إعداد: مركز سيتا

طرح الرئيس الإيراني، حسن روحاني، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة “مبادرة هرمز للسلام” هدفها تحقيق التقدم والرخاء، وتأسيس علاقات ودية، وإطلاق عمل جماعي لتأمين إمدادات الطاقة وحرية الملاحة.

جاءت هذه المبادرة في ظل تصاعد التوترات بين إيران ومحورها من جهة، والولايات المتحدة ومحورها من جهة أخرى، على خلفية ملفات كل من حرية الملاحة البحرية في ممرات المنطقة، وخاصة مضيق هرمز، وأمن منشآت النفط، والبرنامج النووي الإيراني.

مسؤولية مَن؟

تقع فحوى المبادرة الإيرانية في صلب أمن الخليج، عامة، ومضيق هرمز، خاصة، من خلال مسؤولية الدول التي تنضوي مبدئياً تحت لواء مجلس التعاون الخليجي إضافة الى إيران، مع إمكانية ضم اليمن بعد إنتهاء الحرب، مع ضمانات بقدرات ذاتية لحفظ أمن كل الدول المعنية بما فيها السعودية، وتأمين المضيق الذي تعبره ناقلات حمولتها بما يعادل 35% من الإستهلاك العالمي للنفط، حيث تأتي هذه المبادرة بعد فترة وجيزة من الهجوم على منشآت أرامكو في منطقة بقيق، في ضوء تحميل إيران مسؤولية هذه الهجمات، إلى جانب هجمات ناقلات النفط في ميناء الفجيرة وسواحل عُمان.

ولقد قال الرئيس روحاني في معرض كلمته “إننا في هذه الخطة، نبحث عن تعاون جماعي داخل منطقة الخليج من أجل الأمن الإقليمي، ونريد من جميع دول المنطقة المشاركة والتعاون في هذا الإتجاه، وسنقدم مختلف أبعادها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فهذه الخطة ليست للأمن فحسب، بل لقضايا أخرى ذات صلة.”

في السياق نفسه، قال محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيرانية، من نيويورك “إن إقتراح إيران هو تشكيل تحالف من دول الخليج، يضم كل من إيران والسعودية والبحرين والكويت وقطر والإمارات العربية وسلطنة عمان والعراق تحت رعاية الأمم المتحدة لتوفير أمن الخليج”، مشدداً على أن هذه المبادرة مهمة جداً لإيران. ويتماهى مع تصريح ظريف، ما جاء على ذكره علي ربيعي، المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، أن الهدف الرئيس للخطة حل مشاكل المنطقة وإستعادة الإستقرار والسلام لكل العالم والمنطقة.

إهتمام إقليمي

تعتبر هذه الخطوة رداً على إنضمام السعودية في تحالف بحري مع الولايات المتحدة لتأمين حرية الملاحة في الخليج وبحر عُمان، إضافة إلى إعلان الإمارات العربية رغبتها رسمياً بالإنضمام إلى هذا التحالف.

إلى ذلك، تعبِّر المبادرة عن نظرة إيران في الحفاظ على السلام في الخليج وتوفير الأمن وحرية الملاحة البحرية في المضيق، وعلى كافة الدول التي تتأثر بالتطورات في الخليج الإنضمام إلى “تحالف الأمل” و”مبادرة هرمز للسلام” من اجل الإرتقاء بالسلام والاستقرار والتقدم والرخاء لكل شعوب تلك المنطقة، بحسب ما قاله الرئيس روحاني. كما إعتبر أنه لا يمكن توفير الأمن في المنطقة عبر الدول الأجنبية، وأميركا ليست وكيلة أو كفيلة لأي شعب أو حكومة، فالأمن في السعودية يتحقق من خلال إنهاء الحرب على اليمن خصوصاً وأن المنطقة تقف على حافة الهاوية حيث أن خطأ واحداً قد يشعل حريقاً كبيراً، و”نحن لن نطيق تدخل الأجانب الإستفزازي وسنرد بحزم على أي إعتداء ضد أمننا ووحدة أراضينا”.

إلى ذلك، كان للكويت وقطر وسلطنة عمان رأيا يتميز بالسلاسة حول وجوب إقامة تفاهمات مبنيَّة على الإحترام والمصالح المشتركة مع إيران، لكن برفض السعودية لا يمكن لهذه المبادرة أن تتحقق، في حين يبقى الموقف الإماراتي غير حاسم. لكن بعد أن تأكدت بأن أميركا ومنذ عهد الرئيس السابق، باراك أوباما، قررت القتال في الشرق الأوسط بالكفوف البيضاء، واستخدام جيوش بديلة في الحروب العدوانية، لم يعد المجتمع الإماراتي يحتمل ذلك إلى جانب عدم تحمله أيضاً سقوط أي صاروخ على أي مدينة إماراتية.

رفض أمريكي

إن طرح المبادرة الإيرانية وإن كان يلاقي قبولاً أممياً حولها، إلا أنه ليس من صالح الولايات المتحدة، خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب، أن تُوقِف إيرادات بيع الأسلحة لمناطق النزاعات، خاصة أن قطاع تصنيع الأسلحة فيها بات يفوق أي قطاع آخر.

فالرد الأمريكي أتى قبل أن تُطرح هذه المبادرة على الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتترجم ذلك من خلال عنوان الإستقبال المُقيَّد على تحركات الرئيس روحاني والوفد المرافق، والحصار الإعلامي الذي فُرِض على الوزير ظريف بأمر من نظيره الأميركي، مايك بومبيو، في محاولة لعدم إيصال وجهة النظر الإيرانية الى الشعب الأميركي، سيما وأن الحديث عن ممارسات إدارة الرئيس ترامب العقابية بحق إيران قد يؤثر على مسار حملته الإنتخابية لولاية ثانية.

خطوة إلى الأمام والخلف

لم يتوقف الأمر حول هذه المبادرة بل كان هناك إصرار أوروبي حول تنسيق اجتماع بين إيران والولايات المتحدة في نيويورك، تحديداً من جانب المستشارة الألمانية ورئيس الوزراء البريطاني ورئيس فرنسا، الذين أصروا على أن يحصل هذا الإجتماع، في حين طرح بعض المسؤولين عرضاً خطياً برفع العقوبات على طهران من أجل إنجاح اللقاء.

جاء ذلك في وقت أكد فيه الرئيس روحاني أن المحادثات بين الولايات المتحدة وبلاده لا يمكن أن تحدث حتى ترفع واشنطن العقوبات الإقتصادية عن طهران، وتنهي سياسة ممارسة “أقصى الضغوط”، حيث قال الرئيس روحاني “قلنا لقادة الدول الأوروبية إننا مستعدون للتفاوض في أجواء حرة وعادلة، وحينما كانوا يتساءلون متى نحن مستعدون للتفاوض مع مجموعة 5+1 أعلنا لهم أننا مستعدون لذلك بعد ساعة من الآن، إذ لو قمتم بتطهير هذه الأجواء المسمومة فإننا مستعدون لحضور الاجتماع بعد ساعة من الآن.”

على المقلب الآخر، قال الرئيس ترامب إنه لم يقدم مثل هذا العرض قط. وكتب في تغريدة “لقد أرادت إيران أن أرفع العقوبات المفروضة عليهم من أجل عقد لقاء. قلت، بالطبع، لا”.

من هنا، يفهم من كل ما سبق، أن أي طروحات إيرانية لا تأتي على أهواء واشنطن، فهي بحكم الميتة قبل أن تولد، وأن “مبادرة هرمز للسلام” لن تلقى آذاناً صاغية لسبب بسيط وهو أن الإدارة الأمريكية ليس بوارد قبولها. لكن هذه المبادرة، ما هي إلا رسالة تطمين من إيران لجيرانها الخليجيين أنها لن تُقدم على أي عمل عدائي تجاههم خلافاً لما تروجه الولايات المتحدة. بذات الوقت، هي رسالة إيرانية لواشنطن رداً على التحالف البحري الذي يجعل منها مهيمنة وذات قرار في ملعب لا تملكه، وهو على ما يبدو لن تسمح به طهران. بالمنطق الإيراني، من أراد إستيعاب ما جاء في خفايا هذه المبادرة هو من سيظفر، وعلى من يريد تحقيق الأمن عليه الإتكال على قدراته والخروج من التبعية الأمريكية التي لا تجلب إلا الدمار للمنطقة وكل العالم.

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصور: سكاي نيوز عربية –  وكالة الأنباء الإيرانية.