حوار: سمر رضوان
بعد الدعوة التركية لحلف الناتو بالتدخل في سوريا والتي أطلقها الرئيس رجب طيب أردوغان و”التعثّر” التركي في تحقيق أهداف عملية “غصن الزيتون”، يبقى المشهد في الشمال السوري ضبابياً في ظل توازنات دولية وداخلية. عن هذا الموضوع، تحدّث مركز “سيتا” مع الأستاذ دانيال عبد الفتاح، الخبير في الشؤون التركية، للوقوف أكثر على مجريات ما يحدث.
خلفيات دعوة الناتو
تعتبر دعوة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للناتو نوعاً من التحدي لا يخلو من “السخرية” حيث وجه من خلالها “اللوم” للحلف كون بلاده، خلال عملها ضمنه، تنفذ كافة خطط الحلف كعضو فاعل فيه، وبالتالي فهي مكلفة بتنفيذ خطة تم الاتفاق عليها بشكل موسع في اجتماع الناتو في ميونيخ الألمانية.
هذه الخطة تقضي بأن تكون تركيا “رأس حربة”، في الحرب السورية إضافة إلى ليبيا ومصر وغيرها، لتغيير أنظمة الحكم في المنطقة لا سيما وأن هذه الخطط أصبحت معروفة تماماً وتم نشرها والتوافق عليها. من هنا، ترى تركيا أن على الحلف تحمل مسؤولياته تجاهها لجهة المشاركة في عملية “غصن الزيتون” حيث أن هذه العملية من العمليات التي تم التوافق عليها دولياً وضمن الحلف نفسه.لقد كنت دائماً من الذين يؤكدون على هذه النقطة، المغيبة عن الإعلام العربي وحتى في السياسات.
يبدو أن دور تركيا قد تراجع كثيراً داخل سوريا وأنها لم تتمكن، كما هو ملاحظ، من تحقيق النجاح والانتصارات، في العمل العسكري والميداني للأسباب المعروفة؛ منها: مقاومة سوريا والجيش العربي السوري والحلفاء، الأمر الذي من شأنه أن يفشل الكثير من خطط الناتو لا سيما تلك المتعلقة بـ “إسقاط الدولة السورية”، والقضاء على الجيش فيها، وصولاً إلى احتلالها وتقسيمها إلى 5 دويلات كما كان مخططاً.
مع الوقت ومع تراجع تنفيذ هذه الخطط، تريد أنقرة الحصول على “الجائزة” بعد المجهود الكبير الذي بذلته والذي تمثل في دعم “المجاهدين” بالسلاح والتدريب، وتقديم الدعم اللوجستي عبر أراضيها، وتجهيز المعسكرات. لذلك، تسعى أنقرة، من خلال هذه العملية، إلى تحقيق إنجاز خاص بها، بمعزل عن دعم الحلف، إذا اقتضى الأمر.
خلاف ظاهري واتفاق ضمني
لقد كنت دائماً، ولم أزل، من المدافعين عن هذه النظرية التي تقول بعدم وجود خلاف بين تركيا وحلف الناتو وكل أعضائه، من جهة؛ وبين تركيا والولايات المتحدة من جهة أخرى. إن عملية التنسيق والاتفاق معلنة وليست سرية، فالجولة الأخيرة التي قام بها الرئيس التركي، في الولايات المتحدة وفرنسا والفاتيكان، كانت ناجحة جداً لكن كان الخلاف تمحور فقط حول تحديد المدة الزمنية لعملية “غصن الزيتون”، حيث طالب الفرنسيون بأن تنتهي العملية أول مارس/آذار، بينما لم تتمكن تركيا من تحقيق كل “بنك الأهداف” فتم التمديد لهذه المدة لكن الرئيس الفرنسي، إبمانويل ماكرون، اعترض على ذلك. من هنا، بدأ إشغال فرنسا وبريطانيا بموضوع الغوطة الشرقية بهدف غض النظر عن العملية التركية في الشمال، في وقت يتفق فيه الفرنسيون والبريطانيون مع الأمريكيين على تلك الخطة.
“تسليم” منبج
في الشمال السوري، يتمحور الحديث بين تركيا والولايات المتحدة حول ضم درع الفرات لغرب الفرات. أما شرق الفرات، فهو ضمن السيطرة التركية، لكن أنقرة تقدم نفسها على الأمريكيين ضمن رغبتها بضم الشمال السوري كله من أجل “قيادة” هذه المنطقة.
في المقابل، إن وجهة النظر الأمريكية تقوم على مبدأ الرفض الشديد لأي تواجد تركي في تلك المنطقة. من هنا، تقوم تركيا بتجهيز عدد من القيادات الكردية الموالية لها، حيث إنها تمتلك إمكانيات كبيرة في تلك المنطقة، على أن يتم تتبيع هذه القوات الكردية لـ “المجلس الوطني الكردستاني”، الموجود في إسطنبول، حيث سيشكل هؤلاء بديلاً لقيادات قوات “حماية الشعب الكردية” لكي تحكم أنقرة سيطرتها على منطقة شرق الفرات.
لذلك، يمكن القول بأن تركيا في صدد تشكيل دولة اسمها “سوريا الديمقراطية الجديدة”، في الشمال السوري وتحديداً في منطقة غرب الفرات كدولة تابعة لها، والتي ستكون “سداً” منيعاً يحد من عملية تدفق “المجاهدين” والمتطرفين وعودتهم إلى أوروبا من خلال إعاقة ومنع عملية تحركهم وتنقلهم في تركيا، وتحديداً الحدود التركية – السورية.
الكيماوي والتقسيم
بحسب المعلومات، إن تحريك ملف الغوطة الشرقية، من قبل الناتو خاصة والدول الغربية عامة، يهدف حقيقة إلى مسألة “المدة الزمنية” التي تجاوزتها أنقرة في حربها على عفرين، فالأمريكيون والفرنسيون هم “الأنامل” التي تحرك كل هذا الوضع، فهم يقومون بالتهديد والوعيد لتوجيه الأنظار عن عملية “غصن الزيتون” في الشمال السوري.
مصدر الصور: موقع عنب بلدي – روك أونلاين.