شارك الخبر

فان يان زيبروك*

ضمن القوانين المعمول بها في مختلف البلدان، نجد أن كندا من الدول التي تحتوي على قوانين متساهلة لجهة بيع الأسلحة، وهذا شيء مقبول نوعاً ما في ظل وجود دول، كفنلندا، تسمح بحرية اقتناء السلاح بشكل أوسع على غرار الولايات المتحدة، تحديداً، التي تحتل المرتبة الأولى في عدد جرائم القتل الجماعي وخاصة ضمن المدارس الثانوية. يبقى السؤال المركزي الذي يجب طرحه: هل هناك عوامل أخرى من شأنها التأثير على عمليات القتل بين المراهقين ومن هم أصغر من سن المراهقة؟

لقد شكلت عمليات القتل الجماعي في المدارس الثانوية نسبة كبيرة خلال السبعينيات لتكتسب زخماً في فترة الثمانينيات، إذ ما زالت النسبة بتصاعد مستمر حتى يومنا هذا. إذا كانت مسألة بيع الأسلحة وحملها تعني مباشرة الولايات المتحدة، فإن هناك أمراً خفياً لا يعرفه إلا القليلون بسبب التعتيم الذي تمارسه وسائل الإعلام.

في الحقيقة هناك سببين؛ الأول، يتمثل في مضادات الاكتئاب. والثاني، عمليات التحرش داخل المدارس الثانوية الأمريكية. دعونا نبدأ بالمدارس الثانوية حيث تشكل “البلطجة” أحد العوامل الرئيسية. هذا التحرش اليومي بالطلاب يؤدي إلى مشاكل متعددة أبرزها الأرق والاكتئاب وأحياناً ارتكاب الجنوح نحو ارتكاب محاولات انتحار، حيث يتزامن عنصر “البلطجة” هذا مع مسألة مهمة جداً تكمن في هشاشة البنية الأسرية بسبب مشاكلها الداخلية. هذا الكم من التراكمات قد يصل بالشخص إلى أقصى درجات التوتر، حيث يشكل استخدام السلاح “نقطة الانهيار” بالنسبة له.

هذا النوع من الأحداث معروف في جميع المدارس الثانوية حول العالم، لكن أوروبا استطاعت، منذ بضعة سنوات، التعامل معه بمزيد من الاهتمام لكنها لم تستطيع بعد إنهاء المسألة بالكامل. يبدو أنها “حصرياً” أمريكية. فعلى الرغم من ظهور بعض برامج مكافحة التحرش في الولايات المتحدة وبعض البرامج الأخرى التي تتعامل مع الشذوذ الجنسي، إلا ان التحرش الأخلاقي، بل الاجتماعي، لا يزال مستمراً.

حقيقةً، هناك “عشائر” في المدارس الثانوية على شاكلة لاعبي كرة القدم الذين يتباهون بقوتهم العضلية، ومن هم على “الهامش”، إضافة إلى الطلاب غير المصنفين من بينها وهذه الفئة تعتبر غير معادية للمجتمع. إن طلاب المدرسة الثانوية، عموماً، هم فئة الشباب الذيين بدؤا بالانتقال إلى مرحلة البلوغ، وهي مرحلة حرجة ودقيقة للغاية. حيث تكمن الأهمية في كيفية الانتقال من الطفولة الى هذه المرحلة وضمن أي “عشيرة”. بعضهم لا يستطيع المشاركة فيها كونهم يعتبرون المدارس مكاناً للتعليم والممر الإلزامي لدخول الجامعات. ضمن هؤلاء، ستجد المنشطات كون المدارس أصبحت جحيماً يومياً بالنسبة إليهم، هذا ما لم ينتهوا ليصبحوا “قتلة جماعيين” أو يحاولون الانتحار. إن معظم أفراد “القتلة الجماعية” يأتون من هذه الفئات. إضافة إلى تلك الفئة، نلاحظ أيضاً ان من بينهم فئة من الشباب التي تعاني عدم الاهتمام. بدراسة رقيمة، تم رصد حوالي 6 ملايين شاب بين عامي 1989 و1996 ليرتفع بحدود الـ 90%.

تتم معالجة هؤلاء الشباب، وأحيانا الصغار جداً من عمر 3 سنوات، من خلال مضادات الاكتئاب، في حين يوصي جميع الأخصائيين في هذا المجال بعدم إعطاء مثل هذا النوع من الأدوية لمن هم دون الـ 18 عاماً. في العام 1998، أفادت نشرة “الطب النفسي السريري” (Clinical Psychiatric) عن  تشخيص حالة 223 طفلاً دون سن الثالثة تعاني من اضطرابات في التركيز حيث تم علاج نسبة 57٪ منهم بالعقاقير المؤثرة (مثل:Ritalin ،Prozac ، Dexedrine Aventyl، Syban) و33٪ بنوعين فقط من هذه الأدوية.

وفي عام 2016، أثر التحرش النفسي على ما نسبته 22٪ من الطلاب، إذ حاول بعضهم، خلال المرحلة الثانوية، للظهور بمظر “المتمرد” من أجل مواجهة تلك “الهجمات” التي بدؤا يعانون منها يومياً على مدار الأيام والسنوات.

لكن بكلتا الحالتين، يؤدي إلى الاكتئاب الشديد والقلق والأرق، وجميع تلك الحالات تعالج من خلال الأدوية، إلى جولات عنف كبيرة بالنسبة للفئة تلك (التي تريد أن تكون “متمردة” خلال فترة المراهقة حيث سيظهرون رغبتهم في الانتقام سواء بالانضواء تحت لواء الحركات المتطرفة أو تكوين صداقات مع مدمني المخدرات). إن فئة قليلة من هذه المجموعات، التي لديها نوع من “الكيمياء” بينها وبين حب العنف والأسلحة والانتقام، يمكنها أن تصل بسلوكها المضطرب إلى حد ارتكاب المجازر عبر عمليات إطلاق النار، إذ يكفي في بعض الأحيان أن يكون لأصدقاء الفاعل، المصاب بتلك الأعراض النفسية، تأثيراً على من حوله كي يقود الفريق بكامله إلى “الانحراف”.

إن ثقافة العنف بدأت تصبح “جوهرية” في الولايات المتحدة، ولتكوين قناعة عن الموضوع ليس عليك سوى الرجوع إلى تاريخ تلك الفئة من كبار القتلة، حيث تعتبر أمريكا واحدة من الدول القليلة التي أوجدت “صداقة مع القتلة” من خلال أفلام السينما أو التلفزيون حيث أصبحت تنتقل عبر الجينات وتشكل جزءاً من الثقافة لديهم، لكن هذا الأمر لا يعني بالضرورة أنه السبب وراء أعمال العنف تلك. خلال عدد من سنوات العنف الأخلاقي والجسدي، تراكم لدى فئة من الشاب، لا سيما الإنكليز والأمريكيين، نوع من الكراهية والحقد يضاف إليه مزيج من المخدرات والكحول، والتعرف على شخصيات خيالية، بحيث سعوا إلى تقليدها أحياناً، ولو لبضعة دقائق لجهة “خلودها”، ليتطور بهمم الأمر إلى ارتكاب جرائم القتل في سن مبكرة، بحيث يظهر هذا “الاعتلال النفسي” للعلن بشكل اوضح.

في انكلترا وتحديداً العام 1993، اختطف طفلان في العاشرة من العمر طفلاً يبلغ عامين بهدف قتله، وكان هذا أول حدث يسجل في سجلات الأحداث الإنكليزية. في الولايات المتحدة ضمن “القتلة الجماعيين” وخلال إخضاعهم للعلاج بمضادات الاكتئاب، يتبين أنهم كانوا أشخاصاً اجتماعيين حقيقيين. لكنهم في مرحلة البلوغ، وبسبب عدم توافر فرص العمل أو أسرة حقيقية، يتكون لدهم شيء من التوجه العنفي.

اليوم، نرى هذه الظاهرة تتفاقم أكثر فأكثر، ولا نجد أحداً من المختصين في المجال السريري يمكنه الإجابة على ذلك. وفي عصر الشبكات الاجتماعية، أصبحت أنواع المضايقة تتخذ شكلاً مختلفاً، لكن ولسوء الحظ، لا سيما تلك التي تظهر على مواقع التواصل الاجتماعي كقنوات الـ “Youtube”.

فيما سبق، ناقشنا دور المضايقات في المدارس الثانوية، ودرسنا دور المخدرات وتأثيراته على الأشخاص الذين قاموا بجرائم إطلاق النار في المدارس الثانوية، إذ توجد بعض الملاحظات التي ينبغي تسجيلها. من العام 1987، حصلت زياردات كبيرة في الأمراض النفسية داخل الولايات المتحدة حيث سجلت العيادات السريرية حوالي 400 مريض أمريكي يومياً في جميع أنحاء البلاد، وبدأ عصر مضادات الاكتئاب مع أدوية كـ “بروزاك” و” براكسل” و”زاناكس” وغيرها.

لقد تم إدراج أكثر من 6 ملايين طفل كمفرطي نشاط، يضاف إليهم فئة الطلاب الذين تعرضوا للمضايقة في المدارس الثانوية والذين حكي عن علاجهم عبر المضادات كأدوية منع الاكتئاب التي تحتوي على آثار جانبية. فدواء “براكسل “( Praxil)، على سبيل المثال، يؤدي إلى تغيرات المزاج أو السلوك، والقلق، ونوبات الهلع، واضطرابات النوم، والاندفاع، والتهيج، والإثارة، والعدائية، والنشاط المفرط (العقلي أو الجسدي)، والاكتئاب، والتفكير الانتحاري، والهلوسة، والحمى، وسرعة ضربات القلب، والغثيان، والإقياء، والإسهال، والشعور بعدم الاستقرار، وفقدان التنسيق، والإغماء، والصداع، وصعوبة التركيز، ومشاكل الذاكرة، والارتباك، وغيرها. أما أعراض الـ “بروزاك” (Prozac) فيقع أبرزها في: الصداع، وصعوبة التركيز، ومشاكل الذاكرة، والضعف، والارتباك، والهلوسة، والإغماء، والتشنجات، والتنفس الضحل أو التوقف عن التنفس.

في إطار القائمة غير الشاملة التي أوردناها والتي لم نضف إليها حالات الانتحار، كان الجميع تحت التأثير. في العام 2003، دقت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) ناقوس الخطر لجهة العلاج عن طريق الأدوية خاصة لمن هم تحت سن الرشد. وهو ما ثبت بالدليل القاطع مع حالة نيكولاس كروز الذي أطلق النار في إحدى المدراس الثانوية بولاية فلوريدا في فبراير/شباط 2018. بعض تلك الحالات يجب متابعتها عن طريق العلاج، فحالة آدم لانزا، ابن الـ 18 عاماً الذي كان يعاني من متلازمة “اسبرجر” قتل 26 شخصاً ثم انتحر، تعتبر مثالاً واضحاً حيث رفض لانزا الخضوع للعلاج.

تبقى الأسئلة المفتوحة، لماذا هذا الانتشار في الأمراض العقلية ضمن الشباب في الولايات المتحدة؟ لماذا يعاني هذا الكم من زيادة مستمرة في الاضطرابات النفسية؟

*باحث في مركز “سيتا”

المراجع:

-Eric Harris, 17, Zoloft then Luvox

-Dylan Klebold, 18 years old, sealed medical record

Columbine School in Littleton, Colorado: 13 dead, 23 wounded

https://cnn.it/2I2R1IM

https://bit.ly/2pKY29R

https://wapo.st/2ulrN6C

https://usat.ly/1dzXC6g

-Jeff Weise, 16, Prozac (60mg / day, three times the adult dose),  Red Lake, Minnesota: 10 dead, 12 injured

https://cbsn.ws/2ITyQGX

-Cory Baadsgaard, 16, Paxil (he complained of hallucinations)

Wahluke High School, Washington: Hailed 23 students, has no memory of the event

https://lat.ms/2I5Li4O

-Chris Fetters, 13 years old, Prozac, 1 death

https://bit.ly/2ukx4v1

-Christopher Pittman, 12 years old, Zoloft 2 dead

https://cnn.it/2ITPMNd

-Mathew Miller, age 13, Zoloft

Suicide

https://nyti.ms/2umHyKk

-Jarred Viktor, 15 years old, Paxil. Stabbed his grandmother 61 times

https://bit.ly/2GdG3zA

-Kip Kinkel, 15 years old, Prozac and Ritaline,4 dead: his parents, then 2 students + 22 wounded

https://bit.ly/2Gav9Pi

-Luke Woodham, 16 years old, Prozac,3 dead: his mother and 2 students + 6 wounded

https://cnn.it/2ujoiO5

-Michael Carneal, 14, Ritalin

West Paducah High School, Kentucky: 3 dead, 5 wounded

https://bit.ly/2G4eVHg

-A young man under Ritalin. Huntsville, Alabama: massacred his parents and two other loved ones with the ax

https://bit.ly/2G4eooK

Andrew Golden, 11 ans, Ritaline     

https://bit.ly/2pGusSQ

-Mitchell Johnson, 14, Ritalin. In college: 5 dead, 10 wounded

https://bit.ly/2G6QbhQ

-TJ Solomon, 15 years old, Ritalin. Conyers High School, Georgia: 6 injured

https://cnn.it/2I1eWrW

-Rod Mathews, 14, Ritalin, 1 other student beaten to death

-James Wilson, 19, multiple medications,Breenwood Elementary School, South Carolina: 2 dead, 9 injured

https://bit.ly/2ITPypl

-Jonesboro, Arkansas: 5 dead, many injured

https://bit.ly/2DVIjtl

-Elizabeth Bush, age 13, Paxil, Pennsylvania college shootings

https://abcn.ws/2IUjH7V

-Jason Hoffman, Effexor and Celexa,Shots at school in El Cajon, California

https://bit.ly/2I1gbaP

-Jeff Franklin, Prozac and Ritaline,Huntsville, Alabama: kills parents with tools, then hurts brother and sister

-Neal Furrow, Prozac and other medications prescribed by court order, Shots at Los Angeles Jewish School

-Kevin Rider, 14 years old, Prozac,Suicide alleged to have been shot by another 14-year-old under Zoloft and other antidepressants

-Kara Jaye Anne Fuller-Otter, 12 years old, Paxil,Suicide after his doctor refuses to stop treatment

-Kurt Danysh, 18 years old, Prozac,1 death

-Anonymous 10 year old boy, Prozac,Slaughtered his father

-Hammad Memon, 15 years old, Zoloft, Shot another student

-Matti Saari, 22 years old, antidepressant and benzodiazepine;10 dead and one wounded at his university

-Steven Kazmierczak, 27, Prozac, Xanax and Ambien, Northern Illinois University: 5 dead, 21 injured

-Pekka-Eric Auvinen, 18 years old, antidepressants, Jokela High School, Finland: 8 dead, 12 injured

-Asa Coon, 14 years old, Trazodone,Cleveland: 1 death

https://bit.ly/2IV9HeL

-Seung-Hui Cho, antidepressants, Virginia Tech: 33 dead, 19 wounded

https://bit.ly/2ITYafG

https://bit.ly/2DVILaY

-Robert Hawkins, 19, Valium and other antidepressants, Omaha shopping center: 8 dead, 5 wounded

https://bit.ly/2pKXkcG

https://cnn.it/2Gb2up9

sources

https://bit.ly/2IQWGTH

https://bit.ly/2G6Rj4N

https://bit.ly/2G6nqBK

https://bit.ly/2nY4jQN

1) https://bit.ly/2HefCtB

2) https://bit.ly/1hYfKuE

https://bit.ly/2pKWI6S

https://cbsn.ws/2F0cws6

https://bit.ly/2ulUG2j

https://bit.ly/2G6pMjW

https://bit.ly/2xVnxuC

https://nbcnews.to/2pGZbPv

https://bit.ly/2ISeNIJ

https://bit.ly/2f2ZWfg

https://bit.ly/2yCljSA

https://bit.ly/2ugroCs

https://abcn.ws/2gEAX4v

https://bit.ly/2G6QB7D

https://bit.ly/2I1ewlB

https://bit.ly/2GcKieS

https://bit.ly/2GrizdL

https://bit.ly/2shx105

https://bit.ly/2shx105

https://bit.ly/2G8J6Jl

https://slate.me/1VUMZpL

https://bit.ly/2DSY7wV

مصدر الصور: أخبار نيجيريا – Alternative Daily.


شارك الخبر
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •