حوار: سمر رضوان
يبنى التعاطي السياسي بين الدول على المصالح العليا لكل منها، حيث تأتي التحالفات لتحقيق هذه المصالح التي تتقاطع في العديد النقاط، وليس بالضرورة كل النقاط. على هذا الأساس، تقوم التحالفات على مبدأ الإحترام المتبادل، سواء على صعيد الشؤون الداخلية أو السياسات الخارجية، من دون المساس بجوهر التحالف.
حول أبرز النقاط التي ركز عليها وزير الخارجية والمغتربين السوري، وليد المعلم، خاصة لجهة تحالفات سوريا من منطلق الأمن القومي العربي وموقفها من بعض الأزمات، كالأزمة الليبية، سأل مركز “سيتا“ المهندس الأستاذ باسل خراط، رئيس الهيئة السياسية للحرس القومي العربي – سوريا، عن هذا الموضوع.
إنفتاح سوري
إن منطلق التحالفات جعل سوريا، في العقد الأول من الألفية الثانية، منفتحة على الجوار، لا سيما تركيا والأردن والعراق وحتى قطر والسعودية، كما أنها ذهبت إلى ما وراء البحار حيث دول “البريكس”، إذ كان ذلك يحقق مصالح كانت تراها القيادة السورية ضرورية وعليا آنذاك، لكن سرعان ما انكشف زيف بعضها والذي كان قائماً على الأطماع والغدر والخيانة وجزءاً من مؤامرة لا زلنا نتابع فصولها ونتصدى لمخططاتها وأحقادها حتى الآن.
ولعل التحالف الإستراتيجي القديم الحديث السوري – الإيراني كان إحدى هذه التحالفات التي حافظت على طابعها المتين والقائم على احترام متبادل وتغليب المصالح المشتركة على كل النقاط التي لا تتلاقى بها مصلحة البلدين؛ فالتحالف بين الدول، لا يعني التبعية ولا يعني بالضرورة التخلي عن المبادئ والثوابت الوطنية والقومية.
نحن والأخوة الإيرانيون نشكل جزءاً مهماً وأساسياً من محور المقاومة التي تسعى وتناضل من أجل قضايا عادلة على رأسها القضية الفلسطينية، وضرورة اقتلاع الكيان الغاصب من منطقتنا العربية، والعمل الجاد على تعطيل مصالح أمريكا وإفشال مشاريع التقسيم والنهب التي تسعى الدول المعادية لتبنيها تحت مسمى “الشرق الأوسط الجديد” و”صفقة القرن” وغيرها من المشاريع الإستعمارية المتتالية. لكنها بالوقت ذاته، لا تتفق على موقف واحد من جماعة “الإخوان المسلمين”، الذين يتمثلون بحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحركة “حماس” ومؤخراً حكومة “الوفاق” الليبية برئاسة السيد فائز السراج.
تباينات وتحالفات
لقد كانت القيادة السورية، ولا تزال، تعرّي مواقف “الإخوان المسلمين” من القضايا العادلة لكونها على دراية تامة بمخططاتهم ونظرياتهم عن “أرض الخلافة” وتطلعاتهم الإستعمارية لإغتصاب الشعوب بغطاء ديني، وهو ما جعلنا نقف ضد سياساتهم في كل من سوريا ومصر والجزائر وتونس واليوم في ليبيا. في المقابل، يرى الحليف الإيراني مصلحته في دعم الجماعة وهذا شأن داخلي نحترمه لكننا غير ملزمين بتبنيه.
من هنا، يأتي دعمنا لحكومة بنغازي، بقيادة المشير خليفة حفتر، للتأكيد على ثوابتنا القومية بالتصدي لمخططات الإخوان المسلمين، ومن خلفهم المحور الصهيو – أمريكي الذي يستخدم “الإسلام السياسي” زيفاً لتفتيت المنطقة ونهب ثرواتها. أما بالنسبة إلى خيار المشير حفتر بطلب المساعدة الروسية، فنحن نعتبره شأناً ليبياً ويعود تقدير المصلحة العليا للشعب ولقيادته، التي تعي ما يخطط لها من أطماع وأحقاد.
ترسيخ العقيدة
بالنسبة إلى تصريح القيادة السورية على لسان وزير خارجيتها بالإستعداد لمساعدة مصر إن طلبت ذلك، ليس من باب الإستعراض السياسي أو الدبلوماسي، وإنما من عقيدة قومية راسخة نشأنا عليها وآمنا بها قولاً وعملاً وهي أن حربنا مع الأطماع الصهيونية، وأدواتها، غير محدودة بالمكان أو الزمان. بتوضيح أكثر، لا يمكن أن تقاوم مشروعاً استعمارياً في سوريا وتسعى جاهداً لإفشاله مقدماً الغالي والنفيس لتتركه ينجح ويحاصرك في ليبيا ومصر وغيرها من البلدان العربية.
على سبيل المثال، إن تأثير مشروعَي “الشرق الأوسط الجديد” و”صفقة القرن” المشبوهة يمتد على الجغرافيا العربية بأكملها وليس ضمن حدود دولة عربية واحدة؛ فالحديث عن “إسرائيل الكبرى”، نظرية تعمل القوى الإستعمارية على ترسيخها. في المقابل، إن الأمن القومي العربي يبقى السلاح الذي تصدى سابقاً لهذه المؤامرة ولا يمكن التخلي عنه في معركتنا هذه، كما أنه ليس بالإمكان إسقاط الواجب القومي وربطه بأنظمة تغافلت عن حقوق ومصالح شعوبها وذهبت لتكون جزءاً من المؤامرة على العروبة ومقدساتها.
إن هذه المعركة هي من أقسى وأمر المعارك التي خاضتها أمتنا عبر العصور؛ وكما كان النصر حليف أجدادنا سيكون حليفنا مهما صعوبات الدروب والمحن، إلا أن طريق الحق سينتصر بذكاء وطهر الدماء الغالية التي تبذل في سبيله.
مصدر الصورة: ميدل إيست أونلاين.
موضوع ذا صلة: الجفرة وسرت.. بين مصر وتركيا