كرم الله المسلمين بشعيرة خاصة يكونون فيها في ضيافته عبر رحلة مباركة يتركون أهلهم ووطنهم والدنيا بملذاتها ليؤدوا فريضة الحج ملبين فيها دعوة الله {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق}.
هذه الفريضة التي تعلقت بها أفئدة الناس ويسعى إليها المسلمون من كل أنحاء الأرض، لا تقتصر أهميتها على الرجال فحسب، بل تشمل النساء بما لهن من دور بالغ الأهمية عبر التاريخ، وما يواجهنه من تحديات، وما لهن من مساهمات في إثراء الشعائر، وما للحج من تأثير إيجابي على حياتهن.
لا شك أن النساء عبر التاريخ الإسلامي، قمن بدور ريادي في الحج، حيث كن قائدات وداعمات في هذه الرحلة الروحية، ففي العصور الإسلامية المبكرة، كانت النساء جزءا لا يتجزأ من هذه الرحلة المقدسة، تشاركن في المناسك وتوفرن العون والدعم للحجاج، فأثبتن بجدارة أن وجودهن ومشاركتهن الفاعلة تسهم بشكل كبير في الجوانب اللوجستية والروحانية لموسم الحج.
تجارب الحج الفريدة للنساء والتحديات
كل امرأة تحج إلى بيت الله الحرام تحمل معها قصتها الفريدة، حيث تختلف تجربة الحج بالنسبة لها من حيث التحديات والعواطف والانطباعات… فالنساء بفضل حسهن الفطري الجياش وتعاطفهن، تجدن في الحج فرصة للتعارف وتعزيز الروابط الأسرية وبناء .صداقات جديدة، وهو ما يضفي بعدا اجتماعيا متميزا على هذه التجربة الروحية
وقد جاء في الحديث النبوي الشريف: «الحج جهاد الضعفاء»، وللنساء قال: «عليكن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة».
فعلى الرغم من كل الفضائل، لا يخلو الحج من تحديات تواجه النساء خاصة، منها ما هو متعلق بالإعدادات اللوجستية، ومنها ما يرتبط بالأوضاع الصحية، ويلزم بهذا السياق أن يتم توفير المزيد من الدعم والخدمات التي تأخذ بعين الاعتبار احتياجاتهن الخاصة لضمان تجربة حج آمنة ومريحة.
مساهمات النساء في إثراء الشعائر
من خلال تقديم المعونة ومشاركة المعرفة والحكمة، تسهم النساء بشكل كبير في إثراء شعائر الحج وتعزيز الأجواء الروحانية، فوجودهن ونشاطهن يضمن استمرارية وتواصل هذا الركن الإسلامي العظيم من جيل إلى جيل، مرسخات أهمية نقل التقاليد والمعرفة الدينية، فالحج يعد نقطة تحول في حياة المرأة المسلمة، حيث يعزز الشعور بالإنجاز الروحي والتواصل الأعمق مع الله، ويساعد على تنمية قيم الصبر، التسامح، والتفاهم.
إن المرأة التي تؤدي الحج تعود إلى وطنها حاملة معها طاقة جديدة ونظرة موسعة تجاه الحياة وتجاه دورها في المجتمع.
في الختام، دور النساء في الحج لا يمكن الاستهانة به، وذلك من خلال دورهن التاريخي والتحديات التي يجابهنها إلى المساهمات الجليلة التي يقدمنها والتأثير الإيجابي لهذه الفريضة على حياتهن.
وتبقى المرأة عنصرا حيويا في تجسيد هذه الرحلة الروحية.
فدعونا نستلهم من قوة وإيمان وتفاني النساء في الحج، مستذكرين دائما الدور الفريد الذي تلعبه كل امرأة في هذه الرحلة المباركة نحو بيت الله الحرام.
كل عام وأنتن بخير.. «حج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور».
مصدر الصورة: CNN.
فاطمة محمد الحسيني
كاتبة في الشؤون الإسلامية