د. عبدالله الأشعل*

بما يخص السياسة الخارجية، فهي تشمل العلاقات الدولية والاقتصاد الدولي، والعلاقات الدولية تتوزع إلى شرائح متعددة، منها التجارية والاستثمارية والعسكرية والأمنية والنقدية والمالية والدبلوماسية وغيرها.

وتشمل العلوم السياسية كلاً من القانون الدولي والمنظمات الدولية والنظم الدبلوماسية وقانونها والموظف الدولي والقضاء الدولي والمحاكم الدولية والقانون الدولي لجميع فروع المعاملات الدولية، منها الهجرة واللجوء ومعاملة الأجنبي والقانون الدولي الإنساني والدولي لحقوق الإنسان فضلاً عن القانون الدولي للمرافق الدولية والممرات المائية والطيران والقضاء الدولي وأنواع المحاكم، والإجراءات القضائية أمام المحاكم الدولية وتسليم المجرمين والجرائم العامة الدولية ،أنواع اللجوء وصور عدم الإفلات من العقاب، والقانون الدولي للأنهار الدولية، والقانون الدولي للبحار وغيرها مما يقرب من خمسين فرعاً، وتبدأ بالدولة والحكومة والإعتراف الدولي بهما واحوالهما ومنازعات الحدود الدولية وطرق تسوية المنازعات السلمية ونظرية السيادة وأعمال السيادة وتطبيقاتهما، وبعد ذلك يأتي تطبيق فروع القانون الدولي ومصادره داخل النظام القانون الداخلي وتحدياته، وتنفيذ الأحكام الدولية والأجنبية سواء الصادرة من المحاكم القضائية أو أحكام التحكيم.

ومما يذكر أن الدراسات الدولية السياسية هي التي تدخل في مقررات العلوم السياسية مع الفروع الداخلية السابق الإشارة إليها، وكانت كليات الحقوق تفصل بين السياسة والقانون واحتكرت في مصر تدريس فروع القانون، واعتبرت القانون الدولي عضواً في أسرة العلوم القانونية وأغفلت طابعه ونشأته السياسية وعلاقته بالسلطة.

ولكن برامج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية أدركت العلاقة العضوية بين القانون والسياسة؛ ولذلك، أدرجت القانون الدولي والمنظمات الدولية والقانون الدبلوماسي ضمن مقررات الأعوام المختلفة.

والحق أن الدولة، كما قدمنا في الحلقة الأولى، هي النواة المشتركة للقانونين الداخلي والدولي وكذلك العلوم السياسية، لأنها الإطار السياسي والقانوني الذي تمارَس فيه السلطة في الداخل والخارج مع اختلاف نطاقهما.

من خلال ما سبق، لا بد من تطبيق منهج تكامل المناهج في دراسة السياسة والقانونinter-disciplinary approach، لذلك درجت بعض الجامعات العربية والأوروبية والأمريكية، التي تأخذ بهذا المنهج بالطبع، على دمج كلية الحقوق مع العلوم السياسية وهذا واضح في العراق والجزائر والدول العربية الأخرى المتأثرة ببرامج الدراسات الأوروبية.

وفيما يلي، نقدم كلمة موجزة عن هذه الفروع الخارجية علماً بأن تطبيقات هذه الفروع يختلف التركيز عليها من منطقة لأخرى حسب احتياجات هذه المناطق.

مثلاً، في المنطقة العربية من الواضح أن قانون الهجرة يعتبر هاماً لها نظراً للهجرات العربية إلى أوروبا ونزوح اللاجئين العرب من جميع الدول العربية لظروف مختلفة أهمها ضعف الدولة، ودكتاتورية نظامها، والحروب الأهلية، وأيضاً الصراعات الدولية التي تتخذ من الدولة مسرحاً لتصفية الحسابات، أبرزها سوريا والعراق ولبنان، والمشاكل التي تثيرها إسرائيل في المنطقة، والإنشقاقات العربية بسبب الصراع أو التقارب من إسرائيل.

كذلك، يهتم العالم العربي بقانون البحار، خاصة في شرق المتوسط حيث ظهر الغاز والبترول. كما يهتم العرب بمشاكل المياه العذبة في الأنهار لأن الدول التي تقع مصادرها ومنابعها في أيد غير عربية، لا سيما تركيا وإسرائيل وإثيوبيا، قد تعاني من بعض المشاكل خصوصاً ما بين دول المنابع ودول المصب، وهو ما حدث طوال العقود الأخيرة، ولكن هنا أستطرد لأقول إن إسرائيل هي السبب في كل مشاكل العالم العربي، والمسؤولة عن تدهور اوضاعها ورعاية الإستبداد العربي بل إن واشنطن خططت سياساتها في المنطقة بحيث تلقي بكل ثقلها وراء إسرائيل.

أما موضوعات السياسات المقارنة فهي أوضح بالمنطقة العربية بعد أن تحول الإنتخاب، وهو وسيلة لإنشاء النظام الديمقراطي، إلى أداة لدعم الإستبداد العربي عن طريق الإبداع في صور التزوير ثم القانون الدولي لمكافحة الإرهاب، وكذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان حيث تشهد المنطقة أكبر الإنتهاكات لهذه الحقوق بسبب أزمات نظم الحكم فيها.

وبيما يخص نظرية الصراع الدولي ووسائل تسوية المنازعات، فقد وجدت تجليات كثيرة لها في المنطقة وأهم ملامح المنطقة هو الصراع بين الحاكم والمحكوم والثورات والإنقلابات انعكاساً لهذه الحالة.

أيضاً، تشهد المنطقة صراعاً بين القوى الدولية حتى صارت المنطقة ضحية هذا الصراع، خاصة وأن الأطراف الأساسية فيه هي أطراف أجنبية تعمل على تجنيد الأطراف المحلية، حيث يمكن القول أنها أقرب إلى “الحرب بالوكالة”. يأتي ذلك في وقت تعاني فيه المنطقة من التفتت وضعف عمل المنظمات الإقليمية فيها، وأبرزها الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي، وسبب الأزمة هو الإختراق الأجنبي للدول الأعضاء والتي تغير أدت إلى موازين القوى داخل هذه المنظمات.

أخيراً وعلى سبيل المثال لا الحصر، كانت مصر تعتبر “رمانة الميزان” في الجامعة العربية خلال ستينيات القرن العشرين؛ ولكن بعد هزيمة 1967، ظهرت دول الخليج وصارت هي التي تهيمن على السياسات العربية. لذلك، تراجع الصراع العربي – الإسرائيلي لصالح صراع جديد تريده إسرائيل وواشنطن في مواجهة إيران.

*سفير سابق ومساعد وزير الخارجية المصري الأسبق.

مصدر الصورة: العربي الجديد.

موضوع ذا صلة: مبادئ الثقافة السياسية الداخلية