إبراهيم أسعد*

لا يزال المحور المعادي لروسيا يراهن على مدى قوة العلاقات الروسية – السورية، خاصة في الجانب الإقتصادي منها، بعد أن برز إلى سطح العلاقات شعور بعدم الإرتياح في موسكو، بالنظر إلى أن هناك جهات تقف عائقاً لجهة عد الإيفاء بالإلتزامات المبرمة بين الجانبين لبعض العقود الموقعة ولم تنفذ بعد.

في يناير/كانون الثاني 2020، عقد الإجتماع الذي طال انتظاره بين الرئيسين السوري، بشار الأسد، الروسي، فلاديمير بوتين، في دمشق. ناقشت وسائل الإعلام بشكل مكثف التعاون الناجح بين البلدين في مكافحة الإرهاب، في المقابل تم إيلاء اهتمام أقل للتعاون الإقتصادي بين البلدين.

من ناحية، ستقدم روسيا، في العام 2020، مساهمة طوعية لمرة واحدة لصندوق برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة بمبلغ يصل إلى 20 مليون دولار من أجل الغذاء لسكان سوريا. بالإضافة إلى ذلك، يتطور التعاون مع الأقاليم والمناطق الروسية. على سبيل المثال، في الآونة الأخيرة وقعت طرطوس السورية وسفاستوبول الروسية اتفاق تعاون، وأعلنت محافظة موسكو عن رغبتها في تطوير التعاون.

من ناحية أخرى، في الأشهر الأخيرة، ذكرت مصادر مختلفة تمثل المصالح الإقتصادية الروسية في دمشق أنها تعاني من صعوبات. عندما تمت دعوة رجال الأعمال الروس إلى البلاد، تم إبرام العديد من الإتفاقات ذات المنفعة المتبادلة. في الوقت الحالي، تم تجميد العديد منها، ولم يتم إطلاق مشاريع جديدة.

تشكو الشركات الروسية من أن الجانب السوري لا يفي بإلتزاماته التعاقدية. هناك أيضاً صعوبات أثناء العمل في سوريا تعاني منها شركات حليفة هامة، مثل شركتي “يورو بوليس” و”ترانس ستروي غاز”، ناهيك عن الصعوبات التي يعانيها قطاع الأعمال التجارية الصغيرة الروسية.

في هذا الشأن، يؤكد رجل أعمال روسي أن هناك صعوبات أثناء العمل في سوريا، لكن مع ذلك يواصل الجميع البحث عن خيارات للتفاعل مع السلطات السورية. قد يؤدي عدم القدرة على تنفيذ مشاريع متبادلة المنفعة إلى أن تسأل موسكو عن مدى جدوى العمل في بلدنا ودعم قيادته؛ فبسبب هذا الدعم، تضطر روسيا إلى مواجهة صعوبات في التفاعل مع البلدان الأخرى في المنطقة والغرب.

سوف تعتمد الخطوات الروسية اللاحقة على مدى تطور ظروف عمل قطاع الأعمال التجارية الروسية في سوريا مستقبلاً وهل ستتغير نحو الأفضل؛ فإن لم يتغير مناخ الأعمال القائم الآن، قد تبقى سوريا دون دعم من قبل حليفها الوفي الذي تدخل بشكل رسمي وبطلب من الحكومة السورية للمساعدة في مكافحة الإرهاب بلإضافة إلى ووقوفه إلى جانبها على الصعيدين السياسي والعسكري وتذليل كل العقبات لإيجاد مخرج ينهي الأزمة والحرب في سوريا.

من هنا، يتوجب على سوريا تذليل الصعوبات التي تعترض المستثمرين الذين قرروا الدخول في مجال الأعمال وسط أجواء مشحونة وغير مستقرة، بما يعود بالنفع على الجانبين لا أن تعيق الأعمال التي من شانها تطوير الإقتصاد السوري الهش، كما في الحالة الروسية، خاصة وأنه الحليف الأقرب إلى دمشق. فإجراءات التعطيل وعدم المرونة في التعاون المتبادل من شأنها أن توقف مشاريع ضخمة، كالمحطات الكهربائية على سبيل المثال لا الحصر، وأن يخيف هذا الوضع دولاً أخرى تريد الإستثمار في سوريا، سيما وأن هناك “شهية” غربية مفتوحة للدخول في مشاريع إعادة الإعمار.

مع وجود تلك الإشكالات، يبدو أن هناك يقيناً بوجود جهات تقف خلف محاولة إلحاق الضرر بسوريا؛ فمع التوازي بين العمليتين السياسية والميدانية، لا بد أن تتحرك العجلة الإقتصادية ليحدث توازن يخفف من أعباء الشعب السوري لا أن يزيده. والسؤال هنا: من هو المسؤول عن هذا التعطيل؟ وما هي المبررات؟ وهل هذا الأمر يؤثر على العلاقة الروسية – السورية؟

أسئلة مشروعة تحتاج إلى متخصصين للإجابة عنها، أو أننا سنكون امام مشهد مستقبلي ضبابي لا يختلف عن الإرهاب الذي تعاني منه سوريا.

*كاتب ومحلل سياسي سوري – موسكو.

مصدر الصورة: روسيا اليوم.

موضوع ذا صلة: “مؤتمر الأمن الدولي”: نقاشات في مكافحة الإرهاب والإعمار والتعاون المشترك