قيل إن نظام حقوق الإنسان الإقليمي في أميركا اللاتينية، وكذلك في أفريقيا، ما زال في طور الطفولة، أما إقامة نظام إقليمي لحقوق الإنسان في آسيا فما زال مجرد محاولات لبداية فكرة حول هذا الموضوع.
يعود السبب في ذلك إلى كون القارة كبيرة جغرافياً وتتنوع فيها الثقافات والأديان، ناهيك عن المستوى الإقتصادي السيء لدولٍ كثيرة منها، فضلاً عن وجود عدد من الأنظمة الحكومية المتسلطة ما أدى إلى تعقيدات محاولات الإقتراب من أفكار حقوق الإنسان في القارة.
حديثاً، تبدو في الأفق بوادر تطور تبشر بالأمل خاصة في نشاط الامنظمات غير الحكومية التي تتجه بإصرار نحو بلورة فكرة نظام إقليمي آسيوي، أو حتى شبه إقليمي، لترويج مبادئ حقوق الإنسان وحمايتها. ما تجدر الإشارة إليه هنا أن ظاهرة تنوع الثقافات وتفاوت درجات النمو الإقتصادي وطراز الحكم تبدو حادة جداً في آسيا؛ مثلاً، تعتبر اليابان في مقدمة الدول الصناعية الحديثة ما يعني عدم القدرة على مقارنتها أو تشبيهها بدول أخرى فقيرة تعاني المجاعة، كما أن نظام الحكم الموجود في الصين أو فيتنام، مثلاً، لا ينطبق على ذاك الموجود في بنغلاديش.
من هنا، لا يمكن القول إن هنالك جامع بين بلدان آسيا ونظرتها لحقوق الإنسان، فعلى ما يبدو أن المحاولات التي تم بذلها لإنشاء منظمات لحقوق الإنسان بين الحكومات لم تنجح، وإن برزت حديثاً عدة منظمات غير حكومية على مستوى القارة الآسيوية لكنها بقيت متناثرة وغير فعالة، ولم يكتب لها أن تسير على غرار المفاهيم الغربية في تناولها لحقوق الإنسان.
رغم ذلك، هناك آراء متعددة ترى بأن حقوق الإنسان ليست إكتشافاً غربياً وأن جذورها ترجع إلى الجنس البشري نفسه، وأن كل المجتمعات لديها مفاهيم لحقوق الإنسان بحسب معرفتها أو حاجتها؛ مع هذا، فقد غزا هذا المصطلح لغة التخاطب بين المدافعين عن هذه الحقوق في كل آسيا، زد على ذلك أن الكثير من الحكومات الآن تتحدث عن حقوق الإنسان، حيث صادقت الكثير من الدول على معاهدات الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان.
لقد كان تركيز هؤلاء في هذا المجال متمحور حول التنمية والعدل الإجتماعي؛ بالتالي، تبرزت دائماً عبارات الحق في التنمية ضمن كتابات حقوق الإنسان الصادرة عن آسيا فيما كثر الحديث عن المعاناة الإقتصادية فيها.
أخيراً، لا بد من تبيان أن البلاد العربية والإسلامية، في قسمها الكبير، يقع في القارتين آسيا وأفريقيا، لكن مسألة حقوق الإنسان كانت ولا تزال ساحة مواجهة بينهم وبين الغرب، سواء في التصور أو الواقع. فقد عرف الفقه الإسلامي والإسلام حقوق الإنسان منذ قرونٍ مضت وميزها، لكنها بقيت رهينة التفكير الغربي الذي أخذ بالحوادث الفردية وعممها على دول كاملة بهدف إسقاطها، بينما حقوق الإنسان في الغرب أكدت لنا أنها مجرد مصطلحات سقطت مفاعيلها مع تفجُّر الأوضاع جراء الممارسات العنصرية، سواء من الشرطة الفرنسية أو الأمريكية، وأبرزها العنصرية تجاه السود أو المسلمين إذ بينت حقيقة هذه المصطلحات التي يعمل بها الغرب ويريد تطبيقها على الدول العربية والإسلامية عبر تدمير الدول وإسقاطها تحت هذه الذريعة.
*مستشار قانوني – الكويت.
مصدر الصورة: منظمة العفو الدولية.
موضوع ذا صلة: الأمم المتحدة ودورها في قضايا حقوق الإنسان