الثابت في منظومة القانون الدولي أن الأشخاص يشغلون الموقع المركزي لهذه المنظومة، التي تسعى بدورها لإنجاز مسألة أساسية وهامة متمثلة في قيامها بالعمل على خدمة الاهتمامات الخاصة بالأشخاص، بالإضافة إلى قيامها بعملية تنظيم مختلف العلاقات فيما بين جميع الأشخاص.

وطبيعة القانون الدولي تتأثر وبشكل كبير بالمواصفات الخاصة لأشخاصه وبطبيعة العلاقات البينية، أما الوضع الشرعي لهم في القانون الدولي فهو يحتوي على خاصية هامة تتمثل باعتباره الوجه الأهم المساهم والعامل في بناء القواعد الشرعية الدولية وتنفيذها، بالإضافة إلى مجموعة الحقوق والالتزامات التي يحملها الأشخاص.

والملاحظ في مختلف المدارس القانونية والمراجع العلمية، وجود مختلف الاقتراحات لتعريف أشخاص القانون الدولي، وبالرغم من هذا التباين في هذه الاقتراحات، فإن المعنى يحافظ على نفسه ويبقى موحداً عند الجميع، وهنا نجد على سبيل المثال، الاقتراح الذي يتبناه قاضي محكمة العدل الدولية، الفقيه “لوكاشوك”: أشخاص القانون الدولي: هو شكل مستقل مؤهل أن يمتلك مجموعة من الحقوق والالتزامات وفقاً للقانون الدولي والمشاركة في عملية بناء وتنفيذ قواعده، ويعود الفضل لخاصيته الحقوقية والإمكانية التي يتمتع بها.

بالتالي، أصبح من المؤكد أن الوضع الشرعي الذي يتمتع به أشخاص القانون الدولي، يُعتبر أمراً يؤثر وبشكل مباشر على المواصفات الخاصة بمنظومة العلاقات الدولية، وتأثيره الأكبر على درجة تقدم مستوى القانون الدولي بشكل عام وتطوره.

ومجموعة أشخاص القانون الدولي المتفق عليهم بشكل عام واعتبارهم يحملون هذه الخاصية هم الدولة والمنظمات الدولية الحكومية، أما فيما يخص الشعوب أو القوميات التي تناضل من أجل نيل استقلالها، فمن غير المعترف أو المقبول بامتلاكهم خاصية الأهلية الدولية التي يتمتع بها عادة أشخاص القانون الدولي، هذا بالإضافة إلى خصوصية شكل غير مكتمل من الأشخاص يمكننا ذكر مثال على ذلك: الفاتيكان، والمدن المضطربة، ومن هنا نستطيع التأكيد على أن الدولة تبقى الشخص الرئيس والأساس في القانون الدولي العام والعلاقات الدولية.

الدولة هي الشخص الذي يعتبر الأكثر تنظيمياً والأكثر قدرة، وذلك لامتلاكها الوسائل الاساسية للتأثير على الحياة الدولية، فهي تعتبر الشخص الأهم الذي يمارس الدور القيادي في إدارة مختلف النشاطات على المستوى العالمي، إضافة إلى دور الوسيط الذي من الممكن أن تقوم به من خلال مراقبة النشاط الخاص بالمشاركين الآخرين من مختلف أشكال الترابط الدولي، كأن تكون وحدة إدارية للدول أو منظمات اجتماعية أو شركات أو مجموعة من الأفراد.

بالتالي، الدولة تُعتبر الشخص الضروري في المجال السياسي والاجتماعي، لأن مصير المجتمع وحقيقته مرتبطة بوجود الدولة، فلا قيام للمجتمع بدونها، فهي تعمل على تنظيم الحياة الداخلية والخارجية للمجتمع.

مصدر الصورة: CNN.

موضوع ذا صلة: القانون الدولي والقواعد الحقوقية

عبد العزيز بدر القطان

مستشار قانوني – الكويت