ميتشل بارد هو من عتات الصهاينة المعاصرين، وله موقع يبث منه “سمومه” الصهيونية؛ ولذلك، تعقبت هذا الموقع الذي بسّط فيه الأمور، فيقدم ما يسميه الأسطورة – Myth، ثم يقدم الحقيقة مقابل هذه الأسطورة كما يراها، والحقيقة أن ما يسميه الأساطير هي الحقائق وما يسميه الحقائق هي الأساطير.

من هنا، رأيت أن أنبّه الرأي العام العربي إلى هذه “الأحابيل” الصهيونية التي أحدثت – بلا شك – لغطاً شديداً بين العرب من ضعاف العقول والإيمان، لأن إسرائيل مشروع استعماري إحلالي استيطاني، وأن هذا المشروع – كما بدأ – سيزول ولكنه يتطلب أوراق القوة في المشروع العربي المقابلة لأوراق القوة الصهيونية، وهذا موضوع مقال آخر في هذه السلسلة.

ونعرض للأساطير والحقائق – كما سجلها ميتشل بارد في موقعه الذي تنشره المواقع وأجهزة الأعلام الصهيونية – وأخشى أن تنشر أجهزة الإعلام العربية، في بعض الدول، هذه الخرافات الصهيونية، وقد أخترت أهم أساطيره وحقائقه لكي نعرضها على القارئ العربي بوضوح.

الأسطورة الأولى أن إسرائيل هي المسؤولة عن حصار غزة وهي الحقيقة، وغير ذلك هو الأساطير. يقول ميتشل بارد إن إسرائيل ومصر تجاوران غزة، ويتهم الأخيرة بأنها هي التي تفرض الحصار على القطاع، ويلحق بهذه الأسطورة أن إسرائيل لا تقدّم لغزة الرعاية الصحية، فهو يريد أن يقول أن إسرائيل تغرق غزة بالمظلة الصحية وواضح ما في هذا الاقتراح من جرأة على الحق؛ فسبب تعاسة غزة وفقاً للتقارير الدولية هي سلطة الاحتلال التي انسحبت القطاع ولكنها تحاصره من جميع الجهات، وتوالي الاعتداء عليه، كما أنها تضيق على كافة سكانه وهدفها الأساسي أن يتوصل سكان غزة إلى قناعة بأن احتضانهم للمقاومة هو السبب في محنتهم؛ فإذا أرادوا العيش بأمان والازدهار الاقتصادي، عليهم أن يتخلصوا من المقاومة وأن إسرائيل ستساعدهم في ذلك.

الأسطورة الثانية تنفي أن إسرائيل متهمة دولياً بقتل الصحفيين، ويتهم الفلسطينيين بقتلهم لإحراج إسرائيل. وقد أكدت التقارير الدولية أن الصحفية الفلسطينية المقدسية شيرين أبو عاقلة قد قتلها الجيش الإسرائيلي بالرصاص الحي.

الأسطورة الثالثة أن الفلسطينيين يدّعون أنهم لا ينتهكون حقوق الإنسان بينهم، وأن السلطة الفلسطينية تدين الإرهاب والحقيقة هي أن السلطة الفلسطينية – كسائر النظم العربية – لا تحترم حقوق الإنسان لكنها تدين الإرهاب، مع أن الأخير – في بعض أسبابه – ناجم عن تجاوز حقوق الإنسان، ولكن هذه رابطة بين المواطن وحكومته؛ فما دخْل إسرائيل في هذا الموضوع؟ صحيح المقارنة واردة بين إسرائيل والحكومات العربية من حيث أنها تحترم حقوق الإنسان وتعتبر أن المقاومة بالاحتلال إرهاب، بينما الحكومات العربية لا تحترم القانون والدسور.

الأسطورة الرابعة ينفي أن يكون اليهود مسؤولين عن النكبة العام 1948، وأن يوم النكبة لا علاقة له بالسلام، والحقيقة هي أن العصابات الصهيونية هي التي مارست الإرهاب على أهل فلسطين، وهي التي أضطرتهم للجوء، وأن قيام إسرائيل على بيوتهم هو النكبة بالنسبة للفلسطينيين. عن هذا اليوم، تزعم إسرائيل أنه يوم الاستقلال، وللاسف فإن السفراء العرب في إسرائيل يحضرون الاحتفال في هذا اليوم، ويقدسون العلم والنشيد الإسرائيلي الذي يتحدث عن إبادة العرب كـ “الفئران”، كما أن المسؤولين في الدول العربية – التي اعترفت بإسرائيل – يدعون إلى احتفالات السفارات الإسرائيلية في تلك الدول، ويفعلون ما يفعل زملاؤهم فى إسرائيل.

الأسطورة الخامسة هي نفي أن أهل الكتاب كان لهم حماية تحت الحكم الإسلامى، ونفى أن إسرائيل تضطهد المسيحيين والتاريخ يكذّب ما يقول، كما أن الحوادث الأخيرة – ضد المسيحيين في فلسطين – تقطع بأنه لا يقف على الحقيقة.

الأسطورة السادسة هو نفي أن إسرائيل تدنّس المسجد الأقصى وتمنع الفلسطينيين من الصلاة في شهر رمضان، أما التدنيس فيقوم به المستوطنون. كذلك، مسألة منع المصلين – عن طريق الشرطة الإسرائيلية – من الدخول إلى الحرم القدسي قد ورد هذا ضمن تقارير المنظمات الدولية.

الأسطورة السابعة نفى أن واشنطن دائماً تدعم إسرائيل في الأمم المتحدة وهذا يسهل تكذيبه من خلال عدد مرات استخدام الفيتو الأمريكي وكلها لحماية إسرائيل من الادانة.

الأسطورة الثامنة أن إسرائيل طردت ملايين الفلسطينيين، والحق أن إسرائيل طردت أكثر من ذلك خارج بيوتهم وخارج أرضهم، كما أنها إعتقلت نصف الشعب الفلسطيني، على الأقل، وأساءت معاملتهم في السجون تنفيذاً لبرنامج الإبادة الجماعية الذي تبنته إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

الأسطورة التاسعة أن إسرائيل لا يجب أن تعاقب مثل روسيا، والواقع أنها يجب أن تعاقب أكثر من روسيا، وأن الفيتو الأمريكي – الأوروبي هو الذي يحميها، فهي ترتكب الجرائم في فلسطين مخالفة قرارات الأمم المتحدة؛ أما روسيا في أوكرانيا فتسد الثغرة الأمنية – كما تقول موسكو – التي يستخدمها الغرب ضدها في إطار الصراع بين الطرفين لأكثر من قرنين من الزمان.

الأسطورة العاشرة هي نفي أن إسرائيل أنشأت حركة “حماس”، ومصدر هذا الخبر هو إسرائيل نفسها حتى تلقي الغبار على الحركة ونضالها ضدها.

هذه الأساطير وغيرها مما تبثه المواقع الاسرائيلية يخترق العقل العربي في رابعة النهار؛ ولذلك، وجب حماية العقل العربي من أكاذيب اسرائيل.

مصدر الصورة: ويكيبيديا.

موضوع ذا صلة: أبعاد المؤامرة الصهيونية على الإسلام والمسلمين.. إلغاء صفة الدول الإسلامية؟

د. عبدالله الأشعل

سفير سابق ومساعد وزير الخارجية الأسبق / أستاذ محاضر في القانون الدولي والعلاقات الدولية – مصر