يان فان زيبروك*
ما بين 3 – 5 آب/أغسطس 2014 وبدعوة من الرئيس الأميركي باراك أوباما، دُعيَ 35 رئيس دولة أفريقية للمشاركة في مؤتمر قمة تحت عنوان “بناء روابط اقتصادية أقوى بين الولايات المتحدة وأفريقيا”. تحت هذا العنوان، سيتم النقاش بالكثير من المواضيع بما فيها تمديد برنامج “أغوا” الأمريكي، الذي يمنح منافع تجارية لبعض المنتجات الأفريقية، أو مبادرة “باور أفريكا”، التي تهدف إلى مضاعفة إمكانية الحصول على الكهرباء من جنوب الصحراء الكبرى. هذا ما تم تداوله في العلن، لكن الواقع كان مختلفاً تماماً حيث أدرك رؤساء هذه الدول الأمر فيما بعد.
الخطة
خلال نفس الفترة، انقعدت قمة موازية وهي “YALI” أو قمة “القادة الأفارقة”، برعاية الصندوق الوطني للديمقراطية والمركز الوطني الديمقراطي الذي يرأسه الكاميروني كريستوفر فامونيه، الساعي للترشح في انتخابات الكاميرون 2018، وهذا المركز “العقل المفكر” للحزب الديمقراطي الأميركي والذي أسسه الرئيس الراحل رونالد ريغين في الثمانينيات من القرن الماضي، ويتم تمويله من خلال الميزانية الأميركية مع مجموعة من المنظمات غير الحكومية أمثال وكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة، وجمعية سوروس المفتوحة، أوهم واجهة للمخابرات المركزية الأميركية، حيث تم تأسيسهم، قبل 15 عاماً، وكانوا وراء ما عرف بـ “الثورات الملونة” في أوراسيا، و”الربيع العربي”.
مئات من النشطاء والنقابات والصحفيين أصبحوا في متناول اليد والسبب يعود إلى عدم وجود “ثورة ملونة” بدون الإعداد الكثيف لوسائل الإعلام من أجل زعزعة الاستقرار، سواء عل الصعيد المحلي أم الدولي. في هذا المجال، يأتي دعم البلدان الأفريقية، بطبيعة الحال، من دون أن ننسى دعم العواصم الغربية الكبيرة، حيث يتم تنظيم مجموعات من الناشطين الشباب بسرعة. فبمجرد وضع التشكيلة للصحافة الإفريقية في مكانها، سيتم ايجاد شبكات واسعة من المنظمات غير الحكومية والمعاهد ووسائل الإعلام ليتم دعمها وتمويلها عبر شبكة سوروس، بما فيها مبادرة المجتمع المفتوح لغرب أفريقيا أو “OSIWA Foundation”، والصندوق الوطني للديمقراطية.
خلال اليوم الأول، يتحدث نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن عن محاربة الفساد في الدول الأفريقية، يتبعه وزير الخارجية السابق جون كيري بالدعوى إلى إصلاحات ضرورية في أفريقيا بما يخض الديمقراطية والمشاركة الفعالة من “المجتمع المدني”، والحكم الرشيد وحقوق الإنسان. كان الهدف من هذه المدخلات رؤساء 15 دولة، تشمل تيودورو أوبيانغ نغيما، وبول كاجامي، ويويري موسيفيني، وإدواردو دوس سانتوس، وبول بيا، وعلي بونغو أونديمبا؛ وادريس ديبي ايتنو. وخلال القمة، كان الوجودين الصيني والأوربي في أفريقيا يشكلان مصدر قلق أيضاَ بالنسبة لواشنطن.
وفي 5 أغسطس/آب 2014، استدعى رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية جوزيف كابيلا إذ قيل له بأن ترشيحه وحضوره كرئيس للدولة لم يعودا مهمين لواشنطن، لكن الجمهورية بحد ذاتها تعنيهم، مع رواندا، والتي تشكل مركز التدخل الأمريكي الجديد في منطقة البحيرات الكبرى. الأمر ذاته حدث مع الرئيس البوروندي بيير نكورونزيزا حيث تم إعلامه بأن لم يعد شخصاً مرغوباً فيه.
وخلال عشاء ذاك اليوم، أصرّ الرئيس أوباما، خلال حديثه عن الاقتصاد، على مسؤولية رؤساء الدول عن تهيئة بيئة مواتية للتنمية الاقتصادية.
القمة والإرهاب
نذكر أنه في نهاية ولاية جورج بوش الابن، تم إنشاء وحدة “أفريكوم”، أي حلف شمال الأطلسي الأفريقي. وخلال تلك الخطوات الأولى، زار الرئيس السابق باراك أوباما العديد من الدول الأفريقية. لقد أعد الرئيس بوش الابن هذه الوحدة كي يعمل سلفه على تطويها داخل الدول الأفريقية، بحسب المنظور الأميركي حول الأمن، لجهة تهديدات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والهجمات المتكررة التي يقوم بها بوكو حرام، الحرب الأهلية في جنوب السودان، أو الهجمات المميتة لمنظمة الشباب الصومالية في كينيا كان يتم التصدي لها دائماً. وقبل الإعلان عن جائزة نوبل للسلام، قال الرئيس أوباما “إن المستقبل ينتمي إلى أولئك الذين يبنون. أما أولئك الذين يدمرون فمن الصعب عليهم جذب الاستثمارات لبناء البنية التحتية وتشجيع ريادة الأعمال في خضم الصراع. “
في 6 أغسطس/آب 2014، أنهت الإدارة الأمريكية فعلياً رؤساء الدول الأفريقية، من خلال خلق عناصر أمريكية وأفريقية فاعلة موازية كالمنظمات غير الحكومية، والمفكرين، والمسلحين المؤيدين للولايات المتحدة، أطلق عليها اسم “القادة الأفارقة”. من خلال الجلسات الثلاث للمؤتمر والتي أتت بعنوان: “الاستثمار في مستقبل أفريقيا” و”السلام والاستقرار الإقليميان”، و”الحكم الرشيد “، ظهرت جلياً حقيقة أجندة أوباما، والتي قد يقول عنها البعض بأنها ليست سوى دعاية لا أكثر. ليس علينا سوى مشاهدة تطبيقات نتائج المؤتمر كي يحقيق الخطر الذي يواجه أفريقيا.
من هذا التاريخ، سنرى كيف تتسارع الأحداث في أفريقيا من خلال تشكيل المنظمات غير الحكومية الأفريقية، والتي عادة ما تكون نشطة في إثارة “الثورات الملونة” وصولاً إلى الأعمال الإرهابية التي ستظهر في بوروندي وغابون وجمهورية الكونغو الديمقراطية وكذلك في الكاميرون.
*خبير الشؤون الافريقية في مركز “سيتا”
مصدر الصور: thisisafrica.me– رويترز