شارك الخبر

إعداد: مركز سيتا

أعلن رئيس الحكومة الإثيوبي، آبي أحمد، إطلاق عملية عسكرية ضد منطقة تيغراي التي يتهمها بشن هجومٍ دامٍ على قاعدة عسكرية فيدرالية. وتفاقم التوتر في الأسابيع الأخيرة بين قسم من الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا وحكومة الإقليم، التي تقودها نخبة سياسية كانت تحكم البلاد سابقاً.

وأثارت التطورات العسكرية مخاوف المراقبين من نشوب نزاع طويل ومدمر يهدد الإستقرار الهش في ثاني أكبر دول القارة الأفريقية من ناحية عدد السكان.

أسباب الأزمة

تواجه إثيوبيا إحتمال نشوب صراع أهلي مرير بسبب أزمة إقليم تيغراي، بعدما أمر رئيس الوزراء برد عسكري على “هجوم” شنه الحزب الحاكم في منطقة تيغراي المضطربة على معسكر يضم قوات فيدرالية، وقال أحمد “قواتنا الدفاعية صدرت لها أوامر بتنفيذ مهمتها لإنقاذ البلاد. تم تجاوز النقطة الأخيرة من الخط الأحمر”، مضيفاً “يتم إستخدام القوة كإجراء أخير لإنقاذ الشعب والبلد.”

وفي تقرير لصحيفة الغارديان، إتهم أحمد “جبهة تحرير تيغراي الشعبية” بمهاجمة معسكر للجيش في المنطقة ومحاولة نهب الأصول العسكرية الفيدرالية الموجودة بالإقليم، معلناً سقوط عدد من القتلى بالهجوم الذي وقع في مدينة ميكيلي، عاصمة منطقة تيغراي الشمالية، وبلدة دانشا حيث أعلنت الحكومة حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر.

شكل تأجيل الإنتخابات الوطنية بسبب جائحة “كورونا” أحد أسباب الأزمة، إذ كان من المقرر إجراء إنتخابات وطنية، في أغسطس/آب (2020)، لكن المسؤولين قرروا، في مارس/آذار، تأجيل جميع عمليات التصويت حتى تخف تهديدات الفيروس. وعندما صوت البرلمانيون لتجديد مدة تفويض المسؤولين التي كانت ستنتهي في أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2020، مضى زعماء تيغراي قدماً في الإنتخابات الإقليمية، أي سبتمبر/أيلول، والتي إعتبرتها حكومة آبي غير شرعية.

حالياً، يرى كلا الجانبين إلى الطرف الآخر بأنه غير شرعي. وفي إجراء لافت، قرر المشرعون الفيدراليون أن حكومة آبي يجب أن تقطع الإتصال بقيادة تيغراي وتمويلها.

توسع دائرة الصراع

تعتبر منطقة تيغراي خامس أكبر منطقة من حيث عدد السكان والمساحة، والأكثر كثافة سكانياً بين الولايات الإثيوبية التسع، ولغة تيغراي الرسمية هي اللغة التيغراينية، وتع أكبر اللغات إنتشاراً في إريتريا أيضاً، التي سبق وأن فُصلت عن إثيوبيا رسمياً في العام 1993، ما يجعل أسمرة معنية بالأزمة خاصة أن الحزب الحاكم في الإقليم كان يسيطر على السلطة في أديس أبابا إبان فترة الحرب بين إثيوبيا وإريتريا.

ومنطقة تيغراي هي موطن لجزء كبير من الأفراد العسكريين الفيدراليين، حيث توجد الكثير من معداتها، وهو إرث من الحرب الحدودية العنيفة بين إثيوبيا وإريتريا جارتها الشمالية، بين عامي 1998 – 2000، ويقدر بعض المحللين أن تيغراي يمكن أن تحشد أكثر من نصف إجمالي أفراد القوات المسلحة والآليات.

في هذا الشأن، أصدرت إريتريا بياناً رسمياً إتهمت فيه الجبهة بـ “عرقلة السلام والإستقرار الإقليميين”. وفي خطاب متلفز لشعب إقليم تيغراي الإثيوبي الشمالي، قال دبرصيون قبرمكئيل، رئيس الإقليم، إن الشعب في تيغراي يجب أن يكون مستعداً لحرب شعبية ضد أعدائه الذين يريدون تركيعه، وأهاب بشعبه تسجيل مآثر بطولية كما في الماضي، مهدداً بقبر الشعبية (الجبهة الشعبية الحاكمة في إريتريا)، في حال مسها بأمن وسلامة تيغراي، وسط أنباء عن طلب إثيوبيا مساعدة إريتريا في الأزمة. كما قال أيضاً “إن الحرب لم تكن خيارنا، بل خيارنا كان السلام، ولكن يريدون فرض الحرب علينا من أجل تركعينا، وإننا سوف ننتصر في الحرب لأننا أصحاب قضية عادلة وندافع عن أنفسنا.”

ضبط الإقليم

أجرى نائب مفوض الخارجية في الإتحاد الأوروبي لشؤون الأمن، جوسيب بوريل، لقاء مع كل من رئيس الوزراء الإثيوبي وحاكم الإقليم في محاولة لمنع تدهور الوضع في إثيوبيا إلى حرب شاملة وذلك في أعقاب منع حكومة الإقليم لجنرال معين من قبل رئيس الوزراء من الوصول إلى قيادة القيادة الشمالية.

وقال جيتاشو “رد المسؤول الرفيع في تيغراي بأن إبعاد الجنرال المذكور لم يكن بدوافع عرقية، ولكن بسبب حالة عدم التواصل بين الحكومة الفيدرالية وحكومة إقليم تيغراي، وإن تعيين الجنرال لم يتم بالتشاور مع حكومة إقليم تيغراي، التي توجد القيادة الشمالية على أراضيها”، مشيراً ، مشيراً إلى أن الجنرال لم يعد يملك السلطة لإتخاذ مثل هذه التحركات.

إلى ذلك، أشار مسؤولون في الإقليم أنهم لن يدخلوا في صراع عسكري، لكن خطر الحرب مرتفع. في هذا الخصوص وقبل ساعات من إعلان آبي أحمد، قال وونديمو أسامنيو، مسؤول كبير آخر في تيغراي “إن الحكومة الفيدرالية تحشد القوات على الحدود الجنوبية لتيغراي، وهو إدعاء لا يمكن التحقق منه بشكل مستقل”، مضيفاً “أعتقد أنه عندما يتعلق الأمر بالتعبئة العسكرية فهي ليست لعبة أطفال، يمكن أن يشعل فتيل حرب شاملة ما يفعلونه هو اللعب بالنار.”

هذا وقد أصدر وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بياناً دعا فيه إلى إنهاء أي قتال، في حين قالت مصادر من داخل الإتحاد الأفريقي بأنه يضغط من أجل إجراء محادثات، لكن الحكومة غير مستعدة للتفاوض، ما يعني أن مسالة إندلاع الحرب الأهلية أكبر من فرصة التهدئة خصوصاً بعد تصريح نائب قائد الجيش الإثيوبي، برهانو جولا، بالقول “لقد دخلت بلادنا حربا لم تكن تتوقعها، هذه الحرب مخزية ولا معنى لها”، مضيفاً “سنحرص ألا تطال الحرب وسط البلاد” وتبقى منحصرة في تيغراي.

أخيراً، يلوح في الأفق خطر حقيقي من أن يؤدي الصراع المفتوح إلى تفاقم التوترات العرقية وإلهام المزيد من المشاعر الإنفصالية في أجزاء أخرى من هذا البلد، خصوصاً بعد حوادث العنف التي شهدتها البلاد على خلفية مقتل المغني هاشالو هونديسا، في يونيو/حزيران 2020. وإذا إستمر الوضع على حاله، فمن الممكن أن تشهد إثيوبيا تفككات أخرى.

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصور: صحيفة العرب.

موضوع ذا صلة: إنقلاب أثيوبيا: هل من دور لـ “المحور الإخواني”؟


شارك الخبر
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •