حوار: سمر رضوان

بدأت المفوضية الأوروبية عملية تجديد إجراء لحجب العقوبات من أجل حماية أنشطة الشركات الأوروبية في إيران بعد أن أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على طهران، هذه الإجراءات تهدف إلى تفعيل “قانون التعطيل” من أجل الحد من تأثير العقوبات الأمريكية على الشركات الأوروبية التي تريد الاستثمار في إيران.

حول التدابير التي أطلقتها المفوضية الأوروبية، لحماية شركاتها في إيران، وغير ذلك، يوضّح الدكتور سامر أحمد عسيكرية، سفير النوايا الحسنة، والمحلل والكاتب السياسي، لـ “سيتا”:

أمريكا وصناعة الأزمات

 

قبل كل شيء علينا تسليط الضوء على الرؤية الأمريكية بفن اختلاق وصناعة الأزمات فحينما انهار الاتحاد السوفياتي قال صانعوا القرار علينا أن نبحث على عدو مفترض ولا يكون كل ذلك إلا برؤية موحدة للهيمنة على السوق الاقتصادي العالمي.

حينما يقول الرئيس الأمريكي: “إن العقلية التي كانت وراء هذا الاتفاق هي نفس العقلية المسؤولة عن توقيع الكثير من الاتفاقات التجارية في الأعوام الماضية التي ضحت بمصالح الولايات المتحدة التجارية وغلبت مصالح دول أخرى وأضاعت ملايين فرص العمل على أبناء وطننا”، مضيفا: “نحن بحاجة لمفاوضين يدافعون بقوة عن مصالح الولايات المتحدة”.

حينما يتقاطع الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران بالتقارب مع كوريا الشمالية إذاً هو استثمار التوقيت المناسب لإبعاد الشركاء الاستراتيجيين من السوق الإيراني إضعافاً وخنقاً لإيران.

يقضي الاتفاق برفع العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة على إيران مقابل موافقتها على فرض قيود طويلة المدى على برنامجها النووي.

 

الجهود الأوروبية وحماية الاستثمارات

بالمقابل اشتدت حركة الجهود الأوربية لحماية استثمارات شركاتها وذلك بعدم قبول مفوضية الاتحاد الأوروبي بزج الاقتصاد والشأن التجاري بالشؤون السياسية واعتباره كأسلوب ضغط وهيمنة غير ممكنة التنفيذ.

حينما تعلن مفوضية الاتحاد الأوربي على لسان رئيسها ” جان كلود يونكر” بأن المفوضية ستتخذ كافة الإجراءات والخطط الفنية لمواجهة أي عقوبات تضر بالمصالح الأوربية التجارية وحركة السوق الحرة الأوربية فهذا يؤدي فعلياً لتفعيل قانون “الحجب” الذي يعود لعام 1996 والذي يتبنى قانون عدم الامتثال لأي عقوبات أمريكية اقتصادية، فهذا يعني تصدي حقيقي لأي عقوبات، لأنه معني بشكل مباشر والتزاماً بالحفاظ على حماية سوق الاتحاد الأوروبي.

إذ أن أغلب الشركات الأوربية العملاقة تحدثت صراحة عن استياءها من قانون عقوبات أمريكي يكبدها خسائر كبيرة وصعبة التعويض، ووصفت العقوبات بالكارثة الحقيقية في حال خضع لها الاتحاد الأوروبي.

بنك الاستثمار الأوروبي

من أهم التدابير كان السماح لبنك الاستثمار الأوروبي بتسهيل استثمارات الشركات الأوربية في إيران

فالمعنى هنا بأن التأثير سيكون ضعيفاً جداً، أغلب الشركات الأوربية قد قامت منذ عام 2016 وحتى اليوم بإبرام عقود بغاية الأهمية مع إيران وبالطبع هذه الشركات العملاقة لها تأثير كبير على السوق الاقتصادي الأوربي وينبثق عن ذلك قوة اقتصادية تفرض على المفوضية الأوروبية التصدي لأي عقوبات.

دوماً الأهداف الأمريكية الاقتصادية تواجه أيضاً طرف ثالث منافس لأمريكا وهما روسيا والصين، إذاً عملية الضغط على الاتحاد الأوروبي ستتطلب تحالفات اقتصادية مع القوتين الاقتصاديتين الروسية والصينية كدعم للاتحاد الاوربي والإبقاء على الإتفاق النووي الإيراني.

إلغاء الاتفاقية والعقوبات الاقتصادية تصب بخانة الابتزاز الأمريكي لكل من أوروبا وروسيا والصين، والرؤية الأمريكية هي للهيمنة القطبية الواحدة للمرحلة المقبلة، يمكن لمائة سنة قادمة، لأن خصم الولايات المتحدة اقتصاديا هو سوق الاتحاد الأوروبي القوي بالدرجة الأولى.

أوروبا على خُطى الولايات المتحدة

 

إنّ الإضرار بالمصالح الحيوية والتجارية لسوق الاتحاد الأوروبي له انعكاسات أكبر بكثير من ضرر محدود، وبمراجعة لتاريخ العقوبات الأمريكية، فقد بدأ منذ عام 1979 وحتى اليوم، لكن بقي أمريكيا فقط.

من هنا، لا تستطيع دول الاتحاد الأوروبي مساندة فعلية لأمريكا مما يعني بأن تأثير هذا القرار سيكون ضعيفاً، فمن الطبيعي بأن دول الاتحاد الأوروبي أن لا تنصاع للقرار لأنه بالمطلق يضر بمصالحها الاقتصادية بشكل عام و سبب حيوي وهو حجم التبادل التجاري الذي يحمل دوماً مؤشراً تصاعدياً فقد قفز قفزات مهمة حيث بلغ عام 2017 إلى 19.9 مليار دولار، بعدما كان العام الذي قبله 2016 ذلك 13.7 مليار دولار أمريكي.

 مما يعني بأن مستوى التبادل التجاري ويوازيه حجم الاتفاقيات التجارية الموقعة ما بين إيران ومجموعات تجارية عملاقة (كالبترول والغاز والطاقة) سيكون له اليد الطولى لخلق تدابير فنية وقانونية بموازاة تفعيل قانون الحجب.

ربما تكون العقوبات هي أداة أمريكية للاتحاد الأوربي بالضغط على إيران لجرها لمصيدة توقيع اتفاق نووي جديد بالشروط الأمريكية.

مصدر الصور: روسيا اليوم.