات بل والأرض على وجه العموم”، مضيفاً “إن ملايين الحشرات البريئة ستموت نتيجة حملة القتل تلك”، مذكراً “أن الناس عاشوا في الصين وكوريا واليابان جنباً إلى جنب مع هذه الدبابير لمئات السنين، ولم يتسبب دبور في قتل الإنسان.”
هناك أيضاً مسألة مهمة جداً يجب الإشارة إليها وهي أن خطر هذه الدبابير يتجاوز مسألة قتل النحل المنتج للعسل إلى حياة الإنسان ككل. فالنحل، وكما نعلم، له مهمة أساسية أخرى وهي عملية التلقيح؛ فبدونه، وبعض الحشرات المشابحة، لا يمكن للمزروعات إنتاج الثمار من دون حدوث تلك العملية الطبيعية. بالتالي، إن القضاء على النحل هو قضاء غير مباشر على الإنسان ككل.
في تكلمة لما سبق، يعتبر النحل من الملقحات الرئيسية على كوكب الأرض حيث يقوم بتلقيح حوالي 75% من الفواكه والخضروات التي تزرع في الولايات المتحدة، وفقاً لوزارة الزراعة الأميركية.
أخيراً، يبدو أن قلق الولايات المتحدة كبير جداً على تجارة النحل في حال لم يتم التخلص من هذه الدبابير زمنية قصيرة، فالقلق الأكبر سيبدأ إعتباراً من منتصف الصيف، يوليو/تموز، وحتى أوائل الخريف، أكتوبر/تشرين الأول، إذ أن هذه الدبابير ستكون مشغولة بالبحث عن مصادر البروتين لتربية ملكات العام التالي ما يعني زيادة في الهجمات على القفران وخسارة كميات إضافية من النحل.
مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.
مصدر الصور: سبوتنيك – الحرة.