حوار: سمر رضوان

في خطوة وصفها البعض بالمفاجئة، إنضم المغرب إلى قطار “التطبيع” ليصبح البلد الرابع في العالم العربي الذي يعلن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، هذا العام توقيعه إتفاقية مع إسرائيل بعد كل من الإمارات والبحرين والسودان.

عن هذه الخطوة وردود الأفعال تجاهها خاصة بين الجزائر والمغرب، سأل “مركز سيتا” الأستاذ صلاح الداودي، منسق شبكة باب المغاربة للدراسات، حول هذا الموضوع.

فوضى متعددة

من الطبيعي أن الإختراق الصهيوني – الأمريكي الكبير لا يتعلق بمجرد تطبيع العلاقات العلنية مع المملكة المغربية، وإنما في إطلاق عملية سيطرة إستخبارية واسعة على الصحراء الغربية، وفسح المجال للعدوين الصهيوني والأميركي من أجل تكثيف نشاطتهما مباشرة وعن قرب، عبر أصدقاء كيان العدو الصهيوني الذين فتحوا لهم قنصليات في منطقة العيون.

ما يعني أن حركة العدو وتمركزه ستتعمق، وربما يصل الأمر إلى إستحداث قواعد عسكرية ومراكز تدريب وغير ذلك من البنى العسكرية التحتية المساعدة في السيطرة على جزء من المنطقة وإدارة العدوان والهيمنة على مناطق معينة في الساحل والصحراء والشمال الأفريقي وعموم أفريقيا، خاصة وأن الطوق سيطال الداخل الموريتاني (الصحراء الكبرى) ويربط حلقات الطوق الجيو – سياسي الممتد من سواحل الأطلسي إلى سواحل المتوسط، مروراً بالنيجر ومالي وتشاد وليبيا والسودان ومصر، بحيث تعلق كل من الجزائر وتونس كشبه جُزر معزولة داخل هذا القوس “الكماشة”.

كل هذا، يقضي أولاً على حلم الإتحاد المغاربي، ويطلق العنان لمشروع شمال أفريقي صهيو – أميركي جديد تقسيمي أو انفصالي أو حتى إحتلالي، ثانياً، ولا يكون ذلك إلا بإطلاق برنامج فوضي متعددة الأذرع ومتعددة الأشكال حسب الأهداف الاستراتيجية.

سيناريوهات مرجَّحة

لا يمكن حل هذه القضية لا بالقوة العسكرية ولا بفرض سيطرة أمر واقع لمجرد أن الولايات المتحدة قالت ذلك، ولا يمكن أيضاً تهجير الصحراويين قسراً، أو فرض حرب إستنزاف وإبادة عليهم وأو تطهير عرقي أو حشرهم في مربع جغرافي معزول؛ بالتالي، إن ترنح هذه القضية بين الكر والفر، من جهة، وبين محاولات إعادتها إلى أنظار الأمم المتحدة، من جهة ثانية، هو السيناريو الأرجح وطويل الأمد.

بمطلق الأحوال، لا يمكن أن يستسلم الصحراويون بعدما تم تحييد موريتانيا من وقت طويل ويتم الآن وضع الجزائر أمام لغم كبير بغية إخراجها من المشهد. وعلى ذلك، فإن ضرب مشروع الوحدة مغاربياً وأفريقياً، والمراد به تدمير الحل الوحدوي الإندماجي، سيرفع مستوى وعي شعبنا المغاربي برهانات البناء على أولوية مقاومة العدو الخارجي المشترك، وسيمهد لمرحلة الحل الذي لن يكون واضحاً وممكناً إلا بعد تصفية الوجود الصهيوني في المنطقة ومعه إخراج الكيان الأميركي الإرهابي مهما كلف ذلك من وقت ومن تضحيات من المشرق إلى المغرب.

أطراف تؤجِّج الصراع

كل الأطراف المعادية، أي الصهيونية والأمريكية والأوروبية الإستعمارية والخليجية المطبعة وعن طريق أدوات الإرهاب وشبكات عملائها في الداخل المغربي والجزائري، بلا شك تحاول كلها إسقاط المغرب والجزائر في فخ المواجهة المباشرة، أو بالوكالة، بعد أن ضلعوا من وقت طويل في منع التكامل وفرض جدار من الفصل بينهما؛ بالتالي، منع تحقيق أي تعاون مغاربي فعال.

إن التدحرج التدريجي نحو صدام حدودي مصطنع، نتيجة دفع معين للتوتر، قد يجعل من مجرد حادث أو خرق أو تحرش قادحاً لمواجهة ممكنة في أي وقت. غير أن التحشيد العسكري من الجهتين ومحاولة تعزيز القوة العسكرية للبلدين التي تجري على قدمٍ وساق من سنوات، لا يمكن لوحدها أن تسوغ أي تهور من أية جهة.

لذا، مهما تكن درجة إقتراب العدو من حدود الجزائر، وبالمقابل مهما تكن قدرتها على العمل خارج حدودها، فإنني لا أظن بأن “المغامرة” واردة في الأشهر المقبلة. كما ومن الممكن أن يطور حلفاء الجزائر، وخاصة روسيا، رؤية ما لتطويق التوتر.

مصدر الصورة: موقع البوابة.

موضوع ذا صلة: المغرب والبوليساريو: طبول حرب زائفة أم تهديد جدي؟