تعريب وتعليق: مركز سيتا
يرى سيمون جنكينز، الكاتب في صحيفة “الغارديان” البريطانية، أن الأزمات عادة ما تشكل “فرصة”، إذ لاحظ أن أنظمة المحاكم، في مقاطعتي إنجلترا وويلز، “تقترب من الإنهار”. يشير الكاتب إلى إحدى تأثيرات جائحة “كوفيد – 19″، على الصعيد القضائي، حيث تتراكم حوالي 457 ألف قصية بزياد 100 قضية في زمن الوباء، والسبب في ذلك يعود إلى أن أكثر من نصف محاكم هاتين المقاطعتن، البالغة 410، تعتبر “غير آمنة” أو “غير صالحة للإستخدام”، ذاكراً أن عدد الموقوفين على ذمة التحقيق هو 12% فقط، أما الباقون فهم “طلقاء”.
ويعدد جنكينز بعض النقاط المهمة التي حذر منها جاستن راسل، كبير مفتشي المراقبة، سواء سحب الضحايا للقضايا المرفوعة لـ “فقدانهم الثقة” بالقدرة على الوصول إلى حقهم أو صعوبة تذكّر الشهود للأحداث خصوصاً إذا ما مر على القضية وقت طويل، وهو ما يعني إنهياراً عملية سير المحاكم، كما أن قيام القضاة بعملهم عبر الإنترنت، لا سيما في القضايا الخطرة والحساسة، لن يعوّض هذا الأمر.
من هنا، يرى الكاتب أن هناك فرصة حقيقة أمام الحكومة للقيام بـ “إصلاح طال إنتظاره”، حيث يعتبر أن نظام المحاكمات، أمام هئية المحلفين، بات قديماً ويجب التخلي عنه إلا في بعض القضايا والحالات الإستثنائية.
ويروي جنكينز تجربته عندما كان عضواً في هيئة المحلفين، على مدى ثلاثة دورات، حيث يشير بأن هناك تساهل مفرط من قِبل الأعضاء وأن ليس لأكثرهم علاقة بالعدالة “إلا فيما خلا تشوييها”، طارحاً عدداً من الحالات التي مرت أمامه والتي تؤكد ما يقوله، ليختم الفقرة بالقول “كانت مهزلة”.
من هنا، ينتقد الكاتب إستمرار وجود هذه الهيئة التي إعتبرها من “بقايا الواجب المدني في العصور الوسطى”، وأن العمل بها لم يعد موجوداً إلا في بعض المستعمرات البريطانية السابقة، كالولايات المتحدة وكندا وأستراليا، مشيراً إلى أن بعض الدول الأوروبية تلجأ إلى هذه الهيئة في الأمور تخص الرأي العام.
وفيما يخص معدلات الجريمة والعقاب، إنجلترا وويلز، فهي تعد “من بين أسوأ المعدلات في أوروبا الغربية”، معللاً ذلك بنظام هيئة المحلفين الذي “يقارن بين الذنب والعقوبة” حيث أن القضاة أيضاً يميلون إلى السير بالإتجاه نفسه. في هذا الشأن، يرى جنكينز أن نظام بلاده “مهووس بعقوبة السجن”، في حين أن هذا الخيار يعتبر الملاذ الأخر في الكثير من الدول لا سيما الإسكندنافية وألمانيا، حيث وصل الأمر بكينيث بيكر، وزير الداخلية السابق (من المحافظين)، للقول بأنه “سئم من إكتظاظ السجون” لدرجة أنه فكّر بـ “تخصيص عدد ثابت من الزنازين شهرياً لكل قاضٍ”.
هذا الأمر تؤكده جهات كثيرة أخرى، حيث تعتبر أنه بات من الضروري مراجعة النظام القائم لا سيما فيما يخص إعتماد الحكم على هيئة المحلفين، التي قد يميل أفرادها إلى “تجريم الأبرياء بحسب العواطف التي تحركهم”.
وعن أنواع القضايا التي تعرض عليها، يرى جنكينز أنه معظمها يدور حول أمور عصرية وعادة ما تكون تقنية أكثر منها تقييمية، حيث أن الهيئة لا تستطيع دائماً تقديم تفسير قانوني واضح ضمن قرارتها، ما يفتح الباب أمام عملية إستئاف الأحكام الصادرة والآخذة بالإزدياد. وضع هيئة المحلفين هذا، حدا ببعض المحامين لوصفها بأنها “مصنع بتكلفة باهضة”.
هذه النقطة بالذات هي نقطة صحيحة خصوصاً وأن أعضاء الهيئة يتم إختيارهم عشوائياً، ما يعني أن العديد منهم غير مختص للبحث في الكثير من الجرائم، خصوصاً تلك التي تتعلق بأمور تكنولوجية أو تقنية وتحتاج إلى أشخاص ذوي خبرة وليس أشخاص عاديين للحكم فيها.
من خلال كل ما سبق، يرى الكاتب أن هذه المؤسسات، ومنها الهيئة، “آخذة بالتآكل”.
المصدر: الغارديان.
مصدر الصورة: العربي الجديد.
موضوع ذا صلة: معضلة الجزاء في نطاق السلطات الإدارية المستقلة