مقدمة
الأصل في العلاقات الدولية على ما يبدو هو الحرب والاختصام وليس السلام؛ ففي خلال الأعوام السبعين ونيف الأخيرة، ومنذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، شهد العالم ما يزيد عن 54 حرباً دولية ومئات الحروب الأهلية.
ونحن لو تأملنا عالمنا اليوم، لوجدنا نزاعات مسلحة قائمة في الساحل الشمالي الإفريقي وليبيا وسوريا وأفغانستان واليمن والعراق، كما أن هناك دول عدة أطراف في تلك النزاعات، من تركيا إلى السعودية فالإمارات وروسيا والولايات المتحدة وغيرها الكثير، كما يوجد نزاعات اقتصادية وتجارية بين الصين والولايات المتحدة، وبين الولايات المتحدة وكل من إيران وروسيا وفنزويلا. ناهيك عن الثقة المفقودة بين دول الحلف الواحد، أو دول العالم المتمدّن والنامية بشأن ما خلفه فيروس “كورونا” على كل من العلاقات الدولية والاقتصاد العالمي.
وإذا كانت أسباب الحروب متنوعة، خلاف على أراضٍ أو حدود أو ثروات طبيعية أو تعارض على خلاف قانوني أو منفعة ما، فإن اشكالها أيضاً مختلفة، فهناك حروباً “ذكية” وحروباً “صلبة” – أي عسكرية – وهناك الحروب الاقتصادية والتجارية وغيرها، وتتباين أيضاً الحروب بين دولية وأهلية، والنظرة إلى الحرب واخلاقياتها هي أيضاً متعددة.
فالحرب، بالمعنى التقليدي، يمكن تعريفها بأنها “صراع عن طريق استخدام القوة المسلحة بين الدول، أو وبين الدول والفواعل غير الدولية؛ ورغم أن الحرب حظرت دولياً من خلال الفقرة 2/4 من ميثاق الأمم المتحدة، إلا أن ظاهرة الاعتماد عليها – كأداة للسياسة القومية – هي ظاهرة قائمة ومستمرة.”
بين عامي 1816 و1980، شهد العالم 118 حرباً دولية و106 حرب أهلية، ذهب ضحيتها ملايين القتلى والجرحى. وفي الحرب العالمية الثانية فقط، قتل أكثر من 54 مليون نسمة وجرح 90 مليون وأصبح 28 مليون شخص معاقاً.
تقول مقدمة دستور اليونسكو “لمّا كانت الحروب تبدأ في عقول الناس، ففي عقول الناس يجب أن تبنى حصون السلام”.
المبحث الأول: إستخدام القوة في القانون الدولي التقليدي كانت لتسوية النزاعات الدولية
كانت الحرب أو استخدام القوة بين الدول في زمن القانون الدولي التقليدي، تعد وسيلة حاسمة لتسوية النزاعات الدولية، لأنها وسيلة تؤدي إلى سحق الطرف الآخر لإنهاء النزاع أو الاستسلام بدون قيد أو شرط. وكانت الحرب في هذه الحالة وسيلة قانونية ضمن وسائل تسوية النزاعات الدولية، لأنها أكثر الوسائل نجاحاً، وبها ينتهي النزاع ويحصل المنتصر على حقوقه كاملة.
وبناءً على ذلك، فقد كانت الحرب في الفقه التقليدي تخدم غايتين أساسيتين:
الغاية الأولى: أن الحرب توفر وسيلة فعّالة للاعتماد على الذات في تحقيق تنفيذ الحقوق عند غياب محاكم دولية أو هيئات قضائية دولية مختصة وقادرة على تسوية النزاعات الدولية.
الغاية الثانية: إن اللجوء إلى استخدام القوة كان يهدف إلى تنفيذ قواعد القانون الدولي التقليدي، وتكييفها مع الظروف المتغيرة لعدم وجود الهيئات الدولية القادرة على القيام بدور المشرّع الدولي.
وعليه، فقد كان استخدام القوة العسكرية (أو الحرب) وسيلة لتسوية النزاعات الدولية، غير أنها كانت وسيلة غير الودية للتسوية.
ولقد أدرك المشرّع أن تحريم استخدام القوة في العلاقات الدولية أو التهديد بها لن تكون فاعلة ما لم يكن مصحوباً بانشاء جهاز يتولى فرّضه ومنع مخالفة أحكامه، بحيث يحتكر سلطة مباشرة القهر السياسي والمادي، أي الجزاءات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتجريد الدول فرادى من هذه السلطة، والاّ بقيت النصوص – مهما احكمت صياغتها في عبارات بليغة – عديمة الجدوى من الناحية العملية. وبديهي أن الوصول إلى هذه الغاية السامية، لا يمكن الاّ بالسير قدماً وبجدية على طريق التنظيم الدولي، وما يتطلبه من “تقليم أظافر” العدوان لدى الدول، وهذا يعتمد أساساً على الحد من اختصاصات الدول كما استقرت في عصر ما قبل التنظيم الدولي.
ورغم قيام عصبة الأمم كمنظمة دولية في 10 ديسمبر/كانون الأول 1920، إلا أنها فشلت في حظر الحرب على أرض الواقع رغم تأكيدها على عدم مشروعية الحرب في ميثاقها، وكان من أهدافها تسوية النزاعات الدولية بالطرق السلمية، إلا انها فشلت في منع الحروب التي شنتها الدول الكبرى بحق الدول أو المستعمرات، مثال الحرب الإيطالية تجاه الحبشة أو روسيا ضد فنلندا، وغيرها من الحروب، وربما يعود ذلك لغياب الولايات المتحدة عن العصبة منذ البداية.
المطلب الأول: ميثاق “بريان – كيلوغ” وتحريم استخدام القوة
في العام 1928، خطا المشرّع خطوة حاسمة في ميثاق “بريان – كيلوغ” الذي تم التوصل إليه خارج عصبة الأمم، 20 أغسطس/آب 1928، والذي وقعت عليه 15 دولة في باريس، ثم أصبحت 63 دولة، العام 1929، حيث أصبح تحريم استخدام القوة شاملاً وفقاً للمادة الأولى، وتعتبر هذه الوثيقة بداية نشأة مبدأ تحريم استخدام القوة بصورة شاملة في العلاقات الدولية ذو طبيعة آمرة ومهدت السبيل أمام ميثاق الأمم المتحدة.
ولقد ساعدت أهوال الحربين العالميتين على اقتراب الدول من مبادئ التنظيم الدولي، أي إنشاء سلطة دولية عليا، من بين مهماتها فرض احترام مبدأ عدم استخدام القوة في العلاقات الدولية.
إقرأ أيضاً: مقدمات الحرب العالمية الثالثة
المطلب الثاني: استعمال القوة مشروعة في حالتين في ميثاق الأمم المتحدة
ونص ميثاق الأمم المتحدة، الفقرة 4/2، على أنه “يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة.”
إعتبر الميثاق أن تحريم استخدام القوة المسلحة إلاّ في حالات الصالح العام الدولي، من أهم الأهداف التي من أجلها انشئت المنظمة الدولية، وبذلك لا تكون القوة مشروعة إلاّ في حالة الدفاع الشرعي الفردي أو الجماعي المنصوص عليها في المادة 51 من الميثاق، وتحت مظلة الأمم المتحدة.
ومن أجل توكيد مبدأ تحريم استخدام القوة في العلاقات الدولية، نجد الفقرة 3/2 من الميثاق تؤكد التزام الأعضاء بفض جميع منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية، على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر.
والحق أن محاولات بناء حصون الدفاع عن السلام في عقل الإنسان قديمة جداً، فقد تبنتها الأديان السماوية وجهر بها الفلاسفة والمفكرون منذ أقدم العصور، كما سعى الكثيرون لترشيد الحرب وتحديد أسبابها وإقرار ما أسموه بـ “الحروب العادلة”، ثم انتقلت هذه المحاولات لأفكار السياسيين والعسكر من قادة الدول، فسعى بعضهم لتقنين الحرب وتنظيمها وحصرها في الحرب المشروعة، عبر الدفاع المشروع في ميثاق الأمم المتحدة المادة 51، أو من خلال مظلة الأمم المتحدة، الفصل السابع المادة 43، بعدما أوحوا – على الورق – بنبذها كأداة من أدوات السياسات القومية إبان عهد عصبة الأمم.
الفرع الأول: تعريف الحرب العادلة
تلك التي تكون ثأراً من ظلم، أو إذا ما تغاضت الدولة التي تُشن الحرب عليها، عن معاقبة خطأ ارتكبه مواطنوها، أو لاستعادة شيء ما جرى الاستيلاء عليه بغير الطريق الصحيح، يعني أن مبررات الحرب العادلة هي:
1. رداً على ظلم وقع بحق دولة ما؛
2. تغاضي دولة عن محاكمة احد مواطنيها الذي ارتكب خطأ تجاه الدولة التي تشن الحرب؛
3. ردا على عدوان.
الفرع الثاني: تطورت مفاهيم الحرب العادلة على مدى قرون وقوننت من خلال الاتفاقيات الدولية
لا تستند تعاليم الحرب العادلة إلى مبدأ ثابت، بل هي تقاليد ومبادئ وأفكار تطورت على مدى قرون، وكانت ولا تزال في استجابة للظروف والطبيعة المتغيرة للحرب، يتناولها العديد من المفكرين والفلاسفة في جوانب مختلفة منها.
وجنباً إلى جنب مع محاولات الإنسان لترشيد الحرب وتقنينها وتحريمها سارت محاولات لجعلها أكثر إنسانية من خلال الاتفاقيات الدولية، وخاصة اتفاقيات لاهاي وجنيف.
المبحث الثاني: آراء الأديان السماوية في الحرب العادلة
المطلب الثاني: التوراة والحرب العادلة
في أسفار التوراة (أول الكتب السماوية)، إقرار بشريعة الحرب والقتال التي بدت على أبشع (ففي سفر التثنية الإصحاح العشرين عدد10 وما بعده ) صور التدمير والتخريب والسبي “… حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك بالتسخير، ويستعبد إلى يدك، فإضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم، وكل ما في المدينة، كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب.” وفي مواضع أخرى من التوراة، تقول “إن الحرب بأمر الله تعالى، وكل ما يحدث فيها من صنعه هو. وربما كانت الحرب عقابا على العبريين من الرب.”
“الحرب” إذن وسيلة، فلا محل لوصفها بالعدل أو بغيرها، ولكونها بالدرجة الأولى، أمر إلهي. من هنا، يمكن تسجيل بعض النقاط المهمة:
• دعا الحاخام يسرائيل اريئيل، أكتوبر/تشرين الأول 1982، وبعد احتلال بيروت، الجنود الاسرائيليين إلى قتل الفلسطينيين واللبنانيين واحداً وحداً، ومما قاله: “ولما كان لبنان جزءاً لا يتجزأ من أرض إسرائيل، فعلينا أن نعلن لا نية لنا بمغادرته، وكان على قادتنا أن يدخلوا لبنان وبيروت من دون تردد، وأن يقتلوهم واحداً واحداً، بحيث لا يبقى منهم ذكر ولا أثر.”
• أيّد كبير الحاخامات اليهود الغربيين – إسرائيل لاو- سياسة آرييل شارون التي تتعرض لانتقادات كثيرة دولية لقتل ناشطين فلسطينيين، وقال الحاخام إن الشريعة اليهودية تعطي تأييدها الكامل لسياسة القتل النشطة التي تطبقها الحكومة وقوات الامن لمنع “الإرهابيين” من التخطيط لهجمات وتنفيذها داخل إسرائيل، وأن الأخيرة تخوض حرباً من حروب الوصايا تقتضي الشريعة في اطارها ليس فقط الدفاع وإنما أيضاً المبادرة والاقدام.
• ذكر الحاخام افنير “إن الجرم المرتكب في حق يهودي هو على الدوام أكبر من الجرم نفسه المرتكب في حق شخص غير يهودي”، وهذه المقولة على حد قوله مطابقة لتعاليم التوراة.
وبعد قصف قانا في عام 1996 ..جمع ضابط المدفعية الاسرائيلي جنوده ليقول لهم احسنتم العمل ..لا احد تحدث عن خطأ ايا كان الامر فما هم سوى عربوشيم، وبالعبرية اخادوريشيم وهناك الملايين منهم،وهو مصطلح ازدرائي عنصري.
المطلب الثاني: المسيحية والحرب العادلة
يمكن ارجاع تقليد الحرب العادلة إلى القديس أغوسطين (354م – 430م) الذي انكب، في القرن الخامس، على دراسة السؤال المتصل بمعرفة ما إذا كان من الممكن لمسيحي أن يدخل في حرباً من دون أن يرتكب خطيئة. فكان الجواب بالنفي، فالمشاركة بالحرب دائماً خاطئة ويجب تجنبها.
بيد أنه لم يكن من السهل دائماً التوفيق بين فكرة تجنب الحرب وبين الحقائق اليومية للحياة، حيث تكون القوة، على حد قول ديفيد فيشر، في أحيان كثيرة ضرورية لسيادة الحق أو لحماية الأبرياء من الاعتداء. ونظرا لأن المسيحيين تقلدوا مراكز كبيرة في الامبراطورية الرومانية، كانت هناك الحاجة للتوفيق بين متطلبات رجل الدولة والقيود الاخلاقية.
الفرع الأول: مفهوم الحرب العادلة عند المسيحيين تعود للقديسين أوغسطين وتوما
إستمدت الحرب العادلة أصولها وجذورها الفكرية من الطروحات التي ساقها القديس أوغسطين في موسوعته الخالدة “مدينة الله” ولاحقاً بلورها القديس الدومينيكي الشهير توما الإكويني (1225-1274) في مذهب اللاهوت الطبيعي التي تحدث فيها عن مسألة الاخلاق والقانون الطبيعي، ونظرية السياسة.
نص رسالة أوغسطين إلى الكونت بونيفاس، أمير مقاطعة نوميديا (الجزائر الحالية) في زمن الإمبراطورية الرومانية وفيه قوله: “عندما تجهز نفسك بالسلاح لخوض معركة، عليك في المقام الأول أن تعلم أن شجاعتك المادية نفسها هي هبة من الله إليك؛ لهذا، يتعين عليك ألا تستخدم هبة الله إياها بشكل خاطئ.”
بدأ توما الإكويني، في القرن الثالث عشر، بإعادة تشكيل ملامح الحرب العادلة، حيث اعلن أنه لكي تكون حرباً ما عادلة يتعين توافر ثلاثة عناصر: أولا، سلطة الأمير(السلطة المختصة)، ثانياً، قضية عادلة، وثالثاً نية حسنة.
وقدّم القديس توما شرحاً عن مصطلح السلطة المختصة على النحو التالي: لا يمكن لشخص عادي أن يعلن الحرب، كذلك لا يمكنه أن يعبئ الأشخاص اللازمين للحرب؛ وبما أن مسؤولية الشؤون العامة موكلة إلى الحكام ،فإنهم وحدهم الذين تقع عليهم مسؤولية الدفاع عن المدينة أو المملكة، ويكمل “يجب أن يكون السلام مرماك ومبتغاك، أما الحرب فهي أمر اقتضته الضرورة، إذا علمت هذا وعلمت به، أمكن لله آنذاك أن يخلصك من الضرورة ويشملك بالسلام… كن صانعاً للسلام حتى وأنت في معمعان الحرب، فإنك بهذا ستكون في غزوك جالباً للسلام حتى لأولئك الذين انتصرت عليهم… وكما استعملت القوة لقهر المتمرد أو المعارض، عليك الآن أن تجنح إلى الرفق بالمهزوم، أو الأسير، خصوصاً بعد أن استتبت الأمور، ولم يعد هناك خوف على تعكير صفو السلام.”(الرسالة 189)
في سعيه للتعامل مع هذا التحدي، إعتمد القديس أغوسطين ليس فقط على تعاليم الكنيسة بل أيضاً على قانون الامبراطورية الرومانية وحكمة الفيلسوف شيشرون، وتوصل بالنهاية إلى أن المسيحي يمكنه الدخول في حرب فقط إذا كانت عادلة.
وبين القرنين الحادي عشر والثالث عشر، سعت الكنيسة إلى التقليل من مآسي الحرب من خلال تقييد الأيام التي يمكن القتال فيها (هدنة الرب)، أو توفير الحماية لبعض الأشخاص من قبيل رجال الكنيسة والفلاحين (سلام الرب).
إقرأ أيضاً: قراءة في كتاب “الحرب الهادئة: مستقبل التنافس العالمي”
مع أن تلك المحاولات لم تحترم عملياً بدليل أن الحملة الصليبية ضد القسطنطينية شنت يوم الثلاثاء المقدس في عيد الفصح العام 1204، الا أن تلك المحاولات تركت آثاراً مهمة في تعاليم الحرب العادلة لجهة عدم مهاجمة النساء والاطفال.
المطلب الثالث: الإسلام والحرب العادلة
كما أن “الفتنة أشد من القتل” هي الآية الرئيسية التي تصف ما يجيز الحرب العادلة، فإن الآية التالية تسلط الضوء على المعايير الإسلامية بشأن العدالة في الحرب أو كيفية مُجابهة الحرب على نحوٍ صحيح ضمن قواعد الاشتباك {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}. الله لا يحب أولئك الذين تجاوزوا الحدود.
كانت هذه الآية الأولى في القرآن الكريم التي تأمر المسلمين بالقتال. فقبل هذه الآية وغيرها من الآيات التي تجيز القتال للمسلمين، أوصى القرآن المسلمين بالتحلّي بالصبر وتحمل الألم الذي كان يلحق بهم من الكفّار، حتى أنه أوصاهم بالتجاهل والعفو عما سلف. بيد أنه عندما كان لزاماً على المسلمين القتال ومجابهة العدوان خشية قتلهم، فقد نزلت هذه الآية لتأمر المسلمين بالحرب. ومن هذه الآية اشتق عديد من القواعد الإسلامية المهمة المعنية بالاشتباك العسكري.
المبدأ الأول والأهم هو: “لا تقاتلوا إلا من قاتلوكم”، إذ تنص الآية صراحة على “قاتلوا الذين يقاتلونكم”؛ وبالتالي، لا يجوز استهداف المدنيين. وكما يقول مايكل ولزر، الباحث البارز في نظرية الحرب العادلة الحديثة، إن قتال المقاتلين لا يمكن إلا عند إعلان الحرب رسمياً، والإسلام يتمم هذه الحجة. وقد استمد الفقهاء المسلمون – من الآية المذكورة أعلاه – عدم جواز قتل الذين لا يشاركون في القتال الفعلي، وخاصة النساء والأطفال والمسنين والكهنة والرهبان والمعوقين، وحتى العمال والمزارعين الذين يعملون لدى العدو وليسوا مشاركين مباشرة في القتال.
في ضوء هذا المبدأ، يجب التشديد على قاعدة إضافية للاشتباك وهي “تعدي الحدود حرام”. ففي ساحة المعركة، لا يجوز استهداف المسنين والضعفاء والنساء والأطفال والرهبان والعمال وغيرهم من المدنيين ما لم يقاتلوا بأنفسهم. وحتى ذلك الحين، لم يؤذن باستخدام القوة إلا بما يتناسب مع التهديد، لذلك يجب تفادي قتلهم على الإطلاق.
وهناك قاعدتان أخريان تحرمان استخدام القسوة ضد المقاتلين وتخريب الممتلكات:
1. يحظر التمثيل بالجثث والتعذيب؛
2. لا يجوز قطع الشجر أو إتلاف الزرع أو تخريب المباني والمنشآت المدنية أو غير ذلك إلا في ظروف محدودة.
وقد شُدد على المبادئ ذاتها في المادة 3 من إعلان القاهرة بشأن حقوق الإنسان، الذي أصدره واعتمده المؤتمر الإسلامي التاسع عشر لوزراء الخارجية، العام 1990، والذي يستند إلى مبادئ الشريعة الإسلامية:
أ. في حالة استخدام القوة أو المنازعات المسلحة، لا يجوز قتل من لا مشاركة لهم في القتال كالشيخ والمرأة والطفل، وللجريح والمريض الحق في التداوي وللأسير الاطعام والمأوى والكسوة، ويحرم التمثيل بالقتلى، ويجب تبادل الأسرى وتلاقي اجتماع الأسر التي فرقتها ظروف القتال.
بـ. لا يجوز قطع الشجر أو إتلاف الزرع أو تخريب المباني والمنشآت المدنية الضرورية لحياة الناس، بقصف أو نسف أو غير ذلك.
ولكن القرآن الكريم يجيز قتل المقاتلين خلال الحرب؛ ووفقاً لنظرية الحرب العادلة كما أوضحها ولزر، قد يُقتل مقاتلو العدو بشكل شرعي في أي وقت، حتى عندما يكونون غير مسلحين، طالما أنهم لم يُصابوا أو يُأسروا.
فالسلام هو الخيار الأفضل دوماً ما دام العدو يبتغيه ويتراجع عن عدواته. وفي هذه المرحلة، لا يجوز العداء إلا ضد الذين يبغون العدوان أو المرتكبين لجرائم حرب. كما أنه إذا طلب أحد جنود العدو اللجوء، على المسلمين قبوله. ومع ذلك، يمكننا التأكيد على قواعد الاشتباك التالية:
– لا تجوز الحرب إلا للقضاء على عدوان أو فتنة؛
– يجب قبول عروض السلام بعد النصر؛
-لا يجوز إيذاء جنود العدو المستسلمين.
المبحث الثالث: الأساس الفلسفي للحرب العادلة
المطلب الاول: الحرب العادلة – مفهومها والأساس الفلسفي الذي تقوم عليه
لقد تطور على مدى عدة قرون طويلة المفهوم والاساس الفلسفي لاخلاقية الحرب والسلام، الذي يُؤطر للقواعد الأخلاقية التي ينبغي توافرها لكي تكون الحرب عادلة من المنظور الأخلاقي، كما كان يحاول إيجاد أساس وسط معقول بين “مذهب المسالمة” الذي يرفض تبرير الحرب بشكل مطلق، و”مذهب العنف”، الذي يبرر استخدام القوة واللجوء إلى الحرب بشكل مطلق. وقد نشأ من جراء ذلك ما يُعرف بنظرية “الحرب العادلة”، وهي النظرية التي تبرر استخدام القوة واللجوء إلى الحرب استناداً إلى أسس ومبررات أخلاقية معينة.
الفرع الأول: توما الإكويني واعادة تشكل ملامح الحرب العادلة
بدأ توما الإكويني، في القرن الثالث عشر، في اعادة تشكيل ملامح الحرب العادلة، حيث أعلن أنه لكي تكون حرباً ما عادلة، يتعين توافر ثلاثة عناصر: أولاً سلطة الأمير (السلطة المختصة)، ثانياً، قضية عادلة، وثالثاً نية حسنة، بالاضافة إلى الشرح الذي قدمه القديس توما، كما ذكرنا أعلاه.
بناء على ذلك، جرى استبعاد الحروب الخاصة التي كانت وباء القرون الوسطى، فقرار شن الحرب يلزم أن يصدر من حكومة مخولة بذلك.
وقد تطورت الملامح لاحقاً مع القانونيين الأسبانيين فيتوريا وسوارز، والهولندي هوغو غروتيوس، في القرنين السادس والسابع عشر، إلى وضع مجموعة من الارشادات للأمراء المسيحيين حول كيفية ممارسة الحرب داخل اوروبا لتصبح مبادئ عالمية يرسيها القانون الطبيعي وتطبق في العالم. وعلى هذا الأساس، انتقد فيتوريا بشكل صارخ سلوك الفاتحين المسيحيين في الحروب التي خاضوها ضد جنوب ووسط أمريكا، واعتبرها “حروب استيلاء” وادانها بقسوة كونها حرب غير عادلة .
الفرع الثاني :ما الذي يشكل قضية عادلة؟
فوفقا لفيتوريا، إن الاختلاف في الدين لا يمكن أن يكون سبباً للحرب، شأنه في ذلك شأن توسيع امبراطورية ما؛ وبطبيعة الحال، فإن المجد الشخصي – أو ما يناسب الأمير – يأتي في مرحلة أدنى من ذلك؛ وفي المقابل، فإن القضية الوحيدة العادلة لشن حرب تتمثل في أن الضرر قد وقع بالفعل، وأن وجهة نظره تقول بأن الحروب الدفاعية فقط هي التي تعتبر حروباً عادلة.
المطلب الثاني: آراء الفلاسفة والمفكرين في الحرب العادلة
يعد غروشيوس أحد عرابي القانون الدولي التقليدي حيث قام بتأليف كتابه المعروف بـ “قانون الحرب والسلم: 1623 – 1624″، على ضوء التجربة المفزعة لحرب الثلاثين عاماً الدينية التي اجتاحت أوروبا آنذاك. وقد رأى غروشيوس وجوب مراعاة بعض القواعد التي تضبط سلوك المتحاربين والتي يجب مراعاتها لاعتبارات إنسانية ودينية واعتبارات الأمن والسلامة، كذلك قرر غروشيوس أنه لا يصح قتل المهزوم إلا في الحالات الاستثنائية الخطيرة، كما أنه لا يجوز تدمير الملكية إلا لأسباب عسكرية ضرورية.
مثل هذه القيود تمثل أهم جزء من كتابات غروشيوس في قانون الحرب، وتعد بمثابة مساهمة منه ذات شأن كبير في قواعد القانون الدولي التي نظمت حالة الحرب. على أن العمل الكبير، على مستوى عالمي، تمثل في اتفاقية جنيف لعام 1864، لتحسين أحوال جرحى الحرب، وتلاها دستور الاتحاد السويسري، العام 1874، الذي نصت مادته الـ 12 على تخويل المحكمة الاتحادية النظر في الجنايات والجنح الموجهة ضد قانون البشر.
إن النقاش الفلسفي حول عدالة الحروب قديم قدم الحرب ذاتها، وقد نشأ من جراء، ما يُعرف بنظرية الحرب، وهي النظرية التي تحدد عدالة الحروب من حيث شنها، وإداراتها في ظل المنظومة الاخلاقية.
الفرع الأول: نظرية الحرب العادلة عند مايكل وولتزر
يعد الفيلسوف الاميركي مايكل وولتزر – 1935 – من بين الفلاسفة في مجال الأخلاق والسياسة المعاصرينالذين كتبوا بموضوع الحرب العادلة. ويعتبر كتابه الحروب العادلة وغير العادلة، العام 1977، مساهمة مهمة في المبادئ الاخلاقية والسياسية للحرب. ويشرح في كتابه الأبعاد الاساسية لنظريته في الحرب العادلة من خلال الأركان الثلاثة التالية مع المبادئ الاخلاقية لكل ركن.
الركن الأول: الحرب العادلة
وضع وولتزر ما يسميه نظرية “النموذج المشروع”، وهي أن الحرب تعد احياناً مشروعة من المنظور الأخلاقي، وهذه النقطة تميز “النموذج المشروع” عن مذهب “المسالمة”، الذي ينكر الحرب بشكل مطلق، ومذهب “العنف المطلق” الذي يقوم على فكرة أنه ليست هناك علاقة بين الحرب والمبادئ الأخلاقية، وأن الحرب تعبير عن المصالح القومية للدول في القوة والأمن والموارد الطبيعية والنمو الاقتصادي.
ويعتبر ووالتزر بأن السبب العادل الوحيد للجوء إلى الحرب هو مقاومة العدوان، ويتمثل العدوان في انتهاك وحدة الأراضي الاقليمية والسيادة السياسة للدولة، ويعتبر ووالتزر أيضاً بأن الحرب الوقائية هي خطرة مثل العدوان، ولكن يضع 3 قيود لتبريرها: النية الواضحة للغزو – درجة من التأهب الفعلي الذي يتحول إلى خطر حقيقي – إذا طال انتظار الدولة قد يسبب خطر عليها. ويعطي مثالاً بأن اسرائيل كانت محقة بضرتها الاستباقية للمطارات في مصر (يونيو/حزيران 1967) لأن الأخيرة طردت قوات الطوارئ الدولية واعتبرت ممر تيران البحري مقفلاً أمام الملاحة، مما يعني بأنها كانت تخطط لضرب إسرائيل.
أيضاً، يبرر ووالتزر التدخل الإنساني اذا كان موجهاً لإيقاف المعاناة الانسانية التي تحدث في دولة، وهذا النوع من الحرب يمكن تبريره استناداً للدفاع عن المثل العليا الأخلاقية والسياسية التي يجب الدفاع عنها.
الركن الثاني: عدالة إدارة الحرب وتأييده للحرب على الإرهاب
هناك تناقض واضح في طروحات ووالتزر، فهو انتقد استمرار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية وخاصة في نهاية الحرب العام 1945 بقصف المدن الالمانية، ثم قيامها بتدمير المدن اليابانية واعتبرها غير مبررة. وبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، أيّد حروب أمريكا على الإرهاب، عامي 2001 و2003، وأعتبرها عادلة، مؤكداً أنه إذا لم تستطع الدولة أن تواجه التحديات العصيبة في الحرب، فإنها ملزمة بالخروج عن القواعد الأخلاقية للسلوك العادل في الحرب، وهذا الخرق ليس خيانة للقيم الأخلاقية بل بالأحرى هو تعزيز لها.
الركن الثالث: عدالة ما بعد الحرب
يركز ووالتزر على أنه بعد الحرب يجب ضمان العدالة من خلال الخطوات التالية:
1. نزع السلاح؛
2. التعويض وحق تقرير المصير؛
3. الحفاظ على الحقوق المدنية؛
4. ابرام المشروعية الشعبية.
الفرع الثاني: ديفيد فيشر – عرفية المبادئ الأخلاقية التي تحكم قرار الحرب واستعمال القوة
يقول ديفيد فيشر عن الحرب العادلة بأنها لا تنبثق من مجموعة ثابتة من النظريات، بل من تقاليد عمرها قرون، وما زالت تستجيب للمتغيرات ولطبيعة الحرب المستجدة. وخلال القرون، رست مبادئ قائمة على الانصاف، وضعت لتكون مرشداً لتفكيرنا عن الحرب. وللتقاليد الأخلاقية جذور عديدة في الفلسفة واللاهوت والقانون والممارسة وحكم الدولة والقوانين العسكرية والفروسية.
تعود المبادئ الأخلاقية للحرب العادلة الى الأعراف، وتنقسم إلى قسمين؛ الأولى تلك التي تحكم قرار الذهاب إلى الحرب أو اللجوء إلى استعمال القوة المسلحة – JUS AD BELLUM، والثانية تلك التي تحكم استعمال القوة المسلحة على أرض المعركة – JUS IN BELLO.
ويتابع ديفيد فيشر ليقول بأن العبء الأخلاقي للأول، أي قرار الذهاب إلى الحرب، يقع أساساً على القادة السياسيين، لأنهم هم الذين يتخذون القرار بالذهاب إلى الحرب. العسكر – بدورهم – ليسوا خارج المساءلة تماماً لأنهم هم الذين قدموا المشورة والنصح للسياسيين، واعطوهم الجدوى الخاصة بالمعايير والتناسب، والتكاليف والمخاطر.
على الصعيد الآخر وبالنسبة للعبء الاخلاقي للثاني، أي إستعمال القوة على أرض المعركة، فإنه يقع بالكامل على العسكر لأنهم الذين يقاتلون ويحاربون.
ويفرق مايكل ووالتزر بين الأثنين بحيث يعتبر الأولى، أي قرار الذهاب إلى الحرب، بأن لها طابعاً وصفياً، ويتساءل: هل هي الحرب العادلة؟ أما فيما يتعلق بالثانية، أي إستعمال القوة على أرض المعركة، فلها طابعاً ظرفياً، ويتساءل: هل شنت الحرب بعدل؟
في القرون اللاحقة، أُهملت ملامح الحرب العادلة وعُمِل على صياغة قواعد قانونية عملية، مثل قوانين وقواعد الحرب، بحيث تلزم السلوك الحربي، بما في ذلك معاملة السجناء معاملة انسانية على النحو الذي اقر لاحقاً في اتفاقيات لاهاي 1899 وجنيف 1864 وتعديلاتها.
لكن أُعيد اكتشاف تقليد الحرب العادلة في النصف الثاني من القرن العشرين على يد كل من الأب جون فورد وبول رامسي، وجرى تطويره بشكل أكبر، حول اخلاقيات السلاح النووي.
المطلب الثالث: سبعة مبادئ يجب أن تتوافر لشن الحرب العادلة وإدارتها
وهذه المبادئ هي:
أولاً: السبب العادل، بمعنى أن يكون هناك مبرر عادلِّ لشن الحرب (رد العدوان)؛
ثانياً: الملاذ الأخير، أي أن تكون الحرب آخر وسيلة تلجأ إليها الدولة بعد أن تستنفذ الوسائل السلمية؛
ثالثاً: التناسب، أي أن تكون المنافع التي يمكن أن تنتج من وراء شن الحرب أكبر، على نحو معقول، من الخسائر التي يمكن أن تنجم من الحرب؛
رابعاً: أن يكون هناك قدر معقول من النجاح من وراء كسب الحرب؛
خامساً: الوسائل المشروعة، أي أن تكون الوسائل المستخدمة منذ اندلاع الحرب وحتى هزيمة الخصم شرعية وعادلة، ويجب أن يكون هذا الهدف متناسباً مع المبادئ الأخرى للقضية العادلة. في حين أن هذا يستلزم عادة تقليل تدمير الحرب إلى الحد الأدنى؛
سادساً: حصانة غير المقاتلين، أي عدم استهداف المدنيين أثناء الحرب؛
سابعاً: السلام العادل، أي أن يكون السلام الذي ستسفر عنه الحرب عادلاً.
ولكن اختراع الأسلحة النووية وحرب فيتنام، اعيد الجدل في نظرية الحرب العادلة، بحيث أنه، وفي القرن العشرين، خضعت نظرية الحرب العادلة للجدال بشكل رئيسي استجابة لاختراع الأسلحة النووية والتورط الأمريكي في حرب فيتنام. ولقد ميّز المنظرون بين القواعد التي تحكم عدالة الحرب، من تلك التي تحكم السلوك العادل والمنصف في الحرب، ومسؤولية ومساءلة الأطراف المتحاربة بعد الحرب (قانون ما بعد الحرب). الجوانب الثلاثة ليست حصرية على الإطلاق، لكنها تقدم مجموعة من المبادئ التوجيهية الأخلاقية لشن حرب ليست غير مقيدة.
قائمة المراجع:
1. كمال حماد. 1997. النزاع السلح والقانون الدولي العام. مجد. بيروت – لبنان.
2. أنظر:
Gregory Reichberg, HentikSyse, the Ethics of war, Oxford, Basil Blackwell, 206.
3. ديفيد فيشر. 6/2014. الاخلاقيات والحرب. ترجمة عماد عواد. عالم المعرفة. العدد: 414.
4. الحرب العادلة بين المفهوم والتطبيق. ميدا إيست أونلاين. على الرابط التالي:
https://bit.ly/3PBN4Ox
5. كمال حماد. 12/2007. مجلة الحياة النيابية. مجلس النواب اللبناني. العدد: 65.
6. حسان شبلي. 28/8/2018. الحرب والإسلام وحُرمة الحياة: حظر العدوان في الفقه العسكري الإسلام.
7. أنظر:
Francisco de Vitoria. 1991. On the American Indians, in Vitoria: political ,ed., Anthony Pagden and Jeremy Lawrence. Cambridge – Cambridge university press.
8. حمدي الشريف. 18/4/2016. نظرية الحرب العَادلة بين اليُوتُوبيا والإيديولوجيا. مؤمنون بلا حدود. على الرابط التالي:
https://bit.ly/3vE7LBB
9. أنظر:
John ford. 1961. The morality of obliteration bombing, theological studies, 1944, and Paul Ramsey, war and the Christian conscience, Durham.NC, duke university press.
10. أنظر:
Chapter 4 | The Officer at Work: The Ethical Use of Force. By Richard M. Swain and Albert C. Pierce The Armed Forces Officer.
11. أنظر:
https://bit.ly/3cIbfvW
12. جورج ديب. شتاء 2004. حوار مع مجلة شؤون الاوسط حول الاستراتيجية الأمريكية والشرق الأوسط. العدد: 113.
13. كمال حماد. 3/2003. مكافحة تبييض الأموال في القوانين الدولية واللبنانية. مجلة الحياةالنيابية. مجلس النواب اللبناني. المجلد: 46.
مصدر الصور: Getty Image – وكالة الصحافة الفرنسية – رويترز – الحرة.
البروفسور كمال حماد
باحث وأكاديمي وأستاذ محاضر في العديد من الجامعات اللبنانية والعربية والأوروبية – لبنان.