د. حكمت مصلح*

ثانياً: دور نصوص الدستور اللبناني في بناء المواطنية

2. النصوص ذات الطابع السلبي

إن النصوص ذات الطابع السلبي هي في حقيقتها تريد أن تبني الإنسان بولاء مطلق للوطن وتفعل فعل النصوص الإيجابية، ولكن سوء التطبيق، أو عدم تطبيق تلك النصوص، ولَّد تمايزاً بين اللبنانيين ورتب في نهاية الأمر “ولاءات متعددة” ضاع بسببها الولاء الحقيقي، أي الولاء للوطن لبنان. فما هي أهم تلك النصوص؟

أ. في حرية الإعتقاد

نبدأ من النص المتعلق بحرية الإعتقاد والمعتقد حيث نص الدستور في المادة 9(1) منه على أن “حرية الإعتقاد مطلقة والدولة بتأديتها فروض الإجلال لله تعالى تحترم جميع الأديان والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها على ألا يكون في ذلك إخلال في النظام العام وهي أيضاً تضمن للأهلين على اختلاف مللهم إحترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية.”

وهنا، نتوقف عند هذا النص. لكننا نود العودة إلى مناقشات البرلمان حول وضعه ورأي النواب فيه: تلا الرئيس المادة التاسعة وبدأ النقاش:
“الخازن: ما القصد وتضمن للأهلين ونظام الأحوال الشخصية.. إلخ؟
دموس: القصد من هذا تأييد ما جاء في المادة 6 من صك الإنتداب. والغرض من ذلك أن الطوائف إعتادت منذ 600 عام أن تمارس نظام أحوالها الشخصية لذلك كفلت ذلك عصبة الأمم وكفلها الدستور.
منذر: والدولة بتأديتها فروض الإجلال… إلخ. ما معناها؟
دموس: يعني البلاد مجموعة أديان وكلها أقلية والدولة لا تنتمي إلى أحدها ولكنها “لا دينية” بل تحترم الجميع.” وعند طرح الرئيس المادة على التصويت، أقرها المجلس بالإجماع.(2)

أودعنا هذه المناقشات بين أيديكم ليتبين للقاصي والداني أن الهيئة التأسيسية التي تولت وضع الدستور اللبناني، العام 1926، ليست بالمهنية؛ فقد تكون جدية في عملها، ولكن وجود زعماء الطوائف في الهيئة، وعدم تكوينها من خبراء أو متخصصين في الشأن الدستوري، جعل المناقشات فيها سطحية، حيث أننا لم نلحظ أحد يرفض النص برمته لأنه يثير فكرة الدين.

وهنا نطرح أسئلة عدة: أوليس لبنان دولة علمانية؟ لماذا في الدولة العلمانية يجب ذكر الدين بالدستور بينما كان حري بالمشرع أن يجنِّب نفسه الوقوع في مثل هذا الإرباك بل كان يجب ترك تلك المسائل للنصوص القانونية العادية؟

أيضاً، نود الإشارة إلى أن علمانية دولة لبنان ليست بالعلمانية المطلقة، خصوصاً مع تعدد الأديان في الدولة والتي تكون من خلال النصوص التي تصادق الدولة على قوانين الأحوال الشخصية للمذاهب الدينية وتعترف بكيانية المحاكم الخاصة، الشرعية والروحية، لكل طائفة من الطوائف فضلًا عن منع تلك المحاكم والمراجع الروحية، في كل الطوائف، إصدار القانون المتعلق بالزواج المدني لتبقى الطوائف “حصوناً” لا تخرق يجلس في حماها رجال دين، وإن استناروا فقد أقفلوا أعينهم عن أن إلتقاء مع الشعب.

إن الزواج المختلط قد يكون النواة للخروج من الطائفية وهدم تلك الحصون التي يتمركزون خلفها، وبذلك تبقى حرية الإعتقاد في شكلها الحالي، بينما حرية وضع القوانين الخاصة بالطوائف وإنشاء محاكمها يشكل إحدى أهم الركائز في هدم المواطنة وإثارة الفرقة والطائفية بين اللبنانيين. فلبنان لن يرتقي إلى مستوى المواطنة الحقة إلا بقوانين تعالج تلك المسائل الهامة.

ب. في اللغة

على أن النص الأكثر جدلاً يبقى نص المادة 11 من الدستور(3) التي يقول “اللغة العربية هي اللغة الوطنية الرسمية. أما اللغة الفرنسية فتجدد الأحوال التي تستعمل بها بموجب قانون.” إذاً، في بلد ضارب بالعروبة المسيحيون فيه قبل المسلمون يعدون بناة اللغة العربية بل رجالها حموها بصلاتهم وصلابة رجالهم وفكرهم، وها هي فرنسا قبل كل شيء تحاول وقف التراث الذين كانوا أحرص الناس عليه وتفرض فيه اللغة الفرنسية، إلى جانب العربية، ما يؤدي إلى إزدواجية للغة في بلد يتكلم كل أبنائه اللغة العربية، وأن أتقنوا الفرنسية يكون الأمر من باب إتقان لغة أجنبية ليس إلا، وهذا تقدم نحسد حتماً عليه.

إن أسباب الإزدواجية هذه لا نجد لها مبرراً إلا من خلال سياسة الفرنسي، في كل مستعمراته، حيث حاول، في كل بلد، طمس اللغة الوطنية والقضاء عليها وإحياء لغته الأجنبية محلها. ويكفي أن نشر كلام نابليون بونابرت، وهو ممن حاول إنشاء فرنسا الإستعمارية بكل ما أوتي من قوة، حيث قال “إذا أردت أن تستعمر أي شعب إلى الأبد عليك القضاء على مفتاح استقلاله وهو اللغة.”

نعم لقد رأى نابليون في اللغة أداة من أدوات الإستقلال، فكان من أول الواعين إلى القضاء على اللغة الوطنية لأي شعب يصبح تحت احتلال جيش بلاده لأن في اللغة يحتشد التراث والتاريخ والعادات والأديان وأحد الميزات القومية لأي شعب ولأي أمة كانت فإذا ضاعت اللغة ضاع كل ما سبق وفقد التمايز.

وليس أدل على ذلك ما فعله مصطفى كمال أتاتورك، في تركيا، حيث غيَّر أحرف اللغة؛ بعد أن مات الجيل الأول الذي يتقن لغة بني عثمان، ضاع كل تاريخ وتراث وعلم ومعرفة، واندثرت المكتبات وتحولت كتبها إلى ودائع تاريخية لا أكثر ولم تستطع أمة الطورونيين إحياء نفسها من جديد.

إن قصد المستعمر الفرنسي، من إعلان إزدواجية اللغة في الدستور، هو القضاء على كل تراث الشعب اللبناني وإستئصاله من جذوره العربية؛ وفي سبيل تحقيق ذلك، دعم وشجع اللهجات المحلية لتحل محل اللغة حتى أن أحد رؤساء الجمهورية في زمن الإنتداب كان لا مانع عنده من أن يقدم الطالب إمتحاناته الثانوية باللهجة المحلية حتى وصل الأمر إلى أنه لا يحق لأحد الترشح إلى الوظيفة العامة ما لم يكن متقناً للغة الفرنسية لفظاً وكتابة. هذا الأمر، سجل تمايزاً بين اللبنانيين، إذ شعر المسلمون بالغبن فأغلب المثقفين منهم لا يتقن اللغة الفرنسية، ولكن جل المثقفون المسيحيون يتقنون اللغة الفرنسية. من هنا، إنحصرت الوظائف العامة من زمن الإنتداب بالمسيحيين دون غيرهم.

كل هذه المواضيع أنتجت ثماراً جنتها سياسة المستعمر لا سيما لجهة إتقان اللغة الفرنسية وأثرها على تولي الوظائف العامة. فبدلاً من أن تكون اللغة عامل وحدة، بدأت تظهر آثارها السلبية على أنها عامل تفرقة بين الشعب الواحد، وتضعف “مواطنية” اللبنانيين، حيث بدأ يقل إيمانهم بعدالة دولتهم؛ بالتالي، يقل إيمانهم بوطنهم، وهذا هو بداية الإنهيار في المواطنية.

لكن قبل أن نختم موضوع اللغة، نود أن نشير إلى محاضر(4) إقرار المادة 11 من الدستور “تلى الرئيس نص المادة 11 وبدأ النقاش:
الداعوق: نحب الفرنسيين ونحب لغتهم وقد تعلمناها قبل انتدابهم علينا. ولكن نحب لغتنا ونريد أن نحافظ عليها. نقبل أن نتفاهم معهم بلغتهم وصك الإنتداب يوجب أن تكون رسمية لذلك وضعت اقتراحي للعمل بموجبه وللمحافظة في الوقت نفسه على لغتنا. فشكره المسيو سوشيه (وهو مندوب المفوض السامي) على عواطفه.
دموس: أقترح أن يقال “واللغة الفرنسية هي أيضاً رسمية في المعاملات والمواطن الذي يعينها القانون” ثم نضع قانونًا لذلك.
الداعوق: أضيف إلى اقتراحي “وسيوضع نظام خاص يحدد ذلك”.
الرئيس: الآن نسن الدستور. ونرجو أن يسن بالإتفاق مع الدولة المنتدبة كي لا يطرأ عليه تحوير أو تعديل. المرجو من الزملاء أن لا يتسرعوا وأن يدققوا في مقدراتهم قبل وضعها.
الخازن: لو جئت أنا من كسروان وقدمت عريضة للمحافظ بالفرنسية على فرض قبول اقتراح الدعوق فهل يردها؟
حيدر: نعم يردها.
الخازن: بأي موجب؟
حيدر: بموجب هذا.
سوشيه: لا يردها.”

بعد كل هذا، نعود إلى نقطة البداية لا لشيء إلا لنؤكد كيف أن الفرنسيين حرصوا على مصالحهم، وكيف أن بعض اللبنانيين ضحوا بمصالح الوطن وإنقسموا حول اللغة الرسمية حتى في المعاملات في الإدارات العامة.

في ختام هذه الفقرة نقول “نعم” إن اللغة العربية هي عامل وحدة بين اللبنانيين لذلك يعتبر نص المادة 11 من الدستور من النصوص البناءة بعد حذف اللغة الفرنسية من التعامل والإبقاء على اللغة الأم لغة أصلية في هذا الوطن توحد أبناؤه وتبني كيانه الوطني. أما البعض وعند إقرار الدستور كان يقدم اللغة الفرنسية على اللغة العربية.

ج. في مجال التربية والتعليم

فهنا، يختلط هذا الموضوع السابق معه. لقد عمدت فرنسا إلى نقل ثقافتها إلينا فلم يعد اللبناني يعتز بزمن الإستقلال الذي صنعه فخر الدين المعني الثاني، وإمارة الغرب عامة من تنوخ ومعن وشهاب، بل أضحى يفتخر بأبطال فرنسا أو بـ “ثورة فرنسا” على الإستبداد لتترك شخصيات ناضلت، مثل طانيوس شاهين، طي النسيان.

كل ذلك الموروث الأجنبي يأتينا من خلال الإرساليات الأجنبية بأسماء مختلفة وبأشكال متعددة، حيث عمدت إلى إنشاء مدارس لها، ونشرت لغتها وعلمها لأبناء لبنان. وكان أول المتلقفين لهذه الإرساليات، إن لم نقل أول الداعين لها كي تأتي إلى لبنان، هم المسيحيين الذين تعلموا اللغات الأجنبية ورادوا في مجالات العلم المقتبس عن الغرب. ولكن لم يقتصر الأمر على هذا، بل أنشأوا المدارس وفق مناهج خاصة بهم، وزودوا طلابهم بما شاؤوا حتى أصبحت رموز وطنية رغم قامتها في مواجهة الغزو الصليبي ومحاربة العثمانيين تتهم بالخيانة عند بعض المدارس، وعند البعض الآخر تبقى رموز وطنية خالدة.

من هنا نسأل: كيف سنبني وطناً ومواطنية حقة ونحن نوصف نفس الشخص مرة بطلاً وطني خالد ومرة عميل أجنبي خائن؟ كيف سوف نصل إلى الإنسان المؤمن بوطنه لبنان و”لكل لبنانه”؟ أضف إلى ما تقدم، أوليس من علمك وزودك بالعلم والمعرفة والثقافة هو أولى بالإتباع من الوطن الذي لا يقدم لك شيئاً؟ لقد ضاع الإنسان اللبناني بين ولاءات متعددة وغرب عن باله أن الولاء للوطن هو ولاء يعلو ولا يعلا عليه.

د. في حرية التعليم

بعد مرحلة الإمارة والارساليات التبشيرية ومن ثم انتهاء عهدي القائمقايتين ومتصرفية جبل لبنان بالإعلان في 1 سبتمبر/أيلول 1920 عن إنشاء دولة “لبنان الكبير” ثم وضع الدستور في 26 مايو/أيار 1926 كان الذي بصيغته الضامنة للتعليم الديني أولى الثغرات القانونية في هدم مواطنية الإنسان من جديد. فما هي هذه الثغرات؟

لقد خصصت المادة 10 من الدستور نفسها للحديث عن التعليم حيث جاء فيها “التعليم الحر ما لم يخل بالنظام أو ينافي الآداب العامة أو يتعرض لكرامة الأديان أو المذاهب، ولا يمكن أن تمس حقوق الطوائف من جهة إنشاء مدارسها الخاصة، على أن تسير في ذلك وفاقاً للأنظمة العامة التي تصدرها الدولة في شأن المعارف العمومية.”

جاء هذا النص بمثابة الضربة القاضية على اللغة والثقافة العربية في لبنان، وطعنة للتعليم. فهذا الأخير وجد عنده أصحاب الطوائف القدرة على بناء مدارس لطوائفهم والتي تحولت فيما بعد إلى جامعات ومعاهد عليا، حسث أسعفهم النص الدستوري السابق في وضع كتب تاريخ وتربية خاصة بهم فضلًا عن الرغبة التامة في تعليم الدين في تلك المدارس التي ما برحت المناهج الرسمية تشاركها فيها فتخصص ساعة للدين، ليصبح الوطن، ضمن كل هذا التوزيع الطائفي، رهين الطوائف وينأسر المواطن في معاقل وحصون طائفية تفقده الصفة الأساسية وهي “المواطنة”.

“هذه التعددية تجلت في اللغة الرئيسية التي تتبعها كل هذه الوحدات العلمية، من مدارس إبتدائية ومعاهد ثانوية عليا، وفي برامجها التي تختلف وفقاً لدرجاتها بمعنى أنه إذا كانت المدارس الإبتدائية والثانوية تلتزم مصلحة تلاميذها اتباع البرامج الرسمية لإعدادهم لنيل الشهادة الرسمية… من هنا ترتفع من حين إلى آخر أصوات متضامنة حول مشكلة الكتاب المدرسي وبخاصة ذلك العائد إلى تاريخ لبنان، إي إلى عروبته أو لبنانيته الأصيلة. وكان من الطبيعي أن تتسبب هذه التعددية، بل الأصح هذه المبالغة في ممارسة التعليم الحر الذي كفلته المادة 10 من الدستور “بالفوضى الثقافية” التي تميز لبنان عن سائر الدول العربية، هذه الفوضى ساهمت مساهمة أليمة في تأجيج النعرات الطائفية “(5)

ثالثاً: الأعراف والنصوص الدستورية المكونة للسلطات وأثرها في بناء المواطنة

لقد بقيت الأعراف الدستورية “وسمة عار” على جبين الديمقراطية التي يتغنى بها لبنان بين دول المشرق. وأحد أهم العوامل التي جعلت الوطن رهين الطوائف وجعلت المواطن يشعر بعقدة النقص حتى ممن تباهوا بإمتلاك صلاحيات واسعة في الحكم والإدارة قبل الطائف وجدناهم يقاطعون السلطة ويعلنون ما عرف آنذاك بـ “الاحباط المسيحي” بعد الطائف.

وهنا أسأل: هل تنتهي مواطنية المواطن بمجرد أن عدل بالصلاحيات الدستورية لصالح النظام البرلماني؟ هل صحيح أن المواطن لا يشارك في الحكم بوطنه إلا إذا كان لطائفته في هذا الحكم حصة الأسد؟ إن كان كل ذلك صحيحاً، ما هو حال الطوائف التي لا تصلها الرئاسات بسبب الأعراف الدستورية الموزعة لها، ولا تصلها الوزارات السيادية بإعتبار أنها من حصة الطوائف الثلاث الكبرى؟ أوليس أبناء إمارة جبل لبنان هم المؤسسون الأوائل بكل كيانية في هذا الوطن من الكيانية الأولى في عهد الأمراء التنوخيين إلى الثانية في عهد الأمراء المعنيون إلى الكيانية الثالث في عهد الأمراء الشهابيين إلى الكيانية الرابعة في عهد القائمقاميتين إلى الكيانية الخامسة في عهد المتصرفية إلى الكيانية السادسة في عهد دولة لبنان الكبير وصناعة الإستقلال الذي صاغه أبناء جبل لبنان بعزمهم وإراتهم استقلالًا لكل اللبنانيين من بشامون؟ لماذا يحرمون من كل تمثيل يليق بهم سواء كانوا من طائفة الروم الأرثوذوكس أم من طائفة الموحدين الدروز، رواد الكيانيات اللبنانية السابقة الذكر مع شركائهم في الوطن؟

نعم إن الأعراف وزعت الرئاسات الثلاث على الطوائف، فكان رئيس الجمهورية مارونياً ورئيس مجلس النواب شيعياً ورئيس مجلس الوزراء سنياً ونائبي الرئيس في مجلس النواب ومجلس الوزراء من الروم الأرثوذوكس. أما الدروز، وهم طائفة مؤسسة في الوطن، فلقد وعدوا برئاسة “مجلس الشيوخ”، لكنه ألغي “نكاية” بهم بعد الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش.

إدراك الدروز ذلك وكضموا غيضهم حتى كان “إتفاق الطائف” وأعلن عن إنشاء مجلس للشيوخ ينص “مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي يستحدث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية”. وأوردت المادة 95 من الدستور آلية إلغاء الطائفية السياسية بقولها “على مجلس النواب المنتخب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين إتخاذ الإجراءات الملائمة لتحقيق إلغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية وتشكيل هيئة وطنية.. مهمة هذه الهيئة دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية وتقديمها إلى مجلسي النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية.”

نعم لقد تطلب المشرع لإنشاء مجلس شيوخ إنتخاب مجلس نيابي على أساس وطني لا طائفي، وتطلب لإلغاء الطائفية السياسية مجلس منتخب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين ولم يتحقق الأمر الأول وهو إنشاء مجلس للشيوخ لحاجته لقانون إنتخاب ويكون بموجبه مجلس منتخب على أساس وطني لا طائفي. ما زالت مواطنية إحدى الطوائف تنتظر القرار الأخير من مجلس النواب كي تستعيد دورها وموقعها كطائفة مؤسسة في لبنان.

خاتمة

خلال هذه الدراسة، عرضنا مسألة أحببت أن أكتب عنها منذ زمن بعيد، وهي “ولاء المواطن لوطنه” ودور النصوص القانونية في ذلك؛ فإتجهنا إلى المعاهدات الدولية ثم عدنا أدراجنا إلى الدستور اللبناني وقسمنا نصوصه إلى نصوص إيجابية ونصوص سلبية وبينا دورها في تكوين مواطنية المواطن وتطرقنا إلى الأعراف الدستورية ودورها في تكوين مواطنية المواطن وأثرها على هذه المواطنية.

من هنا نخلص لنقول إن لبنان يجب أن يعالج النصوص السلبية في دستوره، وأن يبني الإنسان اللبناني من خلال ثقافة تلك النصوص علَّ وعسى في مثل ذلك التعديل أن يكون نفاذ الوطن من المهالك وخلاصه من المحن.

*باحث قانوني – لبنان

المصادر:

(1) نتوقف عند مقدمة هذه المادة الدكتور محمد المجذوب في كتابة الوسيط في القانون الدستوري نشر دار النهضة العربية بيروت 1998 إذ قال “إن في الدستور أخطاء مثل تأدية فروض الإجلال لله تعالى. هل الدولة كائن حي عليه واجبات دينية ومنعا إجلال الله أم أن المشرع أراد أن يعلن أن لبنان دولة مؤمنة وفي كلا الإتجاهين لم يصل المشرع إلى هدفه.”
(2) محاضر مناقشات الدستور اللبناني وتعديلاته 1926 ـ 1995 الجلسة الثانية 20 مايو/أيار 1926. إعداد أحمد الزين والرائد ماجد ماجد. عام 1998. ص: 26.
(3) لقد عدل بموجب القانون الصادر في 29/ 1/ 1943 حيث كان النص القديم يقول “اللغة العربية هي اللغة الوطنية الرسمية واللغة الفرنسية هي أيضاً رسمية ويجدد قانون خاص للأحوال التي تستعمل فيها.”
(4) أحمد الزين وماجد ماجد محاضر مناقشات الدستور اللبناني وتعديلاته 1926 ـ 1995 المرجع السابق ص 27.
(5) خليل الهندي وانطوان الناسف. الدستور اللبناني قبل الطائف وبعده. مرجع سابق. ص 126.

مراجع البحث:

ـ القرآن الكريم.
– الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر/كانون الأول العام 1948.
ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر في 16 ديسمبر/كانون الأول العام 1966
ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية الصادر في 16 ديسمبر/كانون الأول العام 1966.
ـ الدستور اللبناني الصادر عام 1926 وتعديلاته.
ـ الزين أحمد – ماجد ماجد محاضر مناقشة الدستور اللبناني وتعديلاته 1926 ـ 1998. نشر دار زين الحقوقية.
ـ ضاهر مسعود. لبنان الإستقلال الصيغة والميثاق. دار المطبوعات الشرقية. طبعة 2. 1984.
ـ قباني خالد: المركزية ومسألة تطبيقها في لبنان. منشورات البحر المتوسط. طبعة 1.
ـ محاضر مناقشات الدستور اللبناني وتعديلاته 1926 ـ 1995 الجلسة الثانية 20 مايو/أيار 1926. إعداد: أحمد الزين والرائد ماجد ماجد. 1998.
ـ مجذوب محمد. الوسيط في القانون الدستوري. دار النهضة العربية. 1998.
ـ هندي خليل – الناشر إنطوان. الدستور اللبناني قبل الطائف وبعده. نشر المؤسسة الحديثة للمطبوعات. طرابلس – لبنان. 1998.
ـ البيان الوزاري لحكومة رياض الصلح تاريخ 17/11/1943.

مصدر الصور: رويترز – جريدة اللواء.

موضوع ذو صلة: أثر النصوص القانونية في بناء المواطنية (1/2)