اعداد: يارا انبيعة
بدأ العد التنازلي للانتخابات البرلمانية في العراق، والتي ستجري في 12 مايو/أيار 2018، حيث أقر البرلمان العراقي إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المقرر بعد جدل بين القوى السياسية بسبب مطالبة البعض بتأجيلها. كما صوّت البرلمان على مجموعة من التوجيهات لإلزام الحكومة إجراء الانتخابات في ظروف تضمن حقوق الأطراف المشاركة، من بينها تحييد الفصائل المسلحة.
وعقد البرلمان، جلسته الاعتيادية السابعة برئاسة سليم الجبوري وحضور 171 نائباً، وحدد موعد الانتخابات على جدول أعمال جلسته بعد يوم على قرار للمحكمة الاتحادية بعدم جواز تغيير الموعد، لتنهي بذلك الجدل حول مسألة التأجيل التي استمرت لأسابيع، بسبب مطالبة بعض الكتل السنية والكردية بالتأجيل بذريعة ان اعداد النازحين الذين لم يعودوا بعد إلى قراهم ومناطقهم.
وصوّت البرلمان خلال الجلسة على مجموعة من التوجيهات لإلزام الحكومة إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، حيث صرح مصدر برلماني إن “التوجيهات تضمنت توفير البيئة الآمنة لإجراء الانتخابات وإعادة النازحين، والاعتماد على التصويت الإلكتروني في كل المناطق”، مشيراً إلى أن من بين تلك التوجيهات أيضاً، حصر السلاح في مدة الدعاية الانتخابية بالمؤسسات الأمنية الرسمية، وضمان عدم مشاركة أحزاب تملك أجنحة مسلحة، إضافة إلى زيادة إعداد المراقبين المحليين والدوليين، وتوفير صناديق الاقتراع للنازحين ومراقبة البرلمان لهذه الالتزامات من خلال لجانه المختصة.
24 مليون عراقي سيصوتون
أغلقت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، والتي تتولى تنسيق العملية الانتخابية، باب تسجيل الكتل والتحالفات المشاركة في الانتخابات البرلمانية لعام 2018، مشيرة الى أن 24 مليون عراقي من بين 36 مليون نسمة هو عدد سكان العراق يحق لهم التصويت في الانتخابات المقبلة.
وتجري الانتخابات العراقية النيابية المنتظرة في 18 دائرة انتخابية تمثل عدد محافظات العراق، و ينتخب كل منها 7 إلى 34 نائباً استناداً إلى عدد سكان كل محافظة، مقابل ذلك هناك نسبة خاصة للأقليات (كوتا) تشمل ثمانية مقاعد، خمسة منها للمسيحيين، ومقعد للمندائيين، ومقعد للأيزيديين، ومقعد للشبك.
مظاهر الإنتخابات تسود الساحة العراقية
بدأت مظاهر الانتخابات تسود الساحة العراقية، بالرغم من رهان قوي ومحاور كثيرة على عدم امكانية اجرائهها، فالمشهد السياسي العام لم يتغير، والخارطة احتفظت بحدودها الجغرافية وبقيت تحافظ على حقائق الديموغرافيا أيضاً، رغم أن قراءات عديدة طالما أكدت أن “عراق ما بعد داعش لن يكون عراق ما قبل داعش”، لكن حسابات النصر على التنظيم المتشدد فاقت حسابات كواليس السياسة رغم تشعبها.
الكتلة الشيعية
ثضم القوى الشيعية ما يقرب الـ 71 حزباً وتنظيماً للانتخابات، وقد توزعت محاورها على المكونات الكبرى الثلاث في البيت الشيعي وهي كالتالي:
– حزب “الدعوة” الذي انقسم انتخابياً إلى خطين متنافسين، يقود الأول رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي حقق نصراً عسكرياً حاسما على تنظيم “داعش”. هذا الخط عرف بتجمع “نصر العراق” أو” ائتلاف النصر” وائتلف معه حزب “مستقلون”، الذي يعتبر الظهير التاريخي لحزب الدعوة ويقوده حسين الشهرستاني، وتجمع عطاء الذي خرج عن تجمع “الإصلاح” الذي كان يقوده فالح الفياض وهو من قيادات تنظيم الدعوة لكنه آثر أن يعمل منفرداً على المستوى الانتخابي. وتعمل تحت مظلة هذا التيار شخصيات مستقلة وقوى وأحزاب صغيرة بعضها سني.
– تيار “الحكمة” يقوده السيد عمار الحكيم والذي لن يستطيع الوقوف وحيداً بعيداً عن خيمة هذا الائتلاف لا سيما أنه يختلف كثيراً مع القطب السياسي الشيعي الكبير الآخر الذي يقوده رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. ويقف تحت مظلة ائتلاف النصر حتى الآن، حزب الله العراق الذي يقوده حسن الساري، المجلس الأعلى الإسلامي (وهو بقايا تيار الحكيم الذي تشعب الى تياري الحكمة ومنظمة بدر)، علاوة على تنظيمات وكتل أصغر. فيما افرزت الحرب على تنظيم “داعش”، ظهور قوى سياسية شيعية انضوت ابتداءً تحت مظلة “ائتلاف النصر”، ثم خرجت عنه فصائل الحشد الشعبي، وقررت خوض الانتخابات بقائمة “ائتلاف الفتح”، الذي يضم “منظمة بدر” بقيادة هادي العامري، وكتلة “صادقون” بقيادة زعيم “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي وهما الكتلتان الكبريان، ومعهما كتلة “منتصرون” التي يقودها فالح الخزعلي.
– الجناح الثاني من حزب الدعوة، وهو المكون الشيعي الثاني الكبير، ويقوده رئيس الوزراء السابق نوري المالكي تحت مسمى “ائتلاف دولة القانون” متحالفاً مع تيار يقوده موفق الربيعي الذي لا يشكل ثقلاً عددياً كبيراً، ومع “الحزب المدني” الذي يقوده الاعلامي السابق أحمد ملا طلال وهو تنظيم لا يتجاوز عمره الشهرين، إضافة إلى بضع أحزاب شيعية صغيرة أغلبها غير معروف.
– التيار الشيعي الثالث القوي هو التيار الصدري، وقد انفرد بموقف رافض للتحالفات السياسية الجارية في المشهد العراقي، مؤكداً على رغبة قائده مقتدى الصدر في انشاء تيار تكنوقراطي “عابر للمحاصصة” متحد لـ “التخندق السياسي” بموجب التقسيم الطائفي والإثني الذي يسود العراق منذ عام 2003 حسب اعلاناته المتكررة.
الكتلة السنية
تشرذم مكونات البيت السني تفاقم بعد تحرير مناطق غرب العراق التي تمثل مراكز قواعده الانتخابية، حيث يخوض المكون السني الانتخابات بأكثر من 50 حزباً وكياناً سياسياً.
اهم الأحزاب والقوى السنية هو ائتلاف “الوطنية” والذي بات يعرف بإسم “اتحاد تحالف القوى” الذي يقوده إياد علاوي، نائب رئيس الجمهورية. الناطقة الرسمية بإسم ائتلاف الوطنية، ميسون الدملوجي، اشارت الى أن الائتلاف أقر انضمام أكثر من 30 كتلة وتياراً اليه لخوض الانتخابات القادمة وتشكيل تحالف استراتيجي.
ومن أبرز الشخصيات المنضمة إلى الائتلاف، سليم الجبوري، رئيس الحزب الاسلامي العراقي (رئيس مجلس النواب حالياً)، وصالح المطلك، رئيس القائمة العربية، وفصائل “الحشد السني المسلحة” التي شاركت في تحرير الانبار وصلاح الدين وديالى والموصل، والتي تحول بعضها إلى كيانات سياسية تدخل الانتخابات بقوائم مستقلة.
الكتلة الكردية
التحالف الكردستاني هو الخيمة التي انضوت تحتها كل القوى الفاعلة في كردستان العراق، وهو يمتلك 60 مقعداً في مجلس النواب، وعدد من الوزراء في الحكومة. لقد فقد هذا التحالف، بعد الاستفتاء حول استقلال إقليم كردستان، مبررات وجوده بعد انسحاب الزعيم مسعود بارزاني، عن المشهد واعتزاله العمل السياسي، ووفاة جلال طالباني، اذ لم يعد التحالف بشكله التاريخي قائماً، وانسحبت منه أغلب مكوناته، اما ما تبقى فهما الحزبان الكبيران الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، وهما غير متفقين قط، وهذا يعني أن الحديث عن تحالف كردستاني بات “حديثاً افتراضياً”. من المتوقع ان يخوض كل من الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، الانتخابات بلائحتين منفصلتين، بينما أنضوت أحزاب المعارضة الرئيسية الثلاثة في قائمة موحدة.
آخر الانهيارات في التحالف الكردستاني جاءت في اعلان قيادة حزب الاتحاد الإسلامي الكردستاني انسحابها من حكومة اقليم كردستان الائتلافية، في 17 يناير/كانون الثاني 2018.
الولايات المتحدة ترفض التأجيل والعراقيون يدينون
رفضت الولايات المتحدة الأميركية، في بيان سابق لها، تأجيل الانتخابات العراقية عن موعدها المقرر معتبرة أن التأجيل، في حال حصوله، سيشكل سابقة خطيرة لتقويض الدستور، وسيضر بالتطور الديمقراطي في العراق في الأمد البعيد.
في المقابل، حذرت عواطف نعمة، النائب عن ائتلاف دولة القانون، من ما أسمته “محاولات السفارة الأمريكية للتدخل” في الانتخابات التشريعية العراقية، وقالت نعمة إن “رائحة التدخلات الأمريكية في الانتخابات بدأت تفوح من الآن من خلال البيان الذي أصدرته السفارة الأمريكية والذي بدأت من خلاله بتمهيد الأرضية للتلاعب بالنتائج وفق ما ينسجم مع سياساتها ومصالحها.” وأضافت نعمة أن ادعاء واشنطن “بأنها سترسل ستة مستشارين لمساعدة مفوضية الانتخابات ليس إلا مقدمة للتدخل والتلاعب بالنتائج، كما اعتبرت أن الشعب العراقي يشعر بالقلق حتى تجاه فِرق الأمم المتحدة، فكيف إذا تدخلت أمريكا بشكل مباشر في عمل مفوضية الانتخابات، اذ أن السماح لهؤلاء المستشارين بالتدخل سيقلل من شفافية الانتخابات ونزاهتها.
دعوة القضاء العراقي للإشراف
دعا ائتلاف “الوطنية”، برئاسة نائب الرئيس العراقي إياد علاوي، القضاء إلى الإشراف على الانتخابات، كما دعا رئيس مجلس الوزراء، حيدر العبادي، إلى الإيفاء بالتعهدات والالتزامات الأربع التي أقرها المجلس، والخاصة بتوفير البيئة الآمنة واعتماد التصويت الإلكتروني وإعادة النازحين، إضافة إلى عدم وجود أجنحة مسلحة للأحزاب التي تخوض الانتخابات، وتقديم تقرير مفصل لمجلس النواب عن نسب النجاح التي تحققت في تطبيق تلك الفقرات.
وطالب الائتلاف مفوضية الانتخابات بتسريع استكمال إجراءاتها في المناطق المحررة والإيفاء بالوعود التي قُطعت للنازحين، خصوصاً فيما يتعلق بتوزيع بطاقة الناخب الإلكترونية، واتخاذ إجراءات تضمن إجراء العملية الانتخابية وفق معايير التكافؤ والنزاهة والاستقلالية. وأكد الائتلاف أن البرلمان مطالب هو الآخر بسن قانون عادل يحفظ أصوات الناخبين، ويراعي مبدأ التكافؤ بين الكتل المشاركة في الانتخابات.
مصدر الاخبار: وكالات
مصدر الصور: شبكة النبأ المعلوماتية – اخبار المغرب – سكاي برس.