الثابت أن جميع الديانات تؤمن بإمكانية الحوار والاتفاق مع بقية الديانات، فلقد أجاب الفقيه الهولندي “غراتسي. غ” على هذه المسألة بشكل إيجابي في أعماله التي احتوت على فكرة المجتمع الدولي أو القانون الدولي العالمي.

لكن على المقلب الآخر، نجد الكثير ممن ادّعوا الدين وسلطة الرب عبر التاريخ الطويل، كانوا قد أساؤوا استخدامه بشكلٍ لا يمكنه أن يتناسب مع الجوهر الإنساني الروحاني والأخلاقي العظيم للدين، مثل قيام الحروب تحت شعار ديني في العديد من دول العالم، فلقد ثبت تاريخياً أن الاشخاص والجماعات من مختلف الديانات الذين لم يلتزموا بالتعاليم المقدسة للأديان، وشنوا الحروب والفتن وأثاروا النزاعات والكراهية بين أبناء البشر في مختلف المجتمعات الإنسانية عبر التاريخ هم رجال سياسة ومصالح غير ملزمة قاموا باستخدام الدين كقناع أو ستار أو كوسيلة مؤثرة على المجتمعات الإنسانية بغية الوصول إلى أهداف غير أخلاقية.

لكن على الرغم من ذلك، ما نزال نشهد أن هناك من يحاول استخدام هذه الأساليب غير الأخلاقية حتى يومنا هذا بهدف تأجيج الصراعات والفتن وتكريس الخلافات والانقسامات الدولية.

إلى ذلك، نجد أن الدين والمنظمات الدينية ما زالت تمارس تأثيراً ملحوظاً على العلاقات الدولية وعلى القانون، فعلى سبيل المثال نجد دوراً كبيراً للكنيسة الكاثوليكية في أوروبا، كما نلحظ دوراً مهماً للإسلام في المملكة العربية السعودية، كذلك اليهودية والبوذية، هذا يؤكد أن هذه السلطة ما زالت تمارس دوراً واضحاً ينعكس من خلال القوانين والتشريعات المهمة والدساتير في معظم مناطق العالم.

أيضاً، الإسلام يشغل المرتبة الأولى بين مختلف الديانات، وهذا مثبت بالوثائق الشرعية الدولية لجميع الدول الإسلامية، الإسلام يطرح نفسه كمنظومة متناسبة أو متوافقة في مختلف المنظومات الشرعية الدولية وعلى رأسها منظومة القانون الدولي، فالنظرية الخاصة بالقانون الدولي الإسلامي، كانت قد ظهرت على أساس التوافق مع المنظومات الاجتماعية الأخرى، ومن خلال هذا القانون يتضح أن البرنامج الحقوقي قليلاً ما يتميز عن المقاييس الأخرى، إذ نجد أن الإسلام يؤثر على سياسة الدافع الشرعي واللغوي في الوثائق الدولية.

من هنا، لا يمكن اعتبار وجهات النظر للجماعات المتطرفة نابعة من تركيبة الفكر والنهج السليم للإسلام وتأثيرها على الحياة السياسية والقانونية.

وعلى هذا، يكون للإسلام دوراً مميزاً في بلورة تطبيق القانون الدولي واستقرار منظومة العلاقات الدولية على أسس حضارية وأخلاقية تُراعي فيها أسمى القيم الإنسانية النبيلة للأمم.

مصدر الصورة: صحيفة العرب.

موضوع ذا صلة: الدين في ظل القانون الدولي

عبد العزيز بدر القطان

مستشار قانوني – الكويت