يوسف البنخليل*

لم يشهد الخليج العربي تعقيداً مثل الذي نشهده الآن. فعلى المستوى الإقليمي، هناك تباينات واسعة بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي نتيجة إختلاف السياسات وتورط الدوحة في تبني سياسات إرهابية وتدخلات في الشؤون الداخلية بتحالف إيراني ـ تركي، وهناك أيضاً حروب إقليمية في العراق واليمن لمواجهة امتدادات الجماعات الإرهابية، وإيران تواجه فوضى داخلية، وظروفاً اقتصادية صعبة مع فرض عقوبات دولية عليها تهدد الدولة بالإنهيار، وأخيراً هناك تحول تاريخي آخر ما زلنا في بدايته، وهو صراع بين النفوذ الأمريكي والصيني في مياه الخليج العربي، مع توقعات بزيادة الإنقسامات بين دول المنطقة أكثر من ذي قبل خلال الفترة المقبلة.

كل هذه التحولات والتطورات تتزامن مع ما تعيشه دول الخليج، منذ العام 2013 عندما اتخذت قرارها التاريخي بإنهاء الدولة الخليجية الريعية، والإنتقال إلى مرحلة ما بعد الدولة الريعية، وضربت اقتصادات الخليج موجتان أساسيتان، وهما التراجع الحاد في أسعار النفط، وأخيراً إنتشار جائحة فيروس “كورونا” في المنطقة والعالم.

هذا هو مشهد الخليج العربي اليوم، ولا يمكن فهم تفاعلاته، أو تحليل ظواهره بمعزل عن هذه القراءة الأوسع التي تتطلب فهماً مختلفاً لما يمكن أن يكون عليه مستقبل المنطقة، ومستقبل الدولة الخليجية بعد “كوفيد 19” وهي تعيش مخاضها للإنتقال إلى مرحلة ما بعد الدولة الريعية.

إذاً، هي مرحلة تحول ضخمة ستكون لها إيجابياتها وسلبياتها، وفرصها وتحدياتها، لكن علينا فهم كل هذه التحولات أكثر فأكثر. ويمكننا مناقشة مجموعة من الأبعاد الهامة، تشمل:

أولاً: الإنكماش أو التمدد في العلاقات الدولية.

ثانياً: الصراع بين السياسي والإقتصادي.

ثالثاً: ثقافة المجتمعات الخليجية ما بعد “كوفيد 19”.

رابعاً: فرص وتحديات التحالفات المستقبلية.

خامساً: فرص ومحركات التغيير الخليجي.

تلك مجرد أبعاد خمسة يمكن إضافة أبعاد أخرى إليها لطرحها ومناقشتها خلال الفترة المقبلة، لأننا ما زلنا بحاجة إلى نقاشات أوسع مع استمرار الجائحة وتداعياتها لفترة أطول. فالتركيز على إدارة التعامل مع الجائحة، يتطلب أيضاً التركيز كذلك على ما يمكن أن ينتج عنها مستقبلاً.

*كاتب بحريني.

المصدر: الوطن البحرينية.

مصدر الصورة: الخليج أونلاين.

موضوع ذا صلة: مجلس التنسيق السعودي – الإماراتي يعزز مسيرة الشراكة بين البلدين